الجنوب السوري والحل السياسي شكّلا محور لقاءات لافروف مع المسؤولين في عمان … تطورات إيجابية في الخطاب الأردني تجاه سورية وخطوات اقتصادية مهمة
| سيلفا رزوق
حطّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس الفائت في عمان في زيارة شرق أوسطية قادته أيضاً إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي.
زيارة لافروف للأردن التي بدت لافتة من حيث التوقيت، حيث جاءت بعد نحو ثلاث سنوات ونصف على زيارته الأخيرة، وتزامناً مع الانشغال الروسي بالعملية الخاصة في أوكرانيا، شكّل الملف السوري فيها محوراً أساسياً للمحادثات ولاسيما التي جمعته بالملك عبد اللـه الثاني ووزير خارجيته أيمن الصفدي.
اللافت في التصريحات الرسمية الأردنية كان التركيز على أهمية الاستقرار في جنوب سورية، حيث يشعر الأردن بالقلق نتيجة ازدياد عمليات التهريب ووجود بؤر إرهابية في هذه المنطقة، فدعا الملك الأردني لتثبيت الاستقرار في سورية، خاصة في الجنوب، وضرورة تفعيل جهود التوصل لحل سياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة سورية ويضمن عودة طوعية وآمنة للاجئين، في حين كشف الصفدي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف أن اللقاء بحث في «الخطوات المطلوبة لتحييد التهديدات المتمثلة بتهريب المخدرات والبؤر الإرهابية، وتوفير الحد اللازم من الاستقرار في الجنوب السوري»، واصفاً الوجود الروسي في هذه المنطقة بأنه «عامل استقرارٍ في هذه الظروف التي يبقى فيها الحل السياسي للأزمة هدفاً لم يتحقق»، مشدداً على ضرورة التنسيق الأردني – الروسي في التصدي للتحديات في الجنوب السوري.
مصدر دبلوماسي عربي متابع في عمان اعتبر في تصريح لـ«الوطن» أن الزيارة التي جرى التطرق فيها للشأن السوري بصورة كبيرة، حملت بعداً آخر ومهماً، وهو التأكيد على حيادية الموقف الأردني القائم تجاه الحرب في أوكرانيا والذي بدا أنه متوازن بصورة كبيرة، حيث أكد الأردن ضرورة وقف إطلاق النار والوصول لحل سلمي.
ولفت إلى أن موضوع الحدود مع سورية يشغل بال الأردن بشكل كبير، ولاسيما أن هناك اعتقاداً أردنياً بأن القوات الروسية قامت بعملية إعادة تموضع في تلك المنطقة، وهذه النقطة جرى التطرق لها بصورة مركزة، وعليه جرى طرح مصطلح «تحييد الجنوب السوري» على أمل أن تساعد القوات الروسية في تنفيذ هذا الأمر.
وأشار إلى أن المبادرة الأردنية للحل في سورية ليست جديدة وقد جرى طرحها في بداية العام، وتقوم على تشكيل لجنة عربية للتأكيد على ضرورة العملية السلمية والتخلص من الإرهاب في سورية، وعودتها لمحيطها العربي، لكن التطور اللافت اليوم هو تأكيد الصفدي ضرورة تخليص سورية من الإرهاب وهذا تطور مهم في الخطاب الأردني والذي يعترف اليوم بموضوع وجود الإرهاب في سورية، وما يجري فيها هو حرب على الإرهاب، وهو ما يمكن توصيفه بالتطور الإيجابي.
المصدر الذي استبعد إمكانية حصول تواصل رسمي بين الجانبين السوري والأردني في الأفق القريب، أشار إلى أهمية الخطوات المتتابعة بين البلدين على الصعيد الاقتصادي، والتي كان آخرها المنتدى الاقتصادي السوري – الأردني المشترك الذي استضافته دمشق، معتبراً أن من شأن هذا المنتدى تحسين العلاقات الاقتصادية والتي من شأن تعزيزها تشكيل عامل ضغط إضافي على الحكومة الأردنية لتحسين العلاقات مع سورية.
وفي تصريح مماثل لـ«الوطن»، اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني السابق، نضال الطعاني، أن الزيارة مهمة للغاية في ظل الأحداث السياسية والجيوسياسية المهمة الحاصلة في العالم كله وبعد انعقاد القمة العربية مباشرة والتي أخذ فيها البعد السوري دوراً مهماً، كذلك حازت سورية على حصة كبيرة في كلمة ولي العهد الأردني.
وبيّن أن الأردن يعتبر أن تهدئة الوضع في الجنوب السوري أمر في غاية الأهمية وما جرى من خفض للتصعيد في هذه المنطقة في وقت سابق كان ناجحاً جداً حيث كان لروسيا دور مهم في ذلك، مشيراً إلى أن الأردن يعاني اليوم من تهريب المخدرات، وهذا يدل على أن الوضع في الجنوب السوري والمنطقة الشرقية غير مكتمل أمنياً وهناك إرهاب وتطرف وبالتالي هذا الأمر يقلق الأردن.
وشدد الطعاني على أن الموقف الأردني ثابت تجاه سورية فهو مع وحدة كامل أراضيها والوصول لحل سياسي وهذا شعار الدولة الأردنية وهو ما جرى تأكيده للافروف، الذي أكد ضرورة عودة العلاقات الأردنية – السورية وعودة العلاقات السورية العربية، وحق السوريين في تقرير مصيرهم واحترام آراء جميع مكونات المجتمع السوري وضمان الحل السياسي للازمة في البلاد.
النائب الأردني شدد على أن بلاده طالبت منذ اليوم الأول للأزمة السورية بحل سياسي فيها ومن مصلحة الأردن وجود دولة قوية في سورية تهتم وتحافظ على الحدود الطويلة بين البلدين والبالغ طولها 376 كيلو متراً.
ولفت إلى أن الأردن كان طالب بضرورة أن يحصل على استثناء بما يخص ما يسمى قانون «قيصر» حتى تعود العلاقات السورية – الأردنية الاقتصادية كما كانت قبل عام 2011 وهو حريص على عودة العلاقات مع سورية لطبيعتها ضمن المنظومة الدولية والعربية.
وحول توقعاته لمستقبل العلاقات السورية – الأردنية، قال الطعاني: «من يطرح المبادرات اليوم هو الملك الأردني وولي عهده، وبالتأكيد سيكون فيها سماع لرأي كل الأطراف وخاصة رأي الدولة السورية»، معبراً عن اعتقاده بأنه سيكون هناك انفتاح بمستوى العلاقات السورية – الأردنية على مستوى أعلى من مستوى التواصل الأخيرين وزيري الدفاع في كلا البلدين، متمنياً حصول لقاء بين الرئيس بشار الأسد والملك الأردني ليتم وضع حلول ورؤية لكلا الدولتين في حل الإشكال السوري بصورة عامة.
وخلال المباحثات في أبو ظبي بين لافروف ووزير الخارجية الإماراتي عبد اللـه بن زايد، حضر الملف السوري أيضاً، كما أكد لافروف خلال لقائه المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون أهمية تنشيط الجهود الدولية لتنفيذ مشاريع التعافي المبكر لمرافق البنية التحتية الأساسية في سورية بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن الدولي 2642.