ثقافة وفن

حاكم الشارقة يخصص 4.5 ملايين درهم لتزويد المكتبات بأحدث إصدارات المعرض

| إسماعيل مروة - الشارقة

بعد أيام من افتتاح معرض الشارقة، أصدر حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي توجيهاً للمعنيين، بتخصيص 4.5 ملايين درهم لتزويد مكتبات الشارقة العامة والحكومية بأحدث إصدارات دور النشر المشاركة في فعاليات الدورة 41 من معرض الشارقة للكتاب، وهذا التوجيه يحمل رؤية مزدوجة، فهو يهدف إلى بناء مجتمع المعرفة، واقتناء مصادر واسعة من الكتب المميزة التي تأتي مشاركتها فرصة لاقتنائها، لإثراء الباحثين ورواد المكتبات في الإمارة.. وأشار التوجيه بوضوح إلى أن ذلك يأتي في إطار الدعم المباشر لصناعة النشر، وقد سألت العديد من دور النشر، وبعضهم أشار إلى أنه سيتم توزيع المبلغ على دور النشر، ويصل المبلغ لحدود 3500 درهم لكل دار نشر.

وترميم لمكتبة جيانينو ستوباني الشهيرة في إيطاليا ضمن مشاركة إيطاليا ضيف شرف في الدورة 41 من معرض الشارقة، تم التعرف على الجانب المكتبي الإيطالي، وعرضت مخطوطات محفوظة في جامعة ستوباني في بولونيا بإيطاليا، وقد تعرضت هذه المكتبة في أيار من العام الماضي إلى حريق أضرّ بها، وهي مكتبة أسست عام 1983، على يد خمس شابات تخصصن في أدب الأطفال، وصارت هذه المكتبة ذات سمعة قوية في أدب الطفل، وكانت معتمدة لمعرض بولونيا لكتب الأطفال، وتحولت إلى منصة ثقافية وأكاديمية عالمية في أدب الطفل وإدراكاً لمكانة المكتبة كمؤسسة أدبية مرموقة عالمية، فإن الشيخة بدور القاسمي وجهت للتواصل مع المكتبة لتقديم مساعدات فنية ولوجستية ومعنوية، إضافة إلى مساعدات مالية لإعادة بناء المكتبة وافتتاحها بالكامل في الذكرى الأربعين لتـأسيسها وفي أيام الشارقة أعلن عن التبرع بـ50.000 يورو لمصلحة صندوق ترميم المكتبة.

نوادر المخطوطات وفرصة الشراء

يعرض المنظمون بالتعاون مع كبريات المؤسسات والجامعات جملة من المخطوطات العربية النادرة، وضمن شروط العرض والحفظ للاطلاع عليها، وكذلك هناك بعض النوادر التي يتم عرضها، ومن الممكن اقتناؤها وشراؤها..

ومن ذلك ما شهدته الأروقة من عرض لنسخة مذهبة ونادرة من القرآن الكريم، وهي من أهم وأثمن المعروضات التي جذبت اهتمام الزوار عشاق الكتب، حيث دونت كل كلمة على ورق مصنوع من الذهب، وتعدّ هذه النسخة من أقدم نسخ القرآن الكريم المحفوظة، حيث يعرضها جناح دار «أديفا» النمساوي، إضافة إلى عرض عدد من روائع الخط الإسلامي والخرائط التاريخية القديمة، وقال مدير الدار والناشر دي بول سترزول، هذه النسخة نادرة وتاريخية تعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي، وقد وجدت في العراق، وهي إحدى التحف الفنية العراقية لكون أوراقها من الذهب، وأضاف الناشر: يوجد من تلك الطبعة عشر نسخ فقط، وسعر النسخة الواحدة 500 ألف درهم إماراتي.

وقد تم بيع إحدى النسخ في اليوم الأول للمعرض.

هذا إضافة لمخطوطات وخرائط، وقد عرض عدد من المهتمين اقتناءها.

 

الألعاب والأقنعة للأطفال

في ذروة وصول الأطفال الصغار مع أهاليهم يتوافد إلى المعرض مجموعة من الفنانين بصورة تنكرية وبأقنعة، ليقدموا للأطفال ما يشوقهم ويرغّبهم بالكتاب، ومن بداية المعرض إلى نهايته تجد هؤلاء الفنانين الذين يتقمصون شخصيات طفولية، أو شخصيات كرتونية أحبها الأطفال، لتتحول الساحات إلى صوت وصخب وضحك للأطفال، مع حوارات بين الفنانين المقلدين والأطفال، وبعض هؤلاء الفنانين من الأجانب الذين تمت استضافتهم لهذه الغاية، والأطفال يتعاملون مع هذه الاحتفالية كما لو أنهم يمارسون ألعاباً إلكترونية توهم الأطفال بالمشاركة، فتنهار الفوانيس العالية التي يحملها المهرجون كما لو أنها أعمدة، ليعرف الأطفال القصة وتلامسهم هذه الفوانيس بصورتها الحقيقية التي صنعت من مواد صديقة للبيئة، ولينة لا تؤذي الطفل وبراءته، وغالباً ما تنتهي الجولة الترفيهية في أجنحة بعيدة عن عرض الكتب بهدايا تقدم للأطفال في سنّ الرياض وما دون..

الرحلات الطلابية ومظاهر تبهج الحرف

خلال أيام معرض الشارقة للكتاب الدولي، خاصة في أيام الدوام الرسمي يكون المعرض على هيئة مختلفة، ففي إحدى ساحاته، وفي مدخل خاص، تأتي حافلات الطلاب، وكل مدرسة من مدارس الشارقة، بمشاركة الأساتذة والأستاذات والمشرفين والمشرفات، ومن الصباح الباكر، وحتى نهاية الدوام الرسمي، فيجول الطلاب، والمشرفات، وتقدم لهم معلومات وهدايا، ولأنني كنت مقيماً في المعرض تنبهت إلى أن هذه الزيارات ليست اطلاعية، بل هي رحلات كما يذهب الطلاب إلى البساتين، وطويلة، وفي وقت استراحة محددة يفترش الطلاب أرض الإكسبو، ويمدون موائدهم وشرابهم.

وبعد الانتهاء بإشراف معلميهم، يعود الجميع إلى الجولة في أرجاء المعرض، وهناك من يشرح لهم، ولا يتم الفصل بينهم وبين الزائرين، وتقدم لهم الضيافات من إدارة المعرض في جو فريد، والإذاعة في المعرض هي التي تنظم اجتماعهم في نهاية الرحلة، وتحدد أرقام الحافلات للعودة بعد نهاية الدوام، ولا تتحرك حافلة قبل اجتماع الطلاب، وهذه الزيارات تشمل الطلاب من الأول الابتدائي وحتى نهاية المرحلة الثانوية، وللمدارس العامة والخاصة على السواء- وكنت في ردهات المعرض مع الفنان الصديق محمد خير الجراح فاجتمع الطلاب حول أبي بدر، والتقطوا معه الصور، فهو وغيره من الفنانين السوريين والعرب مدعوون ضيوفاً على المهرجان للترويج له، ولإضفاء جو من السعادة، وأدركنا في حوارنا مع الطلبة أن الغاية النبيلة من هذه الرحلات ليست الشراء فقط، وإنما أن يوضع الطلبة في جو الكتاب والألعاب وكتب الأطفال، فهم يرون الكتاب، ويشمون رائحته ويتعاملون معه بصورة من الصور، فأي حرص على تنشئة الجيل أهم من اغتنام هذا الفرح بالكتاب لإسعاد الطلبة وتقريبهم من الكتاب؟

المشاركة الرسمية لسورية

شاركت في عدد يزيد على عشر دورات من معرض الشارقة للكتاب عندما كنت أعمل في جامعة الإمارات، وبعد هذه الفترة، وفي كل مرة كنت أجد جناح وزارة الثقافة السورية يغصّ بالزوار والباحثين عن كتابها بسبب جودته وجديته وثمنه، وكذلك الأمر مع جناح اتحاد الكتاب العرب- سورية.. وفي هذه الدورة أتعبني البحث عنهما، حتى وجدت ركناً يحوي كتب الوزارة، ويحمل اسم دار خاصة، إضافة إلى كتب جامعة دمشق والمعاهد الرسمية ولا شيء يدل سوى لافتة متهدلة تكاد تقع، ولا رواد عليها لأن هويتها تغيب عنها، وكذلك كتب الاتحاد اكتفت بلوحة ورقية ملصقة على جانب مهمل بحجم A4 في أحد الأجنحة الخاصة، وكنت كل يوم أسأل وأراقب، فلا أجد نشاطاً يذكر، وتناقشت مع الإدارة هنا، لكنها لا تتدخل، وأسأل: ما الذي يمنع وزارة الثقافة واتحاد الكتاب، وهما مؤسستان رسميتان من مخاطبة الهيئة لتأمين جناح لائق، وهي ستفعل، وربما تمت استضافة الموفد لأنه رسمي، ورأيت أن الباب مفتوح أمام الهيئات الرسمية ولا شيء مقفل؟!

وإذا كان الناشر الذي لا يملك إصدارات بحجم الوزارة والاتحاد يشارك ويتكفل بالمصاريف، فهل تعجز المؤسستان عن ذلك؟ أظن أن المشاركة لو كانت كما هي من قبل فإن العوائد ستعطي، والناشر الخاص الذي أعطي وكالة البيع لا يعنيه إن تمّ البيع أم لم يتم، وحتى عندما تأتي مرحلة الاقتناء من حكومة الشارقة لمكتباتها فإنه سيقدم منشوراته لا منشورات الوزارة والاتحاد! أقول هذا من باب الحب والغيرة على اسم الهيئات الثقافية السورية، وأنا أرى المشاركات الرسمية من الإمارات والدول المشاركة وليس من باب النقد، لعله يتم تلافي تهميش أنفسنا في معارض مماثلة وفي دورات أخرى!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن