قضايا وآراء

فرصة العرب

| مازن جبور

التحديات الخطيرة والمتتابعة التي يشهدها العالم حالياً، والتي تنتظر تحولات كبرى في النظام الدولي، تمثل فرصة للعرب لبدء لعب دور بارز على صعيد الإقليم والعالم، يخرجهم من أتون التبعية، ويقدمهم في مشهدية من الندية مع باقي الفاعلين الدوليين على الساحة الإقليمية والدولية، وهو خيار يتطلب عملاً عربياً مشتركاً، أولى متطلبات نجاحه لم الشمل العربي.

بدا واضحاً السعي الجزائري للم الشمل العربي، انطلاقاً من حرصها على عودة سورية إلى دورها العربي الفاعل والرئيسي، كذلك عملها المتواصل على لم الشمل الفلسطيني، إذ عملت الجزائر خلال المرحلة الماضية على خطين متصلين، الأول حل الخلافات القطرية الداخلية ومثال ذلك اجتماع الفصائل الفلسطينية في الجزائر والوصول إلى تفاهمات حول تنسيق العمل الفلسطيني، والثاني، على صعيد النظام الإقليمي العربي من خلال التأكيد على موقفها الثابت من الحرب على سورية، ومساعيها لإعادة دمشق إلى ساحة العمل العربي المشترك، وإن لم تحضر سورية القمة العربية التي عقدت قبل أيام في الجزائر، فإن ذلك انطلاقاً من حرص دمشق والجزائر على امتصاص التشتت العربي وضعف القدرة على اتخاذ موقف موحد وثابت، موقف مشرف من الملف السوري، نظراً لتبعية القرار في بعض العواصم العربية، فكان واضحاً من زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى دمشق وما برز حينها من تقارير إعلامية حول أن الجزائر ستدعو سورية ومن يرد التغيب بسبب حضور سورية فهذا أمر يخصه، أن تفاهم دمشق الجزائر قاد إلى عدم حضور سورية حرصاً على عدم إحداث المزيد من الشروخ في الصف العربي.

يبدو مؤخراً بروز دور لافت للأردن في الملف السوري بدءاً من الانفتاح الأردني على دمشق، وصولاً لإعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي، وإلى لقاء الملك الأردني عبد الله الثاني يوم الجمعة الفائت مع زير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وبحث الجانبين للملف السوري، وسط تقارير إعلامية تتحدث عن مقترح جديد لحل الأزمة السورية قدمه العاهل الأردني لزعيم الدبلوماسية الروسية، وللمقترح أهمية خاصة لكونه يأتي بعد القمة العربية في الجزائر، أي قد يكون أحد مخرجات القمة، التي يرغب العرب بعرضها على دمشق عبر موسكو، نظراً لدورها الفاعل في التصدي للحرب الإرهابية على سورية.

لا تنفك زيارة وفد فصائل المقاومة الفلسطينية بما فيها حماس إلى دمشق، عن كونها إحدى علامات التقارب العربي مع دمشق، تقارب يشير إلى تفكير عربي إيجابي بدور فاعل وحقيقي في حل أزمات العرب عبر العرب أنفسهم، عراب هذا التوجه العربي الجديد هما الجزائر والإمارات العربية المتحدة، وهذه التحركات، أو بالأحرى هذا التوجه العربي الجديد عامل إيجابي، يكتمل بتحقيق نتائج ملموسة على الصعيد العربي.

ينسجم هذا التوجه العربي الجديد مع ما يبدو أنه توجه سعودي ومن خلفه خليجي بالعموم للاستفادة من سلاح العرب الرئيس في اعتلاء موقع متقدم على صعيد الإقليم والعالم، والمقصود هنا المواقف التي تتخذ ضمن منظمة «أوبك بلاس» التي ترأسها الرياض باعتبارها أكبر منتج للنفط في العالم، وهو ما بدأ يتحول إلى حالة خلافية غير مألوفة في المشهد الدولي بين الرياض وواشنطن، حالة تنسجم مع فرصة عربية لأخذ موقع مهم في النظام الدولي يتناسب مع إمكانات العرب وقدراتهم، لكنه يتطلب أولاً وأخيراً حل للقضايا العربية الخلافية، وعلى رأسها ملف الأزمة السورية.

لا بد من التأكيد هنا أن سورية كانت وبقيت وما تزال، مع القومية العربية، ومع هذا التوجه في تسخير المقدرات العربية لاتخاذ دور عربي فاعل على الساحة الإقليمية والدولية، دور يخدم القضايا العربية، وهي التي تمسكت بتلك القضايا رغم الحرب الإرهابية عليها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتبدو رسالة دمشق واضحة للعالم أجمع، أن القيادة السياسية السورية لا تنظر إلى الوراء، وأن تركيزها نحو المستقبل، المستقبل العربي الذي يبني دوراً عربياً فاعلاً في الإقليم والعالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن