رياضة

اللياقة البدنية بين الماضي والحاضر

| قصي الماضي

اللياقة البدنية هي مجموع المكونات التي تؤهل الفرد للعيش بصورة متزنة فهي تتضمن جميع الأبعاد المكونة للإنسان السعيد سواء كانت نفسية أم عقلية أو اجتماعية أو بدنية، فالفرد يعيش بجسمه، وعقله يتأثر ويؤثر بالآخرين، يصارع الحياة طلباً للصحة والسعادة، وهذا يتطلب أن يكون مؤهلاً جسدياً ونفسياً وعقلياً.

إن اللياقة البدنية هي مقدرة الشخص على أن يحيا حياة كاملة ومتزنة فالشخص الكامل اللياقة ينظر إلى الحياة نظرة صحيحة، حيث يتمتع بالحاجات الإنسانية الأساسية كسلامة الجسم وحب وعطف الآخرين واحترام الذات، وهو يحب الناس ويعيش معهم في وئام وسعادة، وكلما تقدمت به السن بلغ مرحلة النضج التي تتميز بالتواضع وحبه لخدمة الإنسانية ومثل هذا الإنسان يعيش بسلام ويؤمن بالقيم الخلقية ويسير بمقتضاها.

ولقد كان للانفجار المعرفي والتقدم التقني أثر كبير في العالم حيث أصبح مجالاً لمعرفة لم يسبق لها مثيل، فالإنسان اليوم حقق أكثر أحلام الماضي طموحاً وأملاً، بل إن أكثر العلماء تفاؤلاً لم يفكر في الانتصارات التي حققها الإنسان في هذا القرن، إن العمل الذي كان يتطلب جهداً بدنياً أو عقلياً في الماضي أصبح أداؤه اليوم باستخدام الوسائل التقنية الحديثة في وقت قصير، لقد كان الإنسان يحرث الأرض بيده ويسير المسافات الطويلة ليصل إلى عمله، أما الآن فهو يستخدم أحدث الآلات وأسرع وسائل النقل.

لقد أصبح على اللياقة أن تواكب هذا التقدم فاليوم نحن بحاجة إلى نوع جديد من اللياقة كي تؤهلنا لمواجهة الضغط الانفعالي الذي فرضه هذا التقدم، فاللياقة التي كان يكتسبها الإنسان تلقائياً في الماضي أصبحت صعبة المنال اليوم بهذا الأسلوب فقد أصبح اليوم من الضروري أن يبذل جهداً مقصوداً لاكتسابها. فطبيعة العمل والتخصص الدقيق وإحلال الآلة محل العمل اليدوي أفقد الإنسان ميداناً طبيعياً لاكتساب اللياقة وكبله بكثير من القيود في هذا المجال.

ولسنا بذلك رافضين لرياح التقدم والرقي. وإن ما نقصده هو أن هذا التقدم قد نقل الإنسان في أغلب الأحوال من الممارسة إلى المشاهدة، من مرحلة الجهد إلى مرحلة الأداء السهل، فتحولت العضلات القوية الصلبة إلى عضلات ضعيفة وتحول القوام الممشوق إلى قوام مملوء بالتشوهات التي تمليها طبيعة التخصص والتكاسل وتفضيل الأعمال المكتبية على الأعمال الميدانية.

لقد أصبح لزاماً علينا أن نبذل جهداً مكثفاً لنكسب اللياقة وأصبحت لياقة المواطنين تحظى بعناية فائقة من المسؤولين لما لذلك من آثار جليلة على حياة الأفراد والمجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن