قمة كلاسيكية بين الأرجنتين وهولندا والناري لإيقاف راقصي السامبا … الإنكليز والفرنسيون على صفيح المونديال الساخن .. التوغل في التاريخ ينتظر المغاربة أمام البرتغاليين
| خالد عرنوس
وبدأت الدائرة تضيق والمنافسون يتقلصون، فبعدما ودعت ثمانية منتخبات النسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم مع نهاية الدور الثاني أمس الأول، هاهي أربعة منتخبات جديدة تقترب من المغادرة من خلال منافسات دور الثمانية التي تقام يومي الجمعة والسبت، وبنظرة سريعة إلى المواجهات الأربع التي ستقام في ربع النهائي نجد أنها تحمل الكثير من الذكريات المونديالية بحلاوتها ومرارتها وهناك ديربي وكلاسيكو مونديالي.
البداية ستكون بلقاء السيليساو البرازيلي مع الناري الكرواتي في مواجهة الفن والخبرة والجمال والقوة وموعدها في السادسة من مساء الجمعة على استاد المدينة التعليمية، وفي العاشرة مساءً يلتقي منتخب التانغو الأرجنتيني مع طواحين هولندا في لقاء له مكانته في الذاكرة المونديالية ويكفي القول إن الفريقين تقابلا في ثلاثة أدوار إقصائية وأهمها كان على لقب 1978.
يوم السبت سيكون الختام مسكاً مع ديربي المانش بين أسود إنكلترا الثلاثة وديوك فرنسا المدافعين عن لقبهم ومواجهة شرسة بين مبابي وكين الأكثر أهدافاً في المونديال الماضي والحالي والمواجهة موعدها في العاشرة مساءً على استاد البيت، ويسبقها في السادسة مساءً سيكون الموعد التاريخي للمنتخب المغربي بمواجهة السيلكسيون البرتغالي في الاستاد الأضخم «لوسيل».
الناري والسيليساو
من المواجهة الأولى نبدأ فالسيليساو يلتقي الناري الكرواتي في مواجهة تحمل الكثير من المتعة والقوة والمهارة التي يتميز بها الفريقان، وإذا كان الفريق الكرواتي وصيف بطل المونديال بلغ ربع النهائي بالحظ وركلات الترجيح على حساب المنتخب الياباني، فإن البرازيلي قدم الصورة المثالية للفريق المرشح للقب في الشوط الأول من مباراة كوريا التي أنهى فيها حكاية التأهل قبل أن يميل للتهدئة بحثاً عن الوصول إلى مباراة اليوم كامل العدد من دون إصابات وأكثر راحة، وهو ما تحقق وخاصة أن مودريتش ورفاقه نال منهم بعض التعب حتى إن المدرب أخرج خلال الأوقات الإضافية مودريتش وبيريسيتش وكوفاسيتش وهم من أهم عناصره قبل الوصول إلى ركلات الأعصاب، ويمكن تلخيص المواجهات الخاصة خلال هذه المباراة بمعركة خط الوسط التي يديرها اللاعبون المخضرمون، وتبدو هنا الكفة أرجح للكروات إلا أن القوة الهجومية الضاربة للمنتخب البرازيلي التي تبدو أكثر حيوية ونشاطاً بفعل السن وكذلك بوجود لاعبين أعلى مهارة في الجانب البرازيلي بوجود نيمار وفينيسيوس وريتشارلسون ورافينيا ورودريغو.
أما في خطي الدفاع فتبدو الكفة متوازنة نوعاً ما بخليط بين الخبرة والشباب في الجانبين، وقد تألق حارسا مرمى الفريقين فتصدى أليسون لعدد من الفرص الخطيرة خلال المباريات الثلاث التي خاضها، في حين يحسب لليفاكوفيتش أنه كان بطل ركلات الترجيح في دور الـ16، واللافت أن شباك الفريقين تلقت هدفين في أربع مباريات، على حين سجل الكرواتي 5 أهداف مقابل 8 أهداف للبرازيلي، وباختصار يمكننا القول: إن الفريق الأعلى بدنياً والأكثر حضوراً ذهنياً والأميز بإنهاء الهجمات سيكون أول فريق في مربع الكبار إلا أن المؤكد أننا سنتابع ملحمة كروية جميلة.
التانغو والطواحين الحقيقية
وبما أننا نتكلم عن الملاحم، فإن لقاء الأرجنتين وهولندا سيكون من هذا الصنف ذلك أن ميسي ورفاقه لن يكونوا مثل دون كيشوت الذي حارب طواحين الهواء بل سيواجهون طواحين جاهزة للدوران بقوة على أرض الملعب، وقد دخلوا البطولة مرشحين للمنافسة على اللقب حالهم حال الألبيسيلستي، ونجحوا حتى الآن في مسعاهم على الرغم من أن لاعبي المدرب الخبير لويس فان غال لم يقدموا كل ما في جعبتهم وخاصة أنهم لم يحتاجوا لبذل المزيد ليصلوا إلى هذه الموقعة بأقل مجهود، فالفريق البرتقالي حقق 7 نقاط بالدور الأول كانت كافية للصدارة وبطريقة لم ترق لعشاق الكرة الجميلة الذين انتظروا من خلفاء كرويف عروضاً أفضل وأقوى، وفي الدور الثاني قدموا الأداء الأفضل أمام فريق أميركي منظم، وتفوقوا وتجاوزوه بجدارة.
بالمقابل بدأ راقصو التانغو البطولة على أسوأ وجه بالهزيمة التاريخية أمام السعودي، فدخلوا مباراتي المكسيك ثم بولندا تحت ضغط ضمان التأهل الذي تأكد بفوز مريح عملياً على رفاق ليفاندوفسكي، وفي ثمن النهائي أظهر ميسي ورفاقه صورة أفضل لكنهم لم يتمكنوا من الحسم مبكراً وانتظروا صفارة الحكم بفارغ الصبر على الرغم من الفوارق الكبيرة عن الكنغارو الأسترالي.
وعند الحديث عن مواجهة الهولندي فيجب على ميسي خاصة ومن يختارهم المدرب ليونيل سكالوني لمجاورته إخراج أفضل ما لديهم ليواصلوا الطريق نحو اللقب المنتظر، وسيكون الأمر غاية في الصعوبة بوجود عناصر أكثر مهارة وحيوية في الجانب الهولندي حسب ما شاهدنا حتى الآن.
ديوك وأسود
لطالما ارتدت مواجهات منتخبي إنكلترا وفرنسا والتي تعرف بديربي المانش طابع الندية والإثارة وخاصة في العقود الخمسة الأخيرة، وعلى الرغم من التفوق الواضح للإنكليز إلا أن المواجهات الرسمية كانت متعادلة تماماً إلا أنها كانت دائماً غير ذات أهمية على عكس اللقاء القادم الذي سيكون محطة للتقدم نحو منافسة أقرب على اللقب العالمي أو خروج من السباق، وهنا تبدو الفرص متساوية تقريباً بين فريقين من أفضل فرق العالم وفرق البطولة على وجه الخصوص.
فالفريق الأزرق مازال مرشحاً للاحتفاظ بلقبه، وعلى الرغم من خسارته أمام تونس في ختام الدور الأول، إلا أنه ظهر كما ينبغي في الدور الثاني وتخلص بسهولة من نظيره البولندي، في حين المنتخب الإنكليزي لم يواجه حتى الآن أي مأزق سوى أمام الأميركي الذي تفوق عليه رغم التعادل، ففاز بسهولة على إيران وويلز وحتى على السنغال، وبأقل التكاليف أو بطريقة اقتصادية ستكون نافعة في مثل هذه البطولات الكبرى، وبالتالي فإن الكفة تبدو متوازنة بين الفريقين ويمكن القول: إن الفصل فيها للمدرب الأفضل الذي يعرف كيف يستفيد من إمكانية لاعبيه ولدى كل منهما عدد لا بأس به من النجوم المؤثرين، فالمدرب الفرنسي ديشان لديه جيرو وهيرنانديز وغريزمان وديمبلي وكومان وشواميني وعلى رأس هؤلاء النجم اللامع كليان مبابي الذي يثبت كل يوم أنه أحد أساطين اللعبة حالياً وها هو يتصدر لائحة الهدافين وقد سجل في مونديالين 9 أهداف وهو رقم لم يصل إليه أي لاعب وهو بعمر 23 سنة، وعلى الجهة المقابلة لدى ساوثغيت هداف المونديال الماضي هاري كين ومعه ثلة من المواهب الشابة أمثال فودين وماونت وساكا وبيلينغهام وبعض الخبرات مثل هندرسون وماغواير وفيليبس وويلسون، ولا بد من ملاحظة أن الإنكليز سجلوا 12 هدفاً مقابل هدفين فقط بمرماهم، في حين الفرنسيون سجلوا 9 أهداف، لكنهم تلقوا هدفاً في كل مباراة.
شلال الفرح
يقف المنتخب المغربي على أعتاب تاريخ جديد بعدما نجح بدخول تاريخه الخاص على مستوى المونديال بالتأهل إلى ربع النهائي للمرة الأولى بتاريخ المنتخبات العربية وذلك عندما يواجه نظيره البرتغالي المرشح للمنافسة على اللقب، وإذا كان الفريق الشقيق قدم مباراة للذكرى واحتاج لركلات الترجيح لتجاوز نظيره الإسباني فإن السيلكيسيون كشر عن أنيابه الحادة بالتفوق على نظيره السويسري كاشفاً عن نياته بالوصول إلى أبعد نقطة في هذه البطولة سواء بحضور أيقونته «رونالدو» أم بغيابه، ويخشى عشاق الكرة العربية وأسود الأطلس على وجه التحديد أن يكون لاعبو المدرب وليد الركراكي وصلوا الحد الأقصى بعد 4 مباريات على مستوى رفيع من الأداء والنتائج الرائعة ولاسيما أنهم خاضوا وقتاً إضافياً وركلات أعصاب على عكس فريق فرناندو سانتوس الذي ضمن التأهل باكراً ولم يجد سوى فريق سويسري مهلهل في آخر مواجهات الدور الثاني.
التاريخ يساوي بين الفريقين بفوز لكل منهما والمعطيات الحالية تقف إلى جانب البرتغاليين وخاصة بوجود فيرنانديز وسيلفا ولياو وجواو فيلكس وخبرة وشراسة بيبي وزملائه في الخط الخلفي إضافة إلى وجود رونالدو الرمزي أو الفعلي، لكن بالمقابل ورغم كل شيء فإن أسود الأطلس أثبتوا أنهم لا يقلون عن كبار القوم، ومن شاهد رومان سايس وحكيمي وزياش ومرابط ومزراوي وبونو وبقية الفريق لا بد أنه تأكد من قوة شكيمة الأسود، وأقله لأنهم لن يكونوا منافساً سهل المنال، ولا شك أن الحال المعنوية التي اكتسبها الفريق حتى الآن كافية لإعطائه دفعة كبيرة على أرض الملعب بمواجهة أي منافس.
وجهاً لوجه
– 4 مباريات جمعت البرازيل وكرواتيا، ففاز البرازيليون مرتين في المونديال، بهدف عام 2006 و3/1 في 2014، وتعادلتا ودياً 1/1 عام 2005 وفازت البرازيل بهدفين عام 2018.
– تقابلت الأرجنتين وهولندا في 9 مباريات، ففازت هولندا 4 مرات والأرجنتين مرة وتعادلتا 4 مرات والأهداف 13/6، ومنها 5 مرات في المونديال أولها في الدور الثاني لمونديال 1974 وانتهى لهولندا برباعية وفي نهائي 1978 وفازت الأرجنتين 3/1، وفي ربع نهائي 1998 وفازت هولندا 2/1 وتعادلتا في الدور الأول 2006 من دون أهداف، وبالنتيجة ذاتها في نصف نهائي 2014 وفازت الأرجنتين بركلات الترجيح.
– مواجهتان سابقتان جمعتا المغرب والبرتغال وكلاهما في المونديال ففاز الأول بثلاثة أهداف لهدف في الدور الأول نسخة مكسيكو 1986 وفاز الثاني بهدف في نسخة روسيا 2018 بالدور ذاته.
– تقابلت فرنسا وإنكلترا 31 مرة في كل المناسبات والغلبة للأخيرة بواقع 17 انتصاراً مقابل 9 للأولى وتعادلتا 5 مرات والأهداف 71/39، ومنها 7 مواجهات رسمية ففاز الإنكليز مرتين في مونديال 1966 بهدفين ومونديال 1982 بنتيجة 3/1، وفازت فرنسا مرتين وساد التعادل 3 مباريات.
هوامش
– ست مواجهات جمعت البرتغال مع منتخبات إفريقية في المونديال، وكلها في الدور الأول ومنها اثنتان مع المغرب، وقد فازت على أنغولا بهدف في 2006 وتعادلت مع ساحل العاج سلباً في 2010 ومرتين على غانا بنتيجة 2/1 في 2014 و3/2 في النسخة الحالية.
– 15 مواجهة جمعت المغرب مع منتخبات أوروبية ففازت بثلاث منها وكانت على حساب البرتغال 1986 واسكتلندا 3/صفر في فرنسا 1998 وعلى بلجيكا 2/صفر في النسخة الحالية وتعادلت في 7 مقابل 5 هزائم.
– خاضت هولندا 15 مباراة ضد منتخبات لاتينية حققت خلالها 8 انتصارات وتعادلت 5 مرات مقابل هزيمتين فقط، كانتا أمام الأرجنتين في نهائي 1978، والبرازيل 2/3 في ربع نهائي 1994.
– خمس مواجهات جمعت كرواتيا بمنتخبات من أميركا الجنوبية، ففازت على الأرجنتين 3/صفر في 2018، وخسرت أمامها صفر/1 في 1998 وخسرت من البرازيل مرتين ومن الإكوادور بهدف في نسخة 2002.