بيرتس: أساس جيد لاستعادة الحكم المدني الديمقراطي.. البرهان: لن نخذل السودانيين … المجلس الانتقالي والقوى المدنية يوقّعون اتفاقاً سياسياً.. واحتجاجات جديدة تشهدها الخرطوم
| وكالات
وقعت الأطراف السودانية أمس الإثنين الاتفاق السياسي الإطاري لإنهاء الأزمة السياسية بالبلاد تمهيداً لتشكيل حكومة لإكمال الفترة الانتقالية، وسط حضور محلي وإقليمي ودولي غفير.
وذكرت وكالة «سونا» أن الشق العسكري في مجلس السيادة الانتقالي في السودان، وقوى إعلان الحرية والتغيير-المجلس المركزي وحلفاؤها وقعوا اتفاقاً إطارياً، يمهّد لنقل السلطة إلى المدنيين وإنهاء الأزمة المستفحلة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام.
وخرجت تظاهرات في العاصمة الخرطوم وعدد من مدن السودان، مطالبة بالحكم المدني وتحقيق العدالة، وذلك بعد أقل من ساعة من توقيع الاتفاق، وذكرت «سكاي نيوز عربية» أن قوات الأمن تصدت للمحتجين بالغاز المسيل للدموع لمنعهم من الوصول إلى منطقة القصر الجمهوري في العاصمة.
وجاءت الاحتجاجات وسط انقسامات حول الاتفاق، حيث أعلنت لجان المقاومة التي تقود الحراك الحالي في الشارع، رفضها له، معتبرين أنه لم يحسم بشكل واضح مسألة إبعاد الجيش عن السلطة وتجاهل قضايا العدالة وتفكيك التمكين وعدم اتساقه مع اللاءات الثلاثة المرفوعة في الشارع والتي تتحدث عن عدم المشاركة أو التفاوض مع القيادة العسكرية الحالية.
ويتضمن الاتفاق 27 بنداً، أبرزها تسليم السلطة الانتقالية إلى سلطة مدنية ديمقراطية كاملة من دون مشاركة القوات العسكرية فيها، على حين تتكوّن هياكل السلطة الانتقالية من المجلس التشريعي ومجلس الوزراء الانتقالي والمجالس العدلية والمفوضيات المستقلة.
وبحسب الاتفاق فإن مهام السلطة الانتقالية تكمن في الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى إنشاء جيش عسكري ينأى بنفسه عن السياسة، بالإضافة إلى حظر إنشاء مجموعات عسكرية وشبه عسكرية، في حين تنحصر مهام القوات المسلحة خلال الفترة الانتقالية باحترام القانون والحكومة المدنية.
كما نص الاتفاق على دمج قوات الدعم السريع ضمن القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية المتفق عليها، وإصلاح جهازي الشرطة والمخابرات ووضعهما تحت سلطة رئيس مجلس الوزراء، وحصر مهام جهاز المخابرات على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات المختصة، وتجريده من سلطة الاعتقال والاحتجاز.
ويتضمن الاتفاق إصلاح الأجهزة القضائية في البلاد بما يحقق استقلاليتها ونزاهتها، وإطلاق عملية شاملة تحقق العدالة الانتقالية تكشف الجرائم وتقدم مرتكبيها للعدالة وتنصف الضحايا وتبرد الجراح، وتضمن عدم الإفلات من أعقاب وعدم تكرار هذه الجرائم مرة أخرى.
إضافة إلى تنفيذ اتفاق سلام جوبا مع تقييمه وتقويمه بين السلطة التنفيذية وشركاء الاتفاق وأطراف الإعلان السياسي واستكمال السلام مع الحركات المسلحة غير الموقعة عليه.
وبحسب الاتفاق أيضاً، تختار قوى الثورة رئيس وزراء انتقالي بالتشاور مع الأطراف المدنية الموقعة على الإعلان السياسي، وأنّ مدة الفترة الانتقالية ستكون 24 شهراً تبدأ من تاريخ تعيين رئيس الوزراء الانتقالي، إلى جانب بدأ عملية شاملة لصياغة الدستور تحت إشراف مفوضية صياغة الدستور في السودان.
وقال ممثل الأمين العام، ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان «يونيتامس» فولكر بيرتس: «إن هذا التوقيع يعد بمثابة أساس جيد لاستعادة الحكم المدني الديمقراطي بالسودان»، وهنأ الشعب السوداني بهذا التوافق والتوقيع السياسي الإطاري ودعا المجتمع الدولي بدعم هذا الاتجاه التوافقي، وذكر أن التوقيع خطوة شجاعة تضمن حقوق مكونات الشعب السوداني في التعبير وأسر الشهداء والمرأة والشباب والهيئات المدنية ونقطة تحول في القضية السياسية السودانية.
من جانبه أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بعد توقيع «الاتفاق الإطاري»، على الالتزام بخروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية نهائياً.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن البرهان قوله في كلمة له خلال الاحتفال بالتوقيع: منذ البداية قلنا إن وجود المؤسسة العسكرية في السلطة هو أمر مؤقت، وأشار إلى أن المهنية تعني اعتراف العسكريين بقيادة السياسيين للسياسة في السودان، مؤكداً أن «السلطة المدنية معنية بوضع سياسات الأمن الوطني».
كما ذكّر أنه على السلطة المدنية عدم التدخل في مهنية المؤسسة العسكرية، قائلاً: «القوات المسلحة ستبقى إلى جانب الشعب السوداني، ولن نخذل السودانيين ولن نقف في طريق تحقيق أحلامهم».
وبيّن أن «السودان يمر بظرف استثنائي، ويجب تغليب مصلحة الوطن والمواطن، وناشد باستمرار الدعم الدولي، بما في ذلك رفع العقوبات عن السودان.
بدوره رحب الإتحاد الإفريقي بتوقيع الاتفاق، وأعلن السفير محمد بلعيش سفير الإتحاد الإفريقي بالخرطوم، مباركة الإتحاد للاتفاق باعتباره يصب في صميم متطلبات السودانيين في التحول الديمقراطي وإنشاء مؤسسات السودان الجديد لتجسيد شعار «حرية سلام وعدالة».
ويعاني السودان، منذ 25 تشرين الأول 2021، أزمة سياسية في إثر انقلابٍ قضى بحل حكومة عبد اللـه حمدوك الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ، وتجميد بعض المواد في الوثيقة الدستورية، ووقف أنشطة لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة لانقلاب الرئيس السابق عمر البشير في العام 1989.