ليس في القانون السوري ما يسمى عقوبة التحرش!! … أزمة النقل تعزز ظاهرة التحرش بالنساء.. محام: عقوبة المتحرش تصل إلى السجن 3 سنوات
| دارين يوسف
تعد جريمة التحرش أو الخروج عن الآداب العامة إحدى السلوكيات السلبية الموجودة في المجتمع إلا أن أزمة النقل من حيث قلة عدد وسائل التنقل وشبه انقطاع للمواصلات خلال ساعات المساء عززت من انتشارها. كما أن غلاء المحروقات وارتفاع أجرة التكاسي فرضا على النساء التنقل بوسائل النقل العامة وبسبب الازدحام على مواقف الباصات وضمن هذه الآليات التي تحمل أعداداً كبيرة من الركاب يفوق العدد المخصص لها بكثير كل ذلك شكّل بيئة مؤاتية للمتحرشين.
وللوقوف على إحصائية حديثة عن عدد وسائل النقل العامة العاملة في سورية، أوضح المكتب الصحفي لوزارة الإدارة المحلية والبيئة في تصريح لـ«الوطن»، أنه لا توجد حالياً إحصائية دقيقة وحديثة لعدد وسائل النقل الداخلي في سورية، مؤكداً أن الوزارة حالياً بصدد الإعداد لإحصائية بهذا الشأن ستعلن عنها قريباً.
ولعلّ الأكثر معاناة وشكوى من التحرش هن النساء العاملات والطالبات ممن يضطررن للخروج من المنزل يومياً، تروي ريم تجربتها، قائلةً: إن المواصلات باتت جحيماً لا يطاق خاصةً خلال فترة المساء وإن مشهد التحرش والمضايقات يتكرر بكثرة خلال استخدامها لباصات النقل الداخلي والسرافيس سواء معها أو مع غيرها إذ تصل الإساءة لدرجة لمس أماكن حساسة من جسد الفتاة أو جسد المتحرش بها والتلفظ بكلمات خادشة للحياء أمام عيون الركاب ممن اكتفوا بالمشاهدة، مؤكدةً أنه في بعض الحالات كان المتحرش السائق نفسه.
أما دينا فكانت لها قصة مختلفة إذ ساقها القدر في إحدى المرات للجلوس إلى جانب المتحرش في السرفيس ليعمد الأخير بعد دقائق إلى التحرش بها ويقوم شاب آخر كان برفقته بتصوير المشهد عبر كاميرا هاتفه وخلال انفعالها وصراخها ومطالبتها للركاب والسائق بمساعدتها على تسليم المتحرش للأمن الجنائي لم يحرك أحد ساكناً بل قام السائق بإيقاف السرفيس، مدعياً أنه سيحل المشكلة لتفاجأ بإنزاله المتحرش وصديقه من السرفيس مُسهلاً لهما طريق الهروب ويتابع بعدها سيره.
وحول العقوبة التي حددها القانون السوري لمرتكبي جريمة من هذا النوع، قال المحامي محيي الدين حلاق لـ«الوطن»: إن المادة 505 من قانون العقوبات العام تنص على أن «من لمس وداعب بصورة منافية قاصراً أو امرأة لها من العمر أكثر من 15 عاماً من دون رضاها عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف السنة».
وأضاف: لا يوجد في القانون السوري ما يسمى جرم التحرش، وإنما التعرض للآداب والأخلاق العامة، مبيناً أنه بحسب المادة 518 من قانون العقوبات العام يُعاقب على التعرض للأخلاق العامة بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، وتشدد العقوبة إذا كان الجرم مرتكباً بحق من لم يتم الخامسة عشرة من عمره وتشدد للحد الأعلى إذا كان من وقع عليه الجرم لم يتجاوز التاسعة من عمره.
وتابع حلاق: إنه نتيجة لتردي الأخلاق نعم هناك زيادة بهذه الحالات ولكن بسبب العادات والتقاليد، هناك عدد كبير لا يتقدم بشكوى بهذا الموضوع إلا إذا كانت هناك حالة جرم مشهود ويتم إلقاء القبض على الفاعل من الناس بناءً على صراخ المعتدى عليه، ويتم تنظيم الضبط من عناصر الشرطة بعد تسليم الفاعل من الناس ليصار بعدها لتقديمه إلى القضاء المختص.
من جهتها، تقول الخبيرة الاجتماعية الدكتورة سمر علي لـ«الوطن»: إن تفشي ظاهرة التحرش يعود لعوامل عدة منها ما يتعلق بالفرد ومنها بالمجتمع فسكوت المرأة وخوفها من الدفاع عن نفسها يدفعان المتحرش للتمادي، كذلك صمت المجتمع عن هذه الحالات وعدم الاستجابة لنداء المساعدة الذي تطلقه السيدة يشجعان المعتدي على الاستمرار بمضايقاته، وأيضاً قلة الوعي القانوني لدى النساء بأهمية المواجهة وتقديم شكوى قانونية.
وأضافت: إن الكثير من النساء يخشين تقديم شكوى بسبب الخوف من الفضيحة ولوم المجتمع لهن ففي بعض الحالات يعتبر البعض أن لباس المرأة والتزين والجمال سبب للتحرش بها، علماً أن المتحرش لا يميز بين النساء من ناحية العمر والملابس لكون فعل التحرش يُنم عن مشكلة مرضية لدى المتحرش وخلل في نموه النفسي وتربيته الاجتماعية.
وتابعت: إن قلة التوعية الجنسية وانعدام الرقابة العائلية واستغلال حالة الازدحام في المواصلات وغيرها تتيح للمتحرش فرصة لممارسة فعله الشنيع الذي تعززه المواقع الإباحية ورفاق السوء ممن يتنافسون للتحرش بالنساء، ضاربين عرض الحائط بالأثر النفسي الذي يتركه التحرش لدى النساء.
وللحد من هذه الظاهرة أكدت علي تعزيز دور القانون في معاقبة المتحرش وعدم التساهل بذلك، وتعزيز دور الإعلام في نشر التوعية الاجتماعية لمواجهة التحرش في وسائل النقل وأماكن أخرى.