بتجربة هي الأولى من نوعها افتتح غاليري «البيت الأزرق» في دمشق المعرض الفني «دمى من كرتون» بمشاركة ثمانية فنانين تنوعت أعمالهم ما بين الدمى واللوحات والأقنعة التي شكلت بخامة الكرتون وعجينة الورق بأسلوب مبتكر خارج المألوف أحيا في أذهان الزائرين ذكرياتهم الطفولية عن مسرح العرائس الذي برع هؤلاء الفنانون بإبداعهم المميز بربطه مع الفن التشكيلي ليقدم اليوم بصورة عصرية مبتكرة.
مسرح العرائس
بتصريح خاص لـ«الوطن» قالت مشرفة المشروع هنادة الصباغ: «هذه الفكرة كانت تراودني منذ زمن وأحببت من خلالها أن أقرب بين الفن التشكيلي ومسرح العرائس لأن ثقافة مسرح العرائس في بلدنا ضعيفة بعض الشيء، فأتيت إلى غاليري البيت الأزرق واقترحت المشروع ودعينا للورشة التي جذبت العديد من المشاركين، الذين تعرفوا إلى هذه الخامة وأحبوها واكتشفوا أنفسهم بها واستخدموا سطوحاً ودرجات لونية مختلفة من الكرتون وتعاملوا معها بعدة مدارس فنية من التكعيبية والتعبيرية والواقعية».
وأضافت: «الرسالة التي أريد توجيهها من خلال هذا المعرض هي توسيع ثقافة مسرح العرائس بين الأوساط الثقافية وما قدمناه اليوم سيكون مرشحاً في الكرنفالات والشوارع وأسعى لزيادة عدد الأكاديميين الذين يدرسون هذا الشيء ليصبح لدينا كوادر مؤهلة لهذا النوع من الفن، إضافة إلى ضرورة تغيير مفهوم أن مسرح العرائس مخصص للطفل فقط».
خارجة المألوف
وبينت الفنانة المشاركة زينب علي أن تجربة الدمى المتحركة كانت شيئاً جديداً وغير مطروق لصناعة عمل من مواد بسيطة خارجة عن المألوف قد تشكل لوحة أو مشهداً مسرحياً، مشيرة إلى أن التحضيرات لهذا المعرض استمرت لمدة شهرين وكان العمل يتم بشكل متواصل ويومي.
وأوضحت أن المعرض مقسم إلى الدمى الورقية والأقنعة من الكرتون وعجينة الورق وكل مشارك قدم دمية كبيرة تعكس توجهاته والمدرسة التي ينتمي فنه إليها.
فن حقيقي
كما أشارت الفنانة تايا عثمان إلى أن الخامة التي استعملت في هذه الأعمال هي بقايا الكرتون وعجينة الورق وهي مهمة جداً لكونها موجودة بكثرة ومن الممكن القيام بإعادة تدوير لها وهي من المواد الرخيصة أو حتى المجانية، لذلك كان الموضوع ممتعاً جداً إضافة إلى أننا لم نكن نتوقع أنه من الممكن صناعة فن حقيقي بهذه المادة البسيطة وعدد كبير ممن شاهدوا هذه الأعمال ظنوا أنها من الخشب.
وعن الأعمال التي قدمتها، قالت: «بدأنا عملنا بالماسكات وأنا اشتغلت «بورتريه» لجدتي ومن ثم انتقلنا إلى صناعة تمثال أو دمية لشخص بالحجم الكامل فصنعت دمية لإنسان عارٍ كبير بالحجم أخذ مني الكثير من الوقت والجهد، وكل فنان قدم لوحة إضافة إلى عدة موضوعات أخرى قدمناها بشكل جماعي».
أنماط مختلفة
أما الفنانة روان عودة فأوضحت أنها قدمت اليوم أنماطاً مختلفة بخامة الكرتون وفي البداية كان عندي بعض الشكوك حيال هذه المادة ومستخفة بقدراتها في إمكانية خلق عمل متكامل، لكن عندما جربتها تغير رأيي تماماً وصنعت شخصية المرأة العجوز ولوحة سميتها «الهروب» إضافة إلى ماسك دمجت فيه بين الإنسان والحيوان.
وأكدت على ضرورة تدريس خامة الورق والكرتون في كلية الفنون الجميلة لأن هذه الدمى من الممكن أن تدخل مجال الفن التشكيلي بشكل فعلي.
الأول من نوعه
كما قالت الفنانة ريم الماغوط: «معرض اليوم هو الأول من نوعه في سورية وتعرفنا خلاله إلى مادة جديدة هي الكرتون وعجينة الورق التي تقدم خيارات عديدة وإمكانات واسعة على الصعيد الفني واختبرناها للمرة الأولى على طريقة تصنيع الدمى التي تعتبر جزءاً من الفن التشكيلي».
وأضافت: «هذه التجربة جديدة وجميلة أتاحت لنا الفرصة لاختبار أدواتنا وقدراتنا بأن نصنع من مواد بسيطة وموجودة في كل مكان أشياء عظيمة وهذا يقودنا إلى فكرة أن الفن قد يخرج من اللاشيء».