يرى المدير السابق للكليات الحربية الإسرائيلية وقائد فوج جبهة الشمال قبل استقالته غيرشون هاكوهين في تحليل نشره قبل أيام في المجلة البحثية العبرية «إنتاج المعرفة» أن «المستوطنين في كل إسرائيل يريدون من الحكومة التي يرأسها بنيامين نتنياهو أكثر مما أرادوا من الحكومة السابقة ويرغبون بطريقة جديدة على حين أن المسؤولين العسكريين يأملون من نتنياهو المحافظة على المبادئ الأساسية لنظرية الحرب والأمن التي وضعتها الحكومة السابقة، وهذا ما يؤكده الجنرال المتقاعد رئيس المخابرات العسكرية السابق تامير هايمان حين نشر مقالاً في 6 تشرين الثاني الجاري طلب فيه أن يبقى جدول العمل الأمني الإسرائيلي الذي وضعته حكومة يائير لابيد هو جدول عمل حكومة نتنياهو نفسه»، ويضيف غرشون إن أهم مواضيعه ستكون أولا: موضوع التكنولوجيا النووية العسكرية الإيرانية ومنع إيران من تطويرها، ثانيا موضوع التصعيد الذي يقوم به الفلسطينيون في الضفة الغربية ومدينة القدس وإيقاف عملياته، والموضوع الثالث هو إعادة تقوية التنسيق مع الولايات المتحدة بعد أن تعرض التنسيق لضعف وخلاف في أعقاب تدهور النفوذ والقوة الأميركية في المنطقة وأخطار هذا العامل على إسرائيل.
ولا شك أن موضوع العلاقة بين واشنطن والكيان الإسرائيلي ستحتل بموجب تقارير أميركية وإسرائيلية أهم جدول عمل بين الطرفين في المستقبل القريب لأسباب عديدة أهمها أن السياسة الأميركية اعتادت على التعامل مع حكومات إسرائيلية لا تعلن عن الأهداف الحقيقية التي تسعى إلى إنجازها على الأرض على حساب الفلسطينيين بصراحة مباشرة ووقاحة، بل بطريقة تدريجية لا تظهر في خطابها السياسي المعلن والمكشوف، والكل يدرك أن حكومة نتنياهو زعيم الليكود، لا تستطيع في علاقاتها مع واشنطن الإعلان عن تبنيها للأهداف التي أعلن عنها رئيس حزب المتدينين الصهيونيين إيتامار بن غافير كشرط للمشاركة في حكومة نتنياهو الائتلافية وأهمها ليس توسيع الاستيطان فقط بل ضم مستوطنات في غور الأردن وفي المنطقة المجاورة لمدينة القدس للكيان الإسرائيلي لتدمير وتخريب أي احتمال لحل الدولتين الذي اعتادت واشنطن على الإعلان عن موافقتها عليه، فبن غافير وحزبه الذي يشارك في حكومة نتنياهو بأربعة عشر عضو كنيست، من المتوقع ألا يوافق لنتنياهو على سياسة التدرج والتحايل الخفي والتأجيل في موضوع ضم عدد من المستوطنات علناً لـ«السيادة» الإسرائيلية ويرى أحد أعضاء حزب بن غافير أن الحزب سيكسب نفوذا متصاعدا إذا تمسك بهذه السياسة التي إن لم تنجح فستجعل حزبه ينافس حزب الليكود اليميني في أي انتخابات مقبلة في حال انفراط عقد هذه الحكومة بعد سنة أو سنتين.
وبالمقابل يرى هاكوهين أن تسليم نتنياهو بهذه السياسة سيكلف واشنطن مشاكل كثيرة لأنه تكتيك غير مقبول ومتسرع في حين أن التكتيك المطلوب هو العمل على كسب الوقت لأكثر مدة ممكنة ريثما تنجلي نتائج الحرب الأميركية الغربية على روسيا في الموضوع الأوكراني.
هذا ما يؤكده أحد قادة حزب يائير لابيد رئيس حكومة تصريف الأعمال حين يقول إن الجميع ينتظر انهيار حكومة نتنياهو بسبب مواقف حزب المتدينين الصهيونيين وزعيمه بن غافير التي تتعارض مع التكتيك الأميركي بل الليكودي.
بالمقابل يرى هاكوهين أن أهم عامل سيسقط الحكومة المقبلة هو استمرار العجز الذي يواجهه «الجيش» الإسرائيلي في إيقاف الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية والقدس، لأن التصعيد في العمليات المسلحة الفلسطينية سيدفع ثمنه المستوطنون، ولن يكون بمقدور قيادة الجيش منع هذا الثمن أو تخفيض مضاعفاته الخطيرة على إسرائيل في الساحة الداخلية والخارجية.
في النهاية يبدو أن حكومة نتنياهو الجديدة القديمة لن تحصد غير الهزائم على غرار وجودها منذ عام 2009 حتى عام 2021 فلا جديد لا في قوة هذا الكيان ولا في قدرته على إيقاف العمل الفدائي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.