مادة طوباوية غير قابلة للتطبيق في هذه الظروف … «التعليم الوجداني» حصة فراغ في مدارس طرطوس!
| طرطوس- ربا أحمد
تفاءلت الأسر بطرطوس مع بداية العام الدراسي الحالي بإضافة مادة «التعليم الوجداني» في البرنامج الدراسي لأبنائها لكونها مادة حياتية تربوية، تثقف الطلاب وتخرجهم عن التلقي الدراسي العلمي الروتيني.
ولكن بعد التواصل مع عدد من مدارس محافظة طرطوس تبين أنه إلى الآن لا يعلم المدرّس ما الهدف التربوي منها! ولا يعلم ماذا سيقدم للطالب خلالها! فشكلت حصة فراغ يملؤها المدرس بمادة أو تصليح لوظيفة ما وذلك في الحلقتين الأولى والثانية.
الطلبة الذين التقتهم «الوطن» أكدوا أنها مادة فراغ في البرنامج، أخذت من نصيب حصص التربية الدينية ولم يتم تقديم أي مقرر أو نشاط صفي خلالها، وباتت كلمة وجداني سخرية بالنسبة لهم، وفي كل مرة يأملون أن تكون حصة رياضة.
بينما أشارت بعض المعلمات إلى صعوبة تفعيل المادة لعدم وجود أي مواد لوجستية في المدارس يمكن استخدامها كنشاط واستثمار الحصة، والمدرس عاجز عن أن يقدم بمفرده في كل حصة منها معلومات من رصيده الشخصي سواء المعرفي أو من خلال البحث والتجهيز.
وإن أقيم نشاط هنا أو هناك خلال حصة الوجداني فإنها حالات فردية ولا يمكن أن يكررها المدرس نفسه لأكثر من مرتين خلال الفصل الدراسي.
وعبرت بعض المدرسات في مدينة طرطوس عن امتعاضهن من وجود حصة دراسية بلا تدريس ولاسيما أنها أخذت من وقت مواد وحصص دراسية أخرى وغالباً من حصص مادة الديانة لكون بقية المواد لا يمكن التقليل من حصصها المقررة لضخامة المنهاج، وأوضحت أن معظم الأوقات تتحول الحصة لترميم نقص في مادة معينة في الحلقتين وأنه بعض الأحيان يكون ثمة غياب للمدرس وهو ما يتسبب بفوضى لأنها حصة فراغ ولا يوجد مدرس بديل.
تواصلت «الوطن» مع مديرية تربية طرطوس التي أوضحت بكتاب لها أن التعليم الوجداني يهدف لتطبيق المعارف النظرية وربطها بالحياة من خلال الأنشطة الصفية واللاصفية (مشروعات، مبادرات، حل مشكلات، تربية مهنية).
فعندما يطبق المتعلم المعارف النظرية عملياً ويحولها لمشروع أو مبادرة أو يقوم بحل مشكلة (بيئية، علمية، مجتمعية) فإنه يصقل معارفه ويطور مهاراته العلمية (الإبداع، الابتكار، التفكير الناقد) ويربطها بحياته ومجتمعه، فتنمو شخصيته وتزداد ثقته بنفسه وبقدراته ويكتسب مهارات التواصل والعمل مع فريقه وتقبل الآخر وتعزيز منظومة قيم (التعاطف، الانتماء، الاحترام، التسامح).
وعن آلية التطبيق، فإن التعليم الوجداني يشمل الصفوف من الأول حتى الثامن وفق أربعة محاور رئيسية هي (المشروعات، المبادرات، التربية المهنية، المهارات الحياتية).
بحيث تكون حصتان أسبوعياً من ضمن عمل معلم الصف في الحلقة الأولى، ومن نصاب مدرس اللغة العربية ومدرس الدراسات الاجتماعية في الصفين السابع والثامن أو بإتمام نصاب أي مدرس آخر في المدرسة ويتم وضع خطة سنوية.
وعن كيفية تدريسها، أوضحت مديرية التربية أنه أولاً تقدم المادة النظرية للمشروعات والمبادرات وعليه يتم التربية المهنية وفق /5/ محاور وهي الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والتعليم النسوي، الهدف منها اكتشاف ذكاء المتعلمين المهني وتشكيل فرق عمل لحل مشكلات خاصة بتلك المهن، ليليها تنظيم معارض إنتاجية على مستوى المنطقة التعليمية ومن ثم المحافظة والقطر. بحيث يكون التعليم الوجداني الاجتماعي قادراً على أن يشمل (الوعي الذاتي، إدارة الذات، الوعي الاجتماعي، اتخاذ القرار المسؤول، مهارات العلاقة).
هذا هو التعليم الوجداني الذي لم يطبق منه شيئاً مما ذكر على أرض الواقع في المدارس، فالمواد اللوجستية لمشاريع كهذه غير متوافرة والقدرات المادية اللازمة لها ربما لن تكون بمقدرة الطلاب أو أهاليهم، ولنعود لما وصفه الأهالي قائلين: «لماذا هذا الكلام الطوباوي الذي ليس له مكان في هذه الظروف الصعبة؟ ولماذا ضياع الوقت والتخبط في القرارات من دون أدنى مسؤولية؟».