رحيل المؤلف والموسيقي روميو لحود … قدّم أعمالاً مع صباح واكتشف سلوى القطريب وشكّل معها ثنائياً متميزاً
| وائل العدس
صمـم وأخرج وكتب أعمالاً مسرحية غنائية، شكّلـت جزءاً من تاريخ نهوض الفولكلور اللبناني منذ الستينيات، إضافة إلى أعمال غنائية ومسرحية لها حجمها وحضورها، جرى عرضها في لبنان ومختلف دول العالم.
إنه المؤلف الموسيقي والمسرحي روميو لحود عن عمر يناهز 92 عاماً، وهو المولود في قضاء جبيل عام 1939.
مسيرة فنية طويلة مملوءة بالعطاءات والمحطات الذهبية، وبنحو 37 استعراضاً فنياً، زرع المسرح في لبنان وخارجه طرباً وفرحاً مع صباح في «القلعة» و«فينيقيا 80» و«الفنون جنون» وغيرها.
عاشق المسرح
تلقى لحود علومه الابتدائية في مدرسة القديس يوسف في عينطورة، ثم تابع دروسه الجامعية في جامعة «موزار» في باريس وحاز في عام 1954 إجازة في هندسة الديكور.
عشقه للمسرح وللأوبرا دفعه إلى متابعة الدروس في علم المسرح أو بما يسمى «سينوغرافي ميكانيك» في معهد «مونتكامودزو» في إيطاليا، وهذا العلم يركّز على درس خشبة المسرح، نوعيتها وسماكتها… وإيجاد الحلول لمشاكل المسرح كافة.
في أثناء متابعته هذه الدراسة، بدأ بالعمل الفعلي في إنشاء المسارح، وتجهيزها، وتأمين كل ما تتطلب من معدات وغيرها.
رحلته الإبداعية بدأت فعلياً سنة 1964، عندما طلبت منه جمعية مهرجانات بعلبك، إعداد أوبريت غنائي ضمن إطار برنامجها «ليالي لبنان»، فكانت الخطوة الأولى في رحلة السنوات الأربعين، التي برز خلالها منتجاً ومخرجاً ومؤلفاً لألحان وكلمات عشرة مهرجانات كبرى، وسبعة وعشرين استعراضاً غنائياً. هذا إضافة إلى الجولات العشر التي قام بها في دول العالم، وإحياء أكثر من مئة حفلة فيها.
في عام 1969 دعي لتقديم عروضه في صالة أولمبيا، حيث قدّمت له «جمعية جنيف الدولية» جائزة «بروموسيون أي بريستيج»، الخاصة بالفنون المسرحية المرادفة لجائزة نوبل.
انفرد بالذهاب إلى بروكسل بدعوة من البلاط الملكي، ليقدّم حفلة في «مسرح الفنون الجميلة ثم بعد ذلك قام بجولة دامت خمسة عشر يوماً، شملت كبريات المدن البلجيكية.
وعلى مدى ثلاث سنوات متتالية 98-69-70، لبّى روميو لحود دعوات الشباب الموسيقيين الفرنسيين وجال في أنحاء فرنسا كافة، مقدماً استعراضه الفني «ميجانا». وكان قد سبق هذه الجولات، جولات عدة قام بها في العراق والكويت والأردن، حيث نال ميدالية مهرجان جرش للعمل الفني الكبير «ليالي لبنان».
في لبنان، كان لحود أول من أطلق «المسرح الدائم» وذلك في فندق «فينيسيا»، بالاستعراض الكبير «موّال» الذي عرض بشكل مستمر طوال أحد عشر شهراً.
وسعـى إلى إحياء التراث أو الفولكلور اللبناني وتطويره وتقديمه مادة فنية راقية إلى الجمهور، من خلال العروض المسرحية والرقصات الموسيقية الفولكلورية، التي ما زالت مطبوعة في ذاكرة اللبنانيين والعرب إلى الآن.
بين صباح وسلوى
في مطلع 1972، قرر لحود دخول حقل السينما، وأخرج فيلم «علمي خيالي» جمع فيه ناهد يسري وحسين فهمي وعادل أدهم، وجاء بعد أن هام روميو بناهد، وخطبها رسمياً، ويحكي الفيلم عن مجموعة علماء من القرن العشرين تحاول إنقاذ قارة أطلانطيد عند اقتراب فنائها، يقودها حسين فهمي الذي يلتقي خلال هذه المهمة بملكة أطلانطيد، فتقع في حبه، وتعود معه إلى أرضه عند انفجار مملكتها واندثارها.
أخفق الفيلم إخفاقاً ذريعاً، وعاد مخرجه من جديد إلى المارتيتيز، حيث قدّم مع صباح «مين جوز مين». بعدها، حضرت صباح في «الفنون الجنون» سنة 1973، واقتصرت مشاركة لحود في هذا العمل على تأليف وتلحين بضع أغان لصباح وجوزيف عازار وملحم بركات.
شكلت «الفنون جنون» نهاية للشراكة الطويلة بينه وبين صباح دامت عشر سنوات، قبل أن يتبنى سلوى القطريب الذي يعد الراحل مكتشفها، حيث حققت نجاحاً كبيراً ولعب الحظ والمصادفة دورهما في حياتها حين التقت بروميو لحود، الذي فتح لها باب الشهرة، فهو كان خطيب شقيقتها الكسندرا، ويبحث عن صوت جميل لمسرحيته. فأسمعته بخجل مقطعاً، وأعجب بصوتها المميز القوي المشبع طرباً، وبطلتها الجميلة والبهية.
وشكّلت قطريب مع لحود ثنائياً فنياً منذ عام 1974، وقدّما أعمالاً مميزة في الغناء والمسرح، وحازت أدوار البطولة في مسرحياته روميو لحود إلى جانب نخبة من الفنانين الكبار.
وفي أحد اللقاءات أكد أن القطريب كانت الأقرب إليه من بين الأسماء الكبيرة التي عمل معها، وقال عنها: «كان نصف حياتها للصلاة والنصف الآخر للمسرح، ولم تعنها الشهرة كثيراً وكان همها ابنتها».