في الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين سورية وأرمينيا … أريسيان لـ«الوطن»: أسسنا لأبعاد متينة وعلاقات مبنية على الشراكة والاندماج الحضاري
| سيلفا رزوق
اعتبرت السفيرة السورية في أرمينيا نورا أريسيان، أن العلاقات التاريخية العريقة بين البلدين هيأت المناخ المناسب لإقامة علاقات دبلوماسية مستمرة منذ 30 عاماً ومبنية على التعاون والمصالح المشتركة، وجعلت من البلدين قوة كبيرة تؤهلهما للعب دور أساسي في الإطار الإقليمي والدولي.
وفي تصريح لـ«الوطن»، بمناسبة مرور الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين سورية وأرمينيا، رأت أريسيان أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين هي امتداد طبيعي لتاريخ طويل من العلاقات بين الشعبين السوري والأرميني على مر القرون، والتي ترسخت على أسس حضارية وتاريخية وثقافية وإنسانية، مشيرة إلى أنه في هذه المناسبة جرى تبادل رسائل التهنئة بين وزيري خارجية البلدين حيث أوضح وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد أن علاقات الصداقة بين سورية وأرمينيا تشهد تطوراً متنامياً في جميع المجالات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وجدد التعبير عن تطلع الحكومة السورية إلى تحقيق المزيد من التقدم بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين ويعزز أواصر العلاقات التاريخية بين الشعبين والتي تعمدت بالدم في مواجهة سياسات الإبادة والطورانية الجديدة للأنظمة التركية المتعاقبة.
وأشارت إلى أنه خلال العقود الثلاثة الماضية تتالت الزيارات الرسمية المتبادلة على مستوى الرؤساء، حيث قام الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته بزيارة رسمية إلى أرمينيا في حزيران 2009، شكلت خطوة مهمة على طريق ترسيخ وتعميق العلاقات بين البلدين، إضافة إلى الزيارات المتبادلة لوفود ترأسها رؤساء الحكومة والبرلمان ووزراء الخارجية والثقافة والتعليم والاقتصاد وآخرون، وجرى التوقيع على عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وشملت مجالات الثقافة والصحة والعدل والداخلية والتعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والكهرباء والطاقات المتجددة والرياضة والزراعة والاقتصاد والزلازل والاستشعار عن بعد، إضافة إلى برامج تنفيذية للتعاون العلمي والفني، وذلك تلبية لقرار قيادتي البلدين السياسية.
أريسيان تحدثت عن العمل الحثيث والجهود التي تبذلها السفارة الأرمينية في دمشق والسفارة السورية في يريفان، ولفتت إلى الندوة العلمية التي أقامتها السفارة السورية في ياريفان مؤخراً بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وذلك بالتعاون مع معهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الوطنية في أرمينيا بمشاركة عدد من السفراء السابقين والدبلوماسيين والأكاديميين، حث جرى نشرها على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأرمنية، مبينة أنه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن وتيرة العلاقات في السنوات الأخيرة تأثرت بجائحة «كورونا»، وكذلك تطورات الوضع السياسي في أرمينيا والحرب في كاراباخ، لكن رغم هذه الظروف يتم العمل على إيجاد الحلول حسب الإمكانات المتوافرة لدى الجانبين.
وأضافت: «بعد استلام مهامي، جرت لقاءات بروتوكولية مع الرئيس الأرميني ورئيسي مجلسي الوزراء والبرلمان ووزير الخارجية وكاثوليكوس عموم الأرمن، إضافة إلى لقاءات مع بعض الوزراء والهيئات الرسمية لمتابعة الاتفاقيات الموقعة في مجال التربية والتعليم وغيرها، وقد وجدنا ترحيباً كبيراً من جهة تعيين سفيرة من أصول أرمينية، وتأكيداً لأهمية تطوير العلاقات بين البلدين، ورغبة في التعاون على الصعد كافة».
وأشارت أريسيان إلى اللقاءات التي أجرتها مع وزير الاقتصاد الأرميني، وهيئات اقتصادية رسمية مثل غرفة التجارة والصناعة وجمعية أرباب العمل وغيرها، والتي أتت في إطار فتح آفاق تعاون اقتصادي مع أرمينيا الصديقة، وذلك في إطار تفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية بجميع أشكالها، ولتفعيل عقد اللجنة الحكومية المشتركة التي يمكن أن تكون نقلة نوعية للتعاون.
وقالت: «في منتصف تشرين الأول الماضي وخلال زيارة مجلس الأعمال السوري – الأرميني أعددنا لقاءات مع هيئات اقتصادية أرمينية كعمل دبلوماسي تشاركي من أجل دعم العلاقات التجارية، وتشجيع مشاركة الشركات الاقتصادية الأرمينية في إعادة إعمار سورية، ومن جهة أخرى نظمت السفارة اجتماعاً مع رجال أعمال واقتصاديين من أبناء الجالية السورية، لشرح وتوضيح التسهيلات التي تقدمها الحكومة السورية بموجب قانون الاستثمار رقم 18 ودفعهم لتنفيذ مشاريع استثمارية في سورية».
وأكدت أريسيان، أنه رغم الظروف المحيطة في السنوات الأخيرة، فالتعاون والتنسيق بين البلدين مستمر على كل المستويات السياسية والبرلمانية والإنسانية وغيرها، ونحن نشهد استمراراً للتعاون في إطار المحافل الدولية، واللقاءات المتبادلة على هامش المؤتمرات الدولية لوزراء خارجية البلدين والمشاورات السياسية، لتأكيد ضرورة الارتقاء بالعلاقات الثنائية وتطويرها بما يخدم مصلحة البلدين، واستمرار التواصل والتنسيق بين الجانبين سواء على الصعيد الثنائي أو في المحافل الدولية.
وأشارت إلى موقف أرمينيا في دعم سورية في حربها على الإرهاب وفي المجال السياسي والإنساني من خلال إرسال أطنان من المساعدات الإنسانية إلى سورية، ومن جهة أخرى، إرسال الحكومة الأرمينية البعثة الإنسانية الأرمينية التي تضم أطباء يعملون مع المراكز الصحية، وخبراء في إزالة الألغام، حيث قام المركز الأرميني لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية والخبرة بتطهير مناطق في ريفي حلب ودمشق من الذخائر التي خلفتها المجموعات الإرهابية.
أريسيان اعتبرت أن تلك الخطوات والعلاقات الدبلوماسية بين سورية وأرمينيا خلال العقود الثلاثة أسست لأبعاد متينة، يتوضح من خلالها السعي لإقامة علاقات أساسها الشراكة والاندماج الحضاري، ومبنية على صداقة تاريخية أفرزت تداخلات حضارية وثقافية ولغوية، وترابط ثقافي إنساني، وكذلك رغبة مشتركة في تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية، والعمل على رفع مستوى العلاقات بين دمشق ويريفان، كما صوّرها الرئيس بشار الأسد بأنه لا يمكن أن تقاس العلاقات بين سورية وأرمينيا بالجانب الرسمي وإنما يجب أن تقاس بجانبها التاريخي والشعبي والثقافي والعاطفي.