اقتصاد

قديش الساعـة؟ «قبل تأخيرها.. أم بعـد تقديمها»!

| د. سعـد بساطـة

هنالك ارتباط اقتصادي وثيق بين حجم الموارد من جهة؛ وزمن وتوقيت استثمارها من جهة أخرى.

وقد كثر اللغط مؤخراً حول البدء بالتوقيت الشتوي؛ واقتراب تأخير الساعـة ثم حسمت الجهات الحكومية الأمر بإلغاء المشروع بأسره. ولكن ما حكاية (تقديم الساعـة وتأخيرها)!؟

التوقيت الصيفي هو تغيير التوقيت الرسمي في البلاد لمدة عدة أشهر من كل سنة. يتمُّ تقديم عقارب الساعة بستين دقيقة، ويجري العـودة للتوقيت الشتوي بموسم الخريف. الهدف من زيادة ساعةٍ للتوقيت الرسمي هو تبكير أوقات الشغل والفعاليات العامة الأخرى، لكي تنال وقتاً أكثر أثناء ساعات النهار التي تزداد تدريجياً من بداية الربيع حتى ذروة الصيف، وتتقلَّص من هذا الموعد حتى ذروة الشتاء. تحقَّقت فكرة التوقيت الصيفي لأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث أجبرت الظّروف لاستنباط وسائل جديدةٍ للحفاظ على الطاقة. فكانت ألمانيا أول بلدٍ أعلنته، وتبعتها بريطانيا بعد فترة قصيرة.

كمجتمعات حديثة تعمل على أساس التوقيت القياسي بدلاً من التوقيت الشمسي، فإن معظم الناس لا يقومون بضبط جداولهم وفقاً لحركة الأرض بالنسبة للشمس.

فعلى سبيل المثال مواعيد العمل والدراسة والنقل تكون محددة في الوقت نفسه طوال العام، بغضّ النظر عن موقع الشمس. وعادةً ما تضيع ساعات شروق الشمس لأن أغلبية الناس يميلون إلى النوم في ساعات الصباح المبكرة، في حين إذا قاموا بتغيير هذا النظام إلى المساء بواسطة التوقيت الصيفي فسيمكنهم الاستفادة منها، فمن السهل على الناس الاستيقاظ مبكراً والاستفادة من ضوء الشمس؛ ولكن العـمالة -ولاسيما الزراعـية- تعـتمد العـمل من شروق الشمس لغـروبها؛ حيث يقول المثل)) في موسم التوت.. بيشتغـل العـامل حتى يموووت!».. ((حيث موسمه في آب أطول أيام العـام)).

أقتطف بالسياق ذاته تعـليقات ساخرة لزياد الرحباني حول الموضوع.. لشو نتلاعب بالساعـة تأخير وتقديم؟ منقدّم ساعـة ونتأخر سنين؟

مازال بعـض المديرين يدهشوننا بقراراتهم الخنفشارية كل ساعـة وكل يوم؟ غـيـّروا المديرين؛ لا تغـيـّروا الساعـة!

وصف الموظفون مديرهم الخامل بأنـّه مثل الساعة السويسرية.. فلما أبدى كثيرون استغـرابهم؛ تم التفسير الأمر بأنـّه (لا يقدّم ولا يؤخـّر)..!

للأسف نحن شعـوب الشرق الأوسط؛ بحالة استرخاء؛ ولا نلقي بالاً لمرور الزمن.

في البلدان الحديثة؛ لوضع خطة اقتصادية: نهتم بالموارد (بشرية. مالية. الخ) – وتحديد الهدف/أهداف- والأهم من كل هذا وذاك: عـنصر الزمن.

هذا وقد استنبط العـلماء ما سمي البعـد الرابع بعد أن كانت الإحداثيات ثلاثاً: طول وعـرض وارتفاع/أضيف لها الزمن (T)!

تبارى أطفال بالمدرسة لذكر بعـض المعـجزات؛ فتفوّق أحدهم بقوله: بابا يسبق الزمن؟ كيف ذلك..؟ ينصرف من عـمله(4) بعـد الظهر؛ ولكنه يصل للبيت الساعـة (3)!..

محام بإحدى الشركات المهمة؛ في منتصف الأربعـينيات من عـمره فوجئ بقرار تقاعـده يصل إلى مكتبه –بشكل غـير متوقع-؛ فلما أبدى احتجاجه للمدير؛ استدعـى الأخير شؤون العـاملين؛ وتبيـّن أنهم جمعوا ساعـات العـمل التي يضعـها بفواتيره لهم لقبض استحقاقها؛ فاستنتجوا أن عـمره: 67 سنة (فقط)..!

سئل آينشتاين لتفسير نظريته «النسبية» بشكل مبسـّط؛ فقال ضاحكاً: «الأمور في الكون نسبيـّة.. إذا جلست مع من تحب ساعـات، سترى الزمن يمر كأنه دقيقة، ولو كنت مع من تبغـض، تمر الدقائق الثقيلة.. كأنها ساعـات طويلة»!

أخيراً يمكن ضبط ساعـتنا البيولوجية الداخلية عـلى مواعـيد محددة؛ من دون أن نتأثر بتقديم أو تأخير الساعـة؛ ففي النهاية «ما العـمر إلا ساعات»

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن