رياضة

النسخة الثانية والعشرون لكأس العالم تتكلم لغة الضاد … ردود فعل متباينة للغائبين عن البطولة بين الغضب والاعتزال

| خالد عرنوس

أيام قليلة تفصلنا عن النسخة الثانية والعشرين لأهم بطولة كروية على وجه البسيطة، والمقصود هنا نهائيات كأس العالم التي تفتتح يوم الأحد القادم في العاصمة القطرية الدوحة وتستمر لشهر كامل، وقد بدأت الوفود المشاركة بالوصول إلى قطر بعدما أعلنت عن قوائمها النهائية التي ستدخل بها البطولة والتي تضم للمرة الأولى 26 لاعباً لكل منتخب وسط ردود فعل بين الاستحسان والرضا والتشكيك من وسائل الإعلام حول بعض الأسماء المستدعاة أو حتى المبعدة، وعلى هذا الصعيد تباينت الآراء بين رضا على مضض وبين الإعلان عن الاعتزال، وفي خضم الاستعدادات للمعترك العالمي تكثر كالعادة التصريحات والترشيحات من خلال وسائل الإعلام ورجالات كرة القدم من مدربين وخبراء ولاعبين وجماهير، ومع اقتراب الحدث تخوض المنتخبات المشاركة مبارياتها الإعدادية الأخيرة للوقوف على جاهزية بعض اللاعبين وزيادة الانسجام بين لاعبي الخبرة والشباب.

رقم قياسي

يشارك هذه النسخة اثنان وثلاثون منتخباً للمرة السابعة في تاريخ البطولة، إلا أنها ستشهد رقماً قياساً من حيث عدد اللاعبين المشاركين بعد قرار الفيفا بزيادة عدد أفراد القائمة الرسمية لكل منتخب إلى 26 لاعباً بدلاً من 23 كما كان في السابق وكذلك عدد التبديلات المسموح بها في كل مباراة من ثلاثة إلى خمسة لاعبين ليصل العدد الإجمالي للاعبين إلى 832 لاعباً وتعتبر الأسماء المرفوعة نهائية إلا في حال إصابة أي لاعب قبل انطلاق النهائيات إصابة تمنعه من المشاركة فمن الممكن تعويضه، وبالطبع فإن القارات الخمس ستكون ممثلة في البطولة ويغلب الوجود الأوروبي لأن العدد الأكبر من المنتخبات المشاركة يمثل القارة العجوز، إلا أن أنديتها قدمت أكثر من نصف اللاعبين المشاركين ذلك أن الكثير من لاعبي المنتخبات المشاركة من سائر القارات ينشطون في أنديتها.

وبلغ عدد اللاعبين القادمين من الأندية الأوروبية 604 لاعبين مقابل 17 لاعباً فقط يلعبون للأندية الإفريقية و113 لاعباً من الأندية الآسيوية و75 من الكونكاكاف و21 لاعباً فقط يمثلون أربعة منتخبات من أميركا الجنوبية، في حين غابت أندية أوقيانوسيا إذا ما اعتبرنا أن الأندية الأسترالية تتبع واتحادها القارة الآسيوية، وتقدمت إنكلترا الدول التي قدمت أنديتها 163 لاعباً مقابل 86 لاعباً لأندية إسبانيا و80 لاعباً من البوندسليغا و70 لاعباً من أندية إيطاليا التي لا يشارك منتخبها بالأساس و58 لاعباً من الأندية الفرنسية وتتقدم أندية السعودية بقية القارات الأخرى بواقع 35 لاعباً من أنديتها وذلك مقابل لاعب واحد من أندية كولومبيا وقبرص وصربيا، وبالمجمل قدمت أندية 34 بلداً لاعبين للمونديال.

ويعد نادي بايرن ميونيخ الألماني الأعلى تمثيلاً في المونديال بعدما قدم 17 لاعباً يليه مان سيتي الإنكليزي وبرشلونة الإسباني الذين قدم كل منهما 16 لاعباً ثم السد القطري بـ15 لاعباً ومانشستر يونايتد الإنكليزي بـ14 لاعباً ثم ريال مدريد الإسباني 13 لاعباً والهلال السعودي الذي قدم 12 لاعباً إلى جانب تشيلسي الإنكليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي، واللافت أن منتخبي قطر والسعودية هما الوحيدان اللذان لا يضمان أي لاعب محترف خارج بلديهما على حين المنتخب السنغالي خلا من أي لاعب محلي.

ويعتبر اللاعب الكندي أتيبا هيتشنسون الأكبر سناً (39 سنة و285 يوماً) ثم المدافع البرتغالي ذو الأصول البرازيلية كليبر لافيران داليما فيريرا الشهير بـ«بيبي» بعمر 39 عاماً و267 يوماً وبالمقابل فإن الألماني يوسوفا موكوكو الأصغر ويبلغ من العمر 18 عاماً، وبالنسبة لحراس المرمى فالأكبر هو المكسيكي الفريدو تيليفيرا بعمر 40 و63 يوماً في حين الأصغر هو الكاميروني سيمون ناجاباندوتنبو وعمره 19 سنة و222 يوماً، ويعتبر الكندي هيتشنسون أكبر كابتن بعمر 39 سنة و285 يوماً في حين الأصغر هو الإنكليزي هاري كين بعمر 29 سنة و116 يوماً.

وإذا كان هناك الكثيرون من اللاعبين يشاركون في المونديال للمرة الأولى فإن هناك عدداً آخر لا بأس به ظهر غير مرة في البطولة وعلى رأسهم النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي والنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو اللذان شاركا في أربع نسخ سابقة وسيظهران للمرة الخامسة، بل إن الأخير يحلم بالتسجيل ليصبح أول من يفعلها في خمسة نهائيات.

مدربون

اثنان وثلاثون منتخباً هي قوام البطولة القادمة ويقودها 32 مدرباً ينسبون إلى 24 دولة تتقدمها الأرجنتين والبرتغال وإسبانيا التي يمثلها ثلاثة مدربين، فهناك مدربو منتخبات هذه الدول إضافة إلى منتخبين آخرين، فالبرتغال لديها فرناندو سانتوس وباولو بنتو (كوريا الجنوبية) وكارلوس كيروش (إيران)، أما الأرجنتين فيقود منتخبها ليونيل سكالوني إلى جانب جيراردو مارتينو (المكسيك) وغوستافو ألفارو (الإكوادور) أما إسبانيا فيقود منتخبها لويس إنريكه إلى جانب فيلكس سانشيز (قطر) وروبرتو مارتينيز (بلجيكا).

وقدمت إنكلترا مدرب أسودها الثلاثة غاريث ساوثغيت وكذلك مدرب كندا جون هيردمان، وكذلك تقدم فرنسا مدربها ديديه ديشان ومدرب السعودية هيرفي رينار، وقدمت 19 دولة مدرباً واحداً ومن هؤلاء مدرب وحيد لا ينتمي إلى جنسية المنتخب الذي يدربه وهو الكولومبي لويس فرناندو سواريز الذي يقود منتخب كوستاريكا، ويخوض 23 مدرباً البطولة للمرة الأولى كمدربين، في حين يقود ركب المدربين حامل اللقب العالمي الفرنسي ديديه ديشان الذي سيظهر للمونديال الثالث على التوالي وأمامه فرصة ليكون ثاني مدرب يحتفظ باللقب.

وسيكون مونديال 2022 الثاني في سجلات كل من: البرازيلي أدينور رونالدو باتشي «تيتي» والكرواتي زلاتكو داليتش والبرتغالي فرناندو سانتوس ومواطنه كارلوس كيروش والسنغالي أليو سيسيه والإنكليزي غاريث ساوثغيت والإسباني روبرتو مارتينيز والفرنسي هارفي رينار وهو الوحيد الذي قاد منتخبين مختلفين بين هؤلاء، ويعتبر الهولندي لويس فان غال المدرب الأكبر سناً بعمر 71 عاماً مقابل 44 عاماً لمدرب الأرجنتين ليوينل سكالوني.

غائبون

لم تأت خيارات المدربين بشيء جديد فقد أثارت كالعادة في مثل هذه المناسبات الكبيرة جدلاً واسعاً وتساؤلات حول بعض الأسماء والنجوم الذين لم يتم اختيارهم في هذا المنتخب أو ذاك، فعلى سبيل المثال لا الحصر فوجئ الجميع بإصرار مدرب اللاروخا الإسباني لويس إنريكه بعدم استدعاء سيرجيو راموس صاحب الخبرة الواسعة على غرار لاعب الوسط سيرجيو بوسكتس الذي سيرتدي شارة القيادة في المونديال وخاصة أن أسطورة ريال مدريد والذي كان أحد أبطال 2010 مازال يلعب في المستوى الأعلى ويملك خبرة واسعة يعتقد الكثيرون أن اللاروخا بحاجتها، ولم يكن راموس وحده الذي تساءل الإسبان حول غيابه فهناك لاعب وسط ليفربول تياغو ألكانتارا صاحب الخبرة الواسعة بدوره.

وعدا النجوم الكبار الذين سيفتقدهم الحدث العالمي بسبب عدم وجود منتخبات بلادهم كالمصري محمد صلاح والنرويجي إرلينغ هالاند والطليان جورجينيو وبونوتشي وفيراتي ودوناروما والنمساوي ديفيد ألابا والكولومبي لويس دياز والعاجي فرانك كيسي والبوسني إيدين دزيكو والجزائري رياض محرز وسواهم، فإن هناك العديد من النجوم الذين سنفتقدهم بسبب الإصابة وعلى رأسهم لاعبي خط الوسط الفرنسي بول بوغبا ونغولو كانتي اللذين توجا باللقب مع الديوك في 2018 إضافة إلى زميليهما بريسنيل كيمبمبي وأبو بكر كامارا، والإنكليزي رييس جونز وروي سميث وكالفين فيليبس وفي المنتخب البرتغالي هناك دييغو جوتا وبيدرو نيتو وريكاردو بيريرا ويغيب عن المنتخب السويدي ألكسندر إيساك، ويغيب عن المنتخب البرازيلي أرثر ميلو ودييغو كارلوس والأخير كان يمني النفس بالظهور الأول مع السيليساو وقد شارك في عدد من المباريات قبل الإصابة، ويغيب جوروجينو فينالدوم عن المنتخب الهولندي بعد إصابته بكسر في قصبة الساق.

ومن اللاعبين المنضمين حديثاً إلى قائمة المصابين هناك الألماني تيمو فيرنر ليلحق بزميله ماركو رويس وهناك المكسيكي خيسوس كورونا والأرجنتيني جيوفاني لوسيلسو والياباني يوتا ناكاياما أما آخرهم فهو المغربي أمين حارث الذي أصيب في آخر أيام الدوري الفرنسي وتأكد غيابه عن أسود الأطلس ليلحق بزميله المصاب أيضاً طارق تسوداني، وفي اليوم ذاته أصيب الحارس الاحتياطي لمنتخب بولندا بارتلومي دراغوفسكي لاعب سيبيزيا الإيطالي واستبعد مباشرة.

غير مرغوب فيهم

من شاهد فرحة بعض اللاعبين عند سماعهم لخبر انتقائهم ضمن قائمة منتخب بلادهم المشاركة في العرس الكروي يدرك مدى أهمية خوض منافسات البطولة الأهم، ومع ذلك فقد أثار عدم انتقاء بعض النجوم استياءً كبيراً فكانت ردة الفعل تصريحات تعبر عن الانزعاج فهاهو المهاجم البرازيلي فيرمينيو يعلن اعتزاله الدولي لأن المدرب تيتي استبعده وخاصة أن الأرقام التي سجلها مع ليفربول هذا الموسم أفضل من كل رفاقه وخاصة أولئك الذين يلعبون في أندية إنكلترا.

أما السعودي فهد المولد فقد اكتفى برسالة عاطفية مؤثرة مؤمناً بإرادة اللـه واستعداده لخدمة بلاده متى طلب منه، في حين كان تعليق المدافع الإسباني سيرجيو راموس واقعياً عندما قال: ستبقى الشمس تشرق كل صباح، وكنت أتمنى مشاركة خامسة، لكن ذلك لم يحدث رغم أنني في حال مستقرة وألعب بانتظام مع ناد كبير، لكن الأمر عائد للمدرب وأتمنى التوفيق للاروخا، والطريف أن اللاعب منير الحدادي تخلى عن الجنسية الإسبانية لتمثيل منتخب بلاده الأصلي المغرب إلا أن خيبته كانت كبيرة بإبعاده عن تشكيلة أسود الأطلس في البطولة.

الأمر ذاته فعله التونسي سيف الدين الخاوي الذي تأسف لعدم اختياره مع نسور قرطاج بل أصيب بخيبة بعدما حاول تقديم ما عنده ليكون لائقاً لخوض البطولة، وعلق فيكاي توموري على عدم استدعائه من منتخب بلاده إنكلترا قائلاً: أردت اللعب في المونديال لأنه حلم كل لاعب لكن هذا لم يحدث، سأحاول أن أكون عند حسن الظن بي كلاعب وربما أكون حاضراً في بطولات أخرى قادمة.

ولن يقتصر الأمر على هذه الفئة أو تلك، فهناك عدد من اللاعبين الذين اختيروا ليخوضوا البطولة وربما لن يكونوا جاهزين مع صافرة البداية كالنجم السنغالي ساديو ماني لاعب بايرن ميونيخ الذي تفيد التقارير أنه لم يتعافَ كلياً من الإصابة، وقد لا يبدأ البطولة مع أسود التيرانغا وهناك كذلك الفرنسي كريم بنزيمة الغائب عن ريال مدريد في الأسابيع الأخيرة حتى إن عشاق الفريق اعتبروا أن غيابه مقصود للمشاركة في المونديال، وكذلك هناك الإنكليزي كايل وولكر والأورغوياني أروخو.

ورغم كل الأسماء الغائبة وبعضها يمثل قيمة فنية رفيعة إلا أن المونديال بمن حضر سيكون حافلاً ومملوءاً بالأسماء القادرة على تقديم المتعة المنتظرة في بطولة تعتبر ذروة الشغف لعشاق الساحرة المستديرة حول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن