من دفتر الوطن

العب وحدك!!

| عبد الفتاح العوض

عندما تحدث ابن خلدون عن العرب قال إنهم «فرديون» عبّر عن ذلك بقوله: «قل أن يسلم أحد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه».

لن أدخل في الفارق بين الفرد والفردانية فما أناقشه هنا أبسط من ذلك بكثير إذ إنه يتعلق بقدرة الإنسان على العمل ضمن فريق أو أن يمتلك مقدرات فقط للعمل كشخص وحده.

فكرة الشراكة في المجتمع ليست قائمة على أسس صحيحة، فهي في كثير من الأحيان لا تلقى صدى إيجابياً ففي بلادنا «العب وحدك ترجع راضي».

في المجتمع السوري كان من الممكن أن تحصل على نتائج مثمرة للعمل الجماعي في كثير من المناحي.

فلا يوجد الكثير من «الشركاء» في الاقتصاد ولا في المجتمع والمسؤولية الاجتماعية.

أريد أن أعزز ذلك بأمثلة من الحياة اليومية. فرغم الحديث عن الشركات المساهمة إلا أنها ارتبطت بسمعة سيئة. وقلما يعمل الناس كشركاء إلا ويختلفون وتصل خلافاتهم للتحكيم والمحاكم وتنتهي الشراكات بعداوات.

رغم أنه كان من الممكن على سبيل المثال دفع مبالغ من المنازل السورية لإنشاء محطات توليد طاقة بديلة أفضل مما أنفقه السوريون على البطاريات التي تضطر كل أسرة سورية لاستبدالها كل فترة من الزمن، مثال آخر من الواقع الزراعي فمعظم الملكيات الزراعية في سورية ملكيات صغيرة جداً حيث لا يمكن استثمارها في مشروع زراعي كبير.

أما في المجتمع فلاشك أن معظم الأسر التي تقطن في بنايات يلاحظون أن مجموعة صغيرة من الجيران تكاد لا تتفق على أجور خدمات البناء!! إنهم يختلفون على مَن يدفع «لشطف الدرج».

دعونا نذهب إلى أبعد من ذلك عندما تقوم شركات بتقديم عون من نوع ما تحت عنوان المسؤولية الاجتماعية فإنها تقوم بذلك بمفردها فيما كان بالإمكان أن تجتمع مجموعة من الشركات لتقديم عون أفضل وأكبر ولديها فرص للاستمرارية.

ما الذي يمكن أن نطلقه على أن أفراد المجتمع بشكل عام لا يحبون العمل كفريق، بل يفضل كل شخص أن يحصل على نجاح صغير باسمه ولا يحصل على نجاح كبير ضمن مجموعة.

من المفارقات المذهلة أن تربيتنا السياسية والاقتصادية تتحدث عن العمل الجماعي فيما بلدان الغرب تعلي من شأن الفرد.. آدم سميث قال في كتابه ثروة الأمم «إن رفاهية المجتمع تتحقق عندما يسعى كل فرد لتحقيق غايته».

لكن في واقع الأمر الفرد لدينا يضع لنفسه مكانة خاصة بعيداً عن المجتمع أو عن روح العمل الجماعي… حسب تعبير الفردانية «مصلحة الفرد أهم من مصلحة المجتمع» وهذا ما يحدث في بلادنا.

هل هذا قدرنا ولا يمكن تغييره؟ المجتمعات لا تنجح إلا إن اعتبرت نفسها في سفينة واحدة إن نجت نجا الجميع وإن غرقت غرق الجميع.. أ ما الخلاص الفردي فليس إلا لغة الشيطان.

أقوال:

– الموهبة تجعلك تفوز بالألعاب، ولكن العمل الجماعي يجعلنا نحصد البطولات.

– كل فريق يحتاج إلى بطل، كل بطل يحتاج إلى الفريق.

– بشكل فردي، نحن قطرة واحدة معاً ونحن على المحيط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن