تعتبر الدبلوماسية الاقتصادية ترجمة للبعدين الاقتصادي والتجاري للدبلوماسية التقليدية للدولة. وبصفة فعلية هي استغلال لكل ما تتيحه الدبلوماسية التقليدية من قنوات اتصال وأطر للتعاون مع البلدان الأخرى خدمة لاقتصاد البلاد، من حيث البحث عن أسواق جديدة للمنتوج الوطني واستقطاب وجلب رجال الأعمال والمؤسسات الأجنبية للاستثمار في البلاد، وكذلك الترويج للوجهة السياحية للبلد بكل أنواعها وتفرعاتها.
ويعتبر في هذا الإطار، كل من تحديد الأهداف وتعبئة الموارد ضروريين لتمكين بلادنا من الوسائل الضرورية لتجسيد الدبلوماسية الاقتصادية التي تبقى رهينة توحيد الجهود والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية بالشأن الاقتصادي وهي:
وزارة الخارجية والمغتربين من خلال بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية، ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزارة النقل ووزارة النفط والثروة المعدنية ووزارة الصناعة ووزارة السياحة وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، ومختلف الوزارات والهيئات والإدارات المعنية بالشؤون الاقتصادية والتجارية والسياحية، وغيرها.
تبدو جهود وزارة الخارجية السورية مركزة في هذا الاتجاه في الوقت الراهن وسط الأنباء المتداولة عن توجيهات القيادة السياسية السورية السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الذين تم تعيينهم مؤخراً بالتركيز على الدبلوماسية الاقتصادية في البلدان التي أوفدوا إليها، كما يبدو ذلك واضحاً من خلال الزيارات الأخيرة لوزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد إلى كل من إيران مؤخرا، وزيارته الحالية إلى الهند حيث التقى نظيره الهندي ودعاه لتعزيز العلاقات الاقتصادية السورية الهندية، كما دعا الشركات الهندية إلى المشاركة في إعادة إعمار سورية، وفي تأكيد مضاعف لهذه التوجه الحالي للسياسة الخارجية، التقى كذلك زعيم الدبلوماسية السورية باتحاد غرف الصناعة الهندية وناقش معهم فرص الاستثمار في سورية.
إن العديد من مواطنينا يعملون منذ زمن في البلدان الشقيقة والصديقة في مجالات متنوعة مثل الصحة والتعليم والصناعة والتجارة وأعمال البنية التحتية وما إلى ذلك. ويمثّل هؤلاء المعرفة والدراية السورية بفرص التعاون الاقتصادي بين سورية والبلدان الأخرى، ومن ثم فإنه بإمكان هؤلاء أن يلعبوا دور السفراء في التعريف بفرص الاستثمار السورية في البلدان التي يعملون بها، وتعزيز صورة الخبرات السورية في الخارج.
راهنت القيادة السياسية السورية سابقاً على الجهود الوطنية لتجاوز الأزمات الاجتماعية والأمنية التي عصفت بالبلاد جراء الحرب الإرهابية على سورية، وعلى تعزيز صورة سورية بالخارج، وهو الأمر الذي يعكس إدراكاً مستمراً لأهمية الدبلوماسية الاقتصادية وما ينجم عنها من فوائد من حيث تنمية المبادلات التجارية والخدمات وجلب الاستثمار المباشر الأجنبي ولاسيما عبر مضاعفة المبادرات نحو البلدان الصاعدة وفق أشكال عديدة: البعثات الاقتصادية المتعددة القطاعات أو المقترنة بقطاع معين، المشاركة في المعارض، تنظيم المنتديات الدولية، دعوة بعثات من رجال الأعمال وغيرها.
إن تحقيق هذه الأهداف يبقى رهين بذل الجهود ووضع رؤية مشتركة والتعاون بين جميع الأطراف ذات الصلة في العمل الاقتصادي بالبلاد.
ويعتبر تنظيم البعثات المتجولة في دول جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية وآسيا وإفريقيا وأوروبا الشرقية والوطن العربي من المهام المنوطة بوزارة الخارجية ضمن نهج الدبلوماسية الاقتصادية من أجل تعزيز تصنيف العلامة التجارية الوطنية وبناء الهوية البصرية لسورية ودعم الاقتصاد السوري والمساهمة في الانتعاش التدريجي للنمو الاقتصادي ومنعكساته الأمنية والاجتماعية.
تتميز سورية بصورة وسمعة ممتازة بالخارج شكلها أبناء سورية الذين دفعتهم الحرب للخروج من البلاد وباتوا محط أنظار المجتمع الدولي، لذلك يجب بذل كل الجهود الممكنة لخدمة المصالح السورية، وسعياً لتحقيق هذه الغاية يجب اعتبار الدبلوماسية الاقتصادية وغير الاقتصادية أداة ناجعة لتعزيز صورة سورية بشكل دائم.