رياضة

هل استوعب راقصو السامبا الدرس الإفريقي قبل الامتحان الآسيوي؟ … الناري يطمح لتكرار مغامرته في روسيا 2018 … الكاميكاز الياباني والتايجوك الكوري في مهمة انتحارية

| خالد عرنوس

وفي اليوم الثالث لأدوار الإقصاء يظهر ممثلا القارة الصفراء الأفضل في محاولة لمواصلة نتائجهما المفاجئة عندما يصطدمان مع وصيف بطل العالم وأقوى المرشحين للقب، ففي استاد الجنوب يخوض مقاتلو الساموراي اليابانيون معركة أوروبية أمام الناري الكرواتي بعدما ساهموا بإقصاء المانشافت الألماني وفازوا على اللاروخا الإسباني في نتيجتين دخلتا في باب المفاجآت المونديالية الكبرى، وتنتظر أبطال آسيا السابقين مهمة ثأرية من هزيمة عمرها 24 عاماً، المباراة تنطلق في السادسة مساءً ويقودها الحكم الفنزويلي خيسوس فالينزويلا.

وفي المباراة الثانية يصطدم نمور التايجوك الكوريون بأبطال كأس العالم التاريخيين (راقصي السامبا) البرازيليين في أول مواجهة بين الفريقين بالمونديال واضعين نصب أعينهم أن البطولة الحالية هي الفرصة الحقيقية للمنتخبات الصغيرة التي حققت عدداً من النتائج التي كانت تصنف بين الأحلام، على حين يسعى السيليساو لتجاوز الهزيمة المعنوية أمام الكاميرون في المباراة الأخيرة آملين بأن تكون درساً قبل موقعة الليلة التي ستبدأ في العاشرة مساءً في استاد «974» ويديرها الحكم الفرنسي كليمنت توربين.

حذر برازيلي

قبل خمسة أشهر لم يكن أحد من فرق العالم الثالث (كروياً) يجرؤ على التوقع بما آلت إليه بعض مباريات المونديال القطري، ولم يكن المهاجم الكوري الجنوبي الأشهر هيونغ مين سون ليطلق صيحات التحدي بوجه منتخب السامبا قبل لقاء منتخب بلاده وخاصة إذا ما علمنا أن المنتخبان تقابلا مطلع الصيف المنصرم وانتهت المواجهة بينهما بفوز برازيلي كاسح بنتيجة 5/1، لكن المعطيات تبدلت بفضل شجاعة بعض المنتخبات «الصغيرة» التي أطاحت برؤوس كبيرة في الدور الأول من المونديال (هذا الكلام قبل لقاءات دور الـ16)، ومنها محاربو التايغوك الكوريون الذين تغلبوا على البرتغاليين فأبعدوا أول بطل للعالم.

اليوم ربما مازالت الترشيحات تصب في خانة راقصي السامبا لأنهم سادة المونديال أولاً وللخبرة والعراقة وأشياء أخرى كالمهارة ورفعة كعوب المواهب البرازيلية ولأن «العين لا تعلو عن الحاجب»، لكن هذا الكلام سيصبح في مهب الريح عند الحديث عن كرة القدم الحديثة، فليس بالضرورة أن تستحوذ على الكرة وليس المهم أن تمتع أو تظهر فنياتك العالية بل المهم العمل الجماعي وعدم الاستسلام واغتنام الفرص وهو ما فعلته منتخبات اليابان وكوريا والمغرب وتونس وحتى السعودية، وهو ما يخيف المعسكر البرازيلي على الرغم من مقدرة السيليساو اللعب بمن حضر فالكل قادر على صنع الفارق.

على أرض الواقع

كل الذي سبق يبقى كلاماً من باب التنظير إلا أن المؤكد أن يعي المدرب تيتي ولاعبوه الدرس الكاميروني المجاني عندما حاول المدرب المحنك إراحة العناصر الأساسية فكانت الهزيمة الأولى بالدور الأول بعد 24 عاماً، وما يشفع لتيتي أن فريقه حجز بطاقة الدور الثاني في أول مباراتين ودون عناء يذكر وبالتالي فمن حقه البحث عن مزيد من تجريب اللاعبين وإدخالهم في جو البطولة وكذلك تحسباً لإصابة مزيد من اللاعبين وخاصة أن نيمار مازالت عودته في علم الغيب وخيسوس بات خارج الخدمة وكذلك أليكس تيليس وربما أليكس ساندرو، ورغم ذلك فمازال تيتي واثقاً بقدارات البقية ويراهن عليهم ليس في مواجهة كوريا بل ما بعد ثمن النهائي.

بالمقابل فإن المدرب البرتغالي لكوريا بينتو يعرف أنها المحطة الأهم في مشواره التدريبي، فتخطي البرازيل بكل جبروتها يعني دخول التاريخ ولديه من العناصر الفاعلة ما يكفي لصنع مفاجأة ترتقي إلى مستوى المعجزات الكروية وعلى رأسها هيونغ مين سون نجم توتنهام الشهير ولي جاي سونع (ماينز) وجونغ وو يونغ (فرايبورغ) وكيم مين جاي (نابولي) ولي كانغ أن (مايوركا) وسواهم.

الناري أقل توهجاً

منذ حلوله وصيفاً ليطل العالم في المونديال الماضي تراجع المنتخب الكرواتي الملقب بـ«الناري» ولم يعد بتلك (الجذوة) التي كان عليها في روسيا فأخفق في النسختين الأولى والثانية من دوري الأمم الأوروبية قبل أن يتجدد لهيبه في النسخة الثالثة ويتأهل إلى نصف النهائي على حساب البطل الفرنسي والمنتخب الدانماركي، وخرج من دور الستة عشر ليورو 2021، إلا أنه سار بخطا ثابتة في التصفيات المونديالية قبل أن يحقق الأهم في النهائيات ويبعد المنتخب البلجيكي من الدور الأول رغم ظهوره بصورة ليست مثالية، ويعيد المراقبون هذا التراجع لاعتزال بعض اللاعبين وتقدم معظم الحاضرين بالسن وها هو القائد لوكا مودريتش قطع السابعة والثلاثين من العمر وهناك خمسة أو ستة لاعبين جاوزوا الثلاثين.

بالمقابل بقي مقاتلو الساموراي على مستواهم المعهود قارياً فقد بلغ المنتخب الياباني نهائي كأس آسيا 2019 وتابع بثقة مشواره بالتصفيات المؤهلة للمونديال وهاهم يسجلون نتيجتين تاريخيتين في الدور الأول في مجموعة الأبطال، فقد قهروا المانشافت الألماني واللاروخا الإسباني وتغلبوا عليهما بالنتيجة ذاتها وبسيناريو مشابه بعد التأخر بهدف ليتأهلوا إلى الدور الثاني عن جدارة واستحقاق على الرغم من الخسارة التي اعتبرت مفاجئة بين الانتصارين التاريخيين أمام التيكوس الكوستاريكي بهدف متأخر، ولأن الأمور في بلاد الإمبراطورية (الأرخبيل) لا تأخذ إلا بالدراسة والتخطيط المسبق فلا يمكن اعتبار الإنجاز الذي سجله الساموراي الأزرق مصادفة أو ضرب عشواء، بل جاء عن تخطيط مسبق وخطط طويلة المدى للنهوض بكرة القدم اليابانية، ولعل اتساع نخبة اللاعبين المنتشرين في أندية أوروبية كبيرة أحد أهداف هذه الإستراتيجية، وبالطبع كان له الدور الأهم في بلوغه دور الستة عشر.

معطيات قابلة للتجديد

وبالطبع ما زال المنتخب الناري هو المرشح على الورق لكسب هذه المعركة الأوروبية – الآسيوية اليوم، فهو الأكثر خبرة وثقلاً على أرض الملعب وربما يتفوق بجودة اللاعبين مع وجود مودريتش وبرزوفيتش وبريسيتش وفيدا ولوفرين وكراماريتش وبازاليتش ولوفرو ماجر والبقية ووجود المدرب زلاتكو داليتش الذي مازال على رأس عمله منذ خمس سنوات كاملة وهو صاحب إنجاز المونديال الماضي، إلا أن كل هذا قد لا يعني شيئاً أمام تصميم وعزم اليابانيين وسرعتهم التي يمكن أن تجاري مهارة الكرواتيين، وإذا كان داليتش امتلك خبرة اللعب في كأس العالم وأجاد فإن المدرب هاجيمي مورياسو يخوض هذه التجربة للمرة الأولى إلا أنه أثبت نجاحاً باهراً حتى الآن، ويمتلك المدرب البالغ من العمر 54 عاماً عدداً من اللاعبين الرائعين الذين يمكنهم أن يترجموا أفكاره على أرض الملعب ومنهم ثمانية لاعبين ينشطون بالدوري الألماني إضافة إلى عدد آخر في أندية أوروبا مثل مايا يوشيدا وجونيا إتو وإيتاكورا وشويشي غوندا ودايشي كامادا ودايزن مايدا وواتارو إيندو وريستو دوان الذي سجل هدفين من أهداف الفريق الأربعة في البطولة الحالية، حتى إن المدرب لم يشرك تاكومي مينامينو سوى لدقائق قليلة في الدور الأول علماً أنه استخدم خلاله 22 لاعباً.

سجل مونديالي

– شاركت البرازيل في جميع النسخ الـ22 من البطولة وخاضت 109 مباريات (رقم قياسي) وسجلت خلالها 73 فوزاً مقابل 18 تعادلاً ومثلها هزائم وسجل لاعبوها 229 هدفاً وتلقت شباكها 105 أهداف، وتوجت باللقب خمس مرات (19958 و1962 و1970 و1994 و2002) وحلت مرتين وصيفة للبطل (1950 و1998).

– تشارك كوريا الجنوبية في البطولة للنسخة الحادية عشرة وخاضت حتى نهاية الدور الأول 37 مباراة، ففازت بسبع مباريات وتعادلت بعشر وخسرت 20 مباراة والأهداف 38/74، أما الإنجاز الأهم فكان المركز الرابع في المونديال الذي استضافته مع اليابان عام 2002.

– هذه المشاركة السابعة لليابان في المونديال وخاضت حتى نهاية الدور الأول 24 مباراة ففازت بسبع منها وتعادلت 5 مرات وخسرت 12 مباراة والأهداف 24/32، ويعد بلوغ الدور الثاني أفضل ما حققته وهي تخوضه للمرة الرابعة.

– تشارك كرواتيا في البطولة للمرة السادسة وخاضت 26 مباراة ففازت بـ12 منها وتعادلت بست وخسرت 8 مباريات والأهداف 39/27، وحلت وصيفة لبطل العالم 2018 واحتلت المركز الثالث في مشاركتها الأولى 1998.

على هامش المواجهات

– تقابلت البرازيل مع كوريا الجنوبية في أربع مباريات ودية منذ 2002 وانتهت جميعها لأبناء السامبا بنتائج 3/2 عام 2002 و2/صفر عام 2013 و3/صفر عام 2019 و5/1 عام 2022، أما اللقاء الرسمي اليتيم فجمعهما في أولمبياد طوكيو 1964 وانتهى برازيلياً برباعية دون ردّ.

– 34 مباراة خاضتها كوربا الجنوبية في المونديال ومنها 24 ضد منافسين من القارة الأوروبية ففاز بست منها وتعادل 6 مرات مقابل 12 هزيمة، والانتصارات كانت على البرتغال مرتين 3/2 في 2002 و2/1 في 2020 وعلى إيطاليا 2/1 في 2002 وعلى اليونان 2/صفر في 2014 وعلى ألمانيا 2/صفر في 2018.

– ثلاث مباريات جمعت البرازيل بمنتخبات آسيوية ففاز على الصين 4/صفر في 2002 وعلى اليابان 4/1 في 2006 وعلى كوريا الشمالية 2/1 في مونديال 2010.

– تقابلت كرواتيا مع اليابان مرتين في المونديال، ففازت الأولى بهدف في الدور الأول 1998 وتعادلتا صفر/صفر في الدور ذاته عام 2006، وسبق لليابان الفوز في مواجهة ثالثة في دورة كيرين الودية عام 1997 بنتيجة 4/3.

– ثلاث مرات فقط لعبت ضد منتخبات آسيوية في البطولة منها المواجهتان مع اليابان أما الثالثة فكانت مع أستراليا وانتهت بالتعادل 2/2 علماً أن الأخيرة كانت ممثلة لأوقيانوسيا يومها.

– لعبت اليابان 12 مباراة ضد منافسين أوروبيين بالمونديال ففازت بأربع منها على روسيا بهدف عام 2002 وعلى الدانمارك 3/1 في 2010 وعلى ألمانيا وإسبانيا في البطولة الحالية وتعادل 3 مرات وخسر 5 مباريات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن