اقتصاد

40 بالمئة من الصناعة السورية في النسيج … وزير الصناعة لـ«الوطن»: الأرقام المطروحة تأشيرية والمرجعية هو المركزي للإحصاء

| علي محمود سليمان

تعاني الصناعات النسيجية من جميع المنعكسات السلبية التي عانت منها الصناعة السورية نتيجة الأزمة من تدمير ونهب منشآت وهجرة أصحاب المعامل والعمالة الفنية والمقاطعة والحصار وصعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج والتصدير، إضافة إلى نقص موارد الطاقة وارتفاع تكاليفها وانخفاض قيمة العملة الوطنية وصعوبة التمويل وضعف الإجراءات الحكومية، وذلك وفق ما تحدث به المستشار فؤاد اللحـــــام الأمين العام المساعد الاتحاد العربي للصناعات النسيجية خلال مناقشة ورقة لورشة عمل مشتركة مع جمعية العلوم الاقتصادية السورية في مكتبة الأسد بدمشق يوم أمس بعنوان (الصناعات النسيجية السورية – الواقع ومتطلبات التعافي والنهوض).

وخلال مشاركته في الورشة تحدث وزير الصناعة زياد الصباغ لـ«الوطن» إن الأداء الحكومي يرتبط بتطور الصناعة لأنها القاطرة التي تقود الاقتصاد الوطني، وما يميز القطاع النسيجي في سورية هو توافر جميع سلاسل الإنتاج.

مشيراً إلى أن هذا القطاع يعاني من مشكلات عديدة منها هيكلية ومالية وتقنية حدت من تحويل مزايا هذا القطاع إلى مزايا تنافسية وخاصة لناحية عدم كفاءة نظم التوريد والتصدير وعدم مواكبة التطورات العالمية إضافة لخروج عدد كبير من المنشآت خارج العملية الإنتاجية ونقص المواد الأولية ولاسيما القطن بسبب الاحتلال الأميركي لمناطق الزراعة.

ولفت وزير الصناعة إلى أن المشكلة حول الأرقام تتمثل بأنها لا تبنى وفق دراسات وإحصائيات دقيقة ولكنها تعتبر أرقاماً تأشيرية وبالتالي قد لا تكون دقيقة ولا يمكن أن يبنى عليها قرار صحيح فحين تكون المدخلات صحيحة تكون المخرجات صحيحة ولذلك سيتم التدقيق في الأرقام التي طرحت ضمن الورشة مع تأكيد أن المكتب المركزي للإحصاء هو المعني الأول بتقديم الأرقام والبيانات الصحيحة.

أما بالنسبة لواقع القطاع النسيجي فأشار الصباغ إلى أنه متأثر كباقي القطاعات الصناعية وهو يحتاج إلى دراسة وإعادة نظر وهذه الورشات التي تعقد حول القطاع النسيجي مهمة ومفيدة جداً على المستوى الكلي.

ولفت الصباغ إلى أنه تم وضع عدة حلول لدعم القطاع النسيجي ومنها السماح باستيراد القطن والغزول للقطاعين العام والخاص وذلك نتيجة تراجع المساحات المزروعة بالقطن، ويتم العمل حالياً على تفعيل الإدخال المؤقت للاستفادة من تعظيم القيم المضافة في المنشآت الصناعية وتخفيض الكلف الثابتة إضافة إلى بعض الإجراءات التي تمت في المؤسسة النسيجية حول تحديد أسعار الغزول وتوزيعها بالتشاركية مع غرف الصناعة.

النسيج بالأرقام

وتضمنت ورقة العمل المقدمة العديد من الأرقام الإحصائية نذكر منها أن الصناعات النسيجية كانت تحتل المركز الأول فيما يتعلق بعدد المنشآت وتساهم بنسبة 40 بالمئة من الناتج الصناعي وتشغل نحو 30 بالمئة من إجمالي عدد العاملين في الصناعات التحويلية.

وخلال الأزمة فقد توقفت 3,42 منشأة في القطاع النسيجي وهي بطاقة إنتاجية سنوية تقدر بأكثر من 158 ألف طن، وبعد أن كانت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للصناعات النسيجية عام 2010 نحو 81 بالمئة، فقد تراجعت لتحتل المرتبة الأخيرة. حيث تراجعت نسبة المنشآت الصناعية النسيجية من إجمالي مجموع المنشآت الصناعية المنفذة من 15 بالمئة في عام 2010 إلى 2,9 بالمئة لغاية الربع الثالث من عام 2022، وانخفضت كمية القطن المستلمة من المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان من 628 ألف طن عام 2010 إلى أقل من 20 ألف طن في عام 2021.

بينما أدى تراجع إنتاج القطن المحبوب إلى تراجع كميات القطن المحلوج المنتج من 220 ألف طن عام 2010 إلى 5 أطنان في عام 2021 وطن واحد فقط لغاية الربع الثالث من عام 2022.

كما تراجع إنتاج الغزول القطنية في شركات المؤسسة العامة للصناعات النسيجية من 112415 طناً في عام 2010 إلى 7721 طناً في عام 2021 وصولاً إلى 1896 طناً لغاية الربع الثالث من عام 2022.

في حين يبلغ عدد منشآت إنتاج الألبسة المتوقفة 6193 منشأة طاقتها الإنتاجية تزيد على 46 ألف طن من الألبسة، وهذه الأعداد لا تتضمن بالطبع المنشآت غير النظامية.

وبينّ اللحام خلال الورشة بأن صناعة الملابس بمختلف أنواعها تواجه جميع المشاكل والصعوبات التي تواجهها الصناعة بشكل عام إضافة إلى عدد من الصعوبات والمشاكل المتعلقة بهذه الصناعة بالذات ومنها ارتفاع أسعار الأقمشة المحلية والعالمية وتدني نوعية المنتج المحلي وصباغته وتحضيره وعدم توفير الأقمشة المطلوبة بالجودة والأسعار العالمية وانتشار التهريب وتزوير المنتجات وشهادات المنشأ، إضافة إلى تراجع الطلب المحلي بسبب الغلاء وتدني الدخول، وتراجع التصدير بسبب إجراءات الحصار والمقاطعة ونقص اليد العاملة الفنية وارتفاع أسعار الطاقة والوقود وتكاليف الشحن والتأمين وتحويل الأموال ومواد التغليف وانخفاض حوافز التصدير.

نقاط الضعف

وحسبما قدم في ورقة العمل فإن أهم نقاط الضعف التي يعاني منها القطاع النسيجي، عدم التناسق والتكامل بين طاقة حلقات إنتاج القطن وإنتاج الخيوط وإنتاج النسيج والملابس ذات القيمة المضافة المرتفعة والافتقار إلى مؤسسات الدعم الفعالة والمؤسسات الوسيطة، إضافة إلى عدم وجود نظام إقراض قادر على تأمين التمويل اللازم بشكل كفوء، وارتفاع تكاليف الإنتاج من مواد أولية ومحروقات وكهرباء والانخفاض المستمر في سعر الصرف في ظل روتينية الإجراءات الجمركية والوقت الطويل الذي تستغرقه والبيروقراطية الشديدة والبطء في عملية اتخاذ القرار في الشركات التي تملكها الدولة إضافة لتدني الإنتاجية وانخفاض نسبة الاستفادة من الطاقات المتاحة، وتشتت المنشآت والورش.

الفرص المتاحة

ولفت اللحام إلى وجود فرص يمكن الاستفادة منها لتطوير القطاع النسيجي ومنها ظاهرة العودة للمواد الطبيعية وزيادة الطلب على الملابس القطنية وانسحاب أوروبا من تصنيع الملابس وإمكانية إقامة مشاريع مشتركة وعقود ووكالات من الباطن مع المصانع الأوروبية أو الشركات التي تورد للسوق الأوروبية مع إمكانية كبيرة لتشكل عناقيد صناعية للمنتجات النسيجية، إضافة إلى إمكانية تحقيق زيادة كبيرة في الصادرات إلى البلدان العربية وإيران وأوروبا وروسيا.

مقترحات

وللتمكن من تحقيق هذه الفرص يجب وفق الاقتراحات المطروحة تقدير حجم التمويل اللازم لإعادة تأهيل المنشآت الصناعية العامة والخاصة التي يتقرر دعمها وتطويرها والعمل على توفير أقصى ما يمكن منه بأسرع وقت وأقل التكاليف، وتفعيل وتطوير سلسلة إنتاج الصناعات النسيجية القطنية إضافة إلى ما هو مطلوب لتفعيل وتطوير الصناعة السورية من خلال تشكيل لجنة وطنية مخولة وذات صلاحيات للنهوض بالصناعات النسيجية برئاسة رئيس اللجنة الاقتصادية أو وزير الصناعة وتضم كل الجهات الحكومية المعنية وممثلي حلقات سلسلة الإنتاج في هذه الصناعة والخدمات المرتبطة بها مع عدد من الخبراء والمختصين. تكون مهمتها الأساسية اعتماد خطة لمعالجة أوضاع الصناعات النسيجية وفق برنامج مادي وزمني محدد لكل جهة ومتابعة تنفيذ الإجراءات والتوصيات المتخذة بهذا الخصوص بشكل دوري ويمكن أن ينبثق عنها لجان فرعية مساعدة متخصصة وفق الضرورة.

مع ضرورة تمكين المنشآت العاملة حالياً من الاستمرار بالعمل ومعالجة المعوقات التي تحول دون ذلك. بما فيها معالجة مشاكل الطاقة والمحروقات والديون والاستيراد والتصدير والتمويل.

وتوفير المتطلبات اللازمة لتشجيع وتسريع عملية إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت المتوقفة والمتضررة وإعداد ملفات بالفرص الاستثمارية المطلوبة وذات الأولوية والترويج لإقامتها في منتديات خاصة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مع أهمية تقديم الدعم المادي والفني اللازم لإعادة تأهيل المنشآت الصناعية القائمة وتمكينها من تجاوز المشاكل والآثار الناجمة عن الأزمة وتنفيذ مشاريع رائدة لإقامة وتطوير تجمعات صناعية عنقودية بمواقع مختارة وبشكل خاص للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

وإحداث صندوق ائتمان خارجي لتمويل الاستثمارات الجديدة للمنشآت الصناعية التي يتم تحديثها بشروط ميسرة، وضرورة اعتماد نظام حماية ديناميكي يضمن حماية الصناعات الناشئة ولفترة محددة وتمكينها من رفع قدرتها التنافسية وانتقالها بالشكل المناسب من الصناعات منخفضة التقانة إلى صناعات متوسطة ولاحقاً عالية التقانة خلال فترة الحماية.

كذلك وضع التشريعات اللازمة لتحسين بيئة عمل القطاع العام الصناعي من كل الجوانب الإدارية والتنظيمية والمالية والإنتاجية وأسلوب اختيار إداراته بعيداً عن الانتماءات الحزبية والعلاقات الشخصية، وتمكينه من العمل بشكل رابح ومنافس كالقطاع الخاص وقادر على البقاء والتوسع بإمكانياته الذاتية. ولا يختلف عن القطاع الخاص إلا في توريد الجزء الخاص الموزع من أرباحه إلى وزارة المالية.

ويمكن تنفيذ عملية إصلاح القطاع العام الصناعي عن طريق تحويل شركاته المتوقفة والمتعثرة والحديثة أو المطلوب تطويرها إلى شركات مساهمة عامة أو مشتركة عامة أو وفق نظامB0T أو التشاركية مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي مقابل الأراضي والبنى لدى هذه الشركات، وتطوير التصدير من خلال التحول من تصدير فائض الإنتاج المحلي عن الحاجة الداخلية إلى إقامة صناعات موجهة أصلاً للتصدير وفق حاجة ومتطلبات الأسواق الخارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن