رياضة

برسم المكتب التنفيذي… إلى متى ستبقى مدينة الجلاء خارج التغطية وهل من حلول سريعة من القيادة الرياضية؟

| مهند الحسني

كما تحفل أرض وطننا بالمدن الأثرية المنسية كدير سمعان ودير سنبل ومدن أخرى كثيرة، فإن رياضتنا وبفضل ما عانته من سوء إدارة وخروج عن أهداف المنظمة، فقد تحولت لمدن رياضية بالاسم فقط، ولكنها منسية فعلاً بعد أن نسيها الرياضيون بسبب خروجها عن الخدمة لأسباب متعددة، فمنها الخارج بسبب ما تعرضت له من تدمير بسبب الأعمال الإرهابية، ومنها ما خرج بسبب إدارات وعقول لا تمت للرياضة بصلة حوّلت هذه المدن إلى مرتع لاستقبال الأحباب والموسرين وموظفي السفارات بعد أن سوّق مديرو هذه المدن أنفسهم على أنهم حريصون على المال العام، وبأنهم يحققون إيرادات مالية للمنظمة.

وقد لاقى هذا النغم الشاذ أذاناً مصغية لدى بعض القائمين على الرياضة في المرحلة السابقة، فغنّى كلُ على ليلاه، فأسهل الحلول على من يريد أن يمرر مصالحه الشخصية أن يتستر برداء المصلحة العامة، ونسي هؤلاء بأن الوظيفة التي بنيت من أجلها المدن هي خدمة الرياضة والرياضيين، وإلا لكانت سميت بالمدن الاستثمارية أو السياحية، وتم إتباعها لوزارة السياحة بدلاً من الاتحاد الرياضي العام.

حقائق قاسية

لم تشهد الرياضة السورية إجراماً بحق منشآتها مشابهاً لما عاشته في العقد الأخير، فكما امتدت يد التخريب والإرهاب للأبنية والملاعب والمنشآت فقد امتدت يد مخربة للقيم والأنظمة والأهداف، وإذا أردنا أمثلة حية على هذا التخريب المدروس والغايات الشخصية في حرف المنشآت عن وظائفها، لما اتسعت صحف المجلدات لهذه الأمثلة، فمن حلب الجريحة صالات وملاعب ترزح تحت الإهمال، وضعف الصيانة وأماكن تضيق باحتياجات الأندية، وفي حمص صالات لا تصلح لتخزين أشعة الشمس، ولا ضوء القمر، وإستاد يتجول من يد لأخرى بحثاً عن يد مهتمة بالمصلحة العامة تزيل عقبات الصيانة، أما في دمشق فهي تحفة التحف، وتضم أكبر وأكثر المدن الرياضية المنسية، حيث تقبع في الجهة الغربية من محافظة دمشق في حي سكني اسمه المزة، مدينة رياضية منسية اسمها الجلاء، شهدت فيما مضى أكبر الأحداث الرياضية العربية والقارية والمحلية، وخرج من صالاتها نجوم كرة السلة واليد والطائرة، ومن مسابحها أبطال السباحة التاريخيون، واحتضنت أهم المعسكرات التدريبية للمنتخبات في مراحل التحضير لدورة المتوسط والدورات العربية، هذه المدينة لم يغرقها الزمن بالرمل والتراب، ولم يهجرها الرياضيون بسبب القحط، ولم تنس لأن أهلها هجروها، بل أصبحت منسية بفضل مديرها الذي حوّلها من مدينة تستقبل الرياضيين إلى مجمع لاستقبال المدارس الخاصة التعليمية والرياضية وأصحاب «الكروش» والقروش وسيدات الصالونات الراغبات بالتنزه في مرافق الجلاء المنسية، أما المسابقات التي عززها مدير الجلاء، فهي مسابقة أجنحة البروستد وصدور المشوي وأسياخ الشاورما، ومنافسات فرق العراضة ومبارزات السيف والترس وفورمولا ووصول موكب العروس، وسباق جري المديرين العامين للشركات الخاصة التجارية، وفي ختام العام المسابقة الكبرى هي القفز في أحضان غرف التجارة والصناعة وبطولة رفع علب المربيات والسمنة والبسكوت من الأرض إلى صندوق السيارة.

مدينة الجلاء المنسية تعرضت للظلم والتجني والتشويه والتفرد، وتحولت إلى محطة صالون للعلاقات العامة، وتمرير بعض المصالح لدى المسؤولين الرياضيين وغيرهم وحمل المنشفة لهذا ومناولة البشكير لذاك.

ما نتمناه

المكتب التنفيذي الجديد والذي يقوده رياضي حقيقي، وما تعنيه المنشآت الرياضية للرياضيين، مطالب بنفض غبار النسيان عن جميع المنشآت الرياضية ورفع يد الانتفاع والارتزاق عنها، ومحاسبة كل من تسوّل له نفسه بحرف المنشآت عن غايتها الحقيقية، فالمدرسة للطالب والمشفى للمريض، والمتحف للآثار، والمتنزهات للسياحة، والمدن الرياضية للرياضة، والرياضة فقط، وأبوابها مفتوحة للرياضيين والبطولات، وليس من مهامها استقبال مهرجانات أو ألعاب تيلي ماتش، أو السيرك.

خلاصة

من لا يجد نفسه معنياً بخدمة الرياضيين واستقبال تدريباتهم واستضافة بطولاتهم، فليبحث له عن مكان في مديرية المدن المنسية، أو إدارة الهيئة العامة للفروج البروستد، وليترك الرياضة بحالها ولأهلها، ولن يطول الأمر بالمكتب التنفيذي الجديد لوضع الأمور في نصابها ومكانها، وتعود المدن الرياضية واجهة حقيقية لبناء رياضي سليم يرتقي لمستوى الطموح والأمل.

فإلى متى ستبقى صالة نادي الجلاء خارج الخدمة وتبقى صالة الفيحاء ترزح تحت ضغط أعباء تمارين أندية العاصمة وريفها، سؤال نترك الإجابة عليه للغيورين على رياضة وطننا الغالي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن