اقتصاد

خبير: 85 بالمئة من الأنشطة الاقتصادية تعمل في الظل … المالية ترد: النسبة غير منطقية وفيها مبالغة وكثير من المكلفين يتهربون من التكليف الضريبي مهما كان بسيطا

| عبد الهادي شباط

مع عام 2005 تم التوجه نحو الانتقال من نموذج التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، الذي يعتمد سياسة الانفتاح وإعطاء مرونة لآليات القطاع الخاص وتشجيعه على الاستثمار في مختلف النشاطات الاقتصادية. ومعه اتسعت ظاهرة اقتصاد الظل وتغلغلت في الشبكات الرسمية وغير الرسمية نتيجة ضعف أنظمة المتابعة والمحاسبة والحماية، وقصور إمكانات الاقتصاد الكلي السابق وقلة خبرته في التوظيف في مجالات الاستثمار والعمالة والمالية العامة.

وفي تصريح لـ«الوطن»، قدر الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم العدي حجم اقتصاد الظل حالياً بنحو 85 بالمئة وهو ما يفيد بحالة تنامى واسعة لشكل هذا النوع من الاقتصاد (الأنشطة غير المسجلة لدى الدوائر الحكومية) بعد أن كان لا يتجاوز 50 بالمئة قبل العام 2011 بينما اليوم واضح أن اقتصاد الظل أكبر بكثير من الاقتصاد النظامي، معتبراً أن من أهم الأسباب التي تدفع الأنشطة الاقتصادية إلى الظل هو التهرب من التكاليف المالية (الضرائب والرسوم) أو التهرب من التراخيص والسجلات التي تطلبها الجهات التي تدير القطاعات الاقتصادية أو أن النشاط الاقتصادي لا يرخص أساساً في المكان الذي يزاول به صاحب العمل نشاطه الاقتصادي أو أن الأنظمة وبعض القوانين لا تسمح للشخص صاحب النشاط الاقتصادي بالترخيص، مثال على أستاذ جامعي لا يحق له أن يرخص محلاً تجارياً أو أن الموظف لا يحق له الحصول على ترخيص لتكسي عمومي إضافة لعامل التلاعب بطبيعة النشاط الاقتصادي المرخص وتغيره عبر مزاولة نشاط مختلف عن المرخص مثال مكتبة ترخص لبيع القرطاسية أمام مبنى الجامعة ثم تعمل في بيع الملخصات بشكل مخالف وتحقق إيرادات عالية من ذلك بينما تكليفها المالي (الضريبة) يكون على أساس الترخيص.

واعتبر أن اقتصاد الظل ينتشر في كل المناطق السورية في المدن والأرياف ومثال ذلك الورش العاملة في أقبية المدن والضواحي والبسطات التي تشغل أرصفة الطرقات العامة ووسائط النقل التي تعمل من دون ترخيص وغيره.

وعن الضرر الذي يسببه هذا الشكل من الاقتصاد (اقتصاد الظل) اعتبر أن اقتصاد الظل في كل دول العالم يقدم منتجات رديئة وغير مراقبة ويسمح بتشغيل الأطفال وعدم ضمان حقوق العاملين فيه إضافة للفوات الذي يتسبب به جراء التهرب من التكاليف المالية.

بينما اعتبر مصدر في وزارة المالية في حديثه لـ«الوطن» أن تقدير حجم اقتصاد الظل بـ85 بالمئة مبالغ به لأنه من غير المنطقي أن يكون من أصل كل 10 محال تجارية 8-9 محال غير معلومة من الإدارة المالية خاصة في مراكز المدن حيث أغلب الأنشطة الاقتصادية مراقبة ومعلومة من الدوائر المالية والاقتصادية المعنية بينما يرتفع توزع اقتصاد الظل في الأرياف والمناطق النائية وأن الكثير من الأنشطة الاقتصادية غير مستقرة ومنها ما يعمل لشهرين أو ثلاثة ثم يتوقف النشاط الاقتصادي وهذا لا يمكن اعتباره اقتصاد ظل لأنه لا بد من توفر الديمومة في النشاط الاقتصادي حتى يمكن التعامل معه مالياً.

وأضاف المصدر إنه لا يمكن اعتبار التكليف الضريبي هو سبب هذه الظاهرة لأن التهرب الضريبي مسألة وعي وثقافة والكثير من المكلفين مازالوا يعتبرون أن الضريبة عبء عليهم ويعملون على التهرب منها مهما كان حجم التكليف الضريبي ولو كان بسيطاً جداً رغم استفادته (المكلف) من كل الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية، وفي المحصلة الضريبة هي حق للخزينة العامة ليتم إعادة إنفاقها على تأمين الخدمات الأساسية والضرورية، وعلى سبيل المثال هل يستطيع صاحب النشاط الاقتصادي التهرب من إيجار المحل في حال كان مستأجراً لكنه يتهرب من الضريبة مهما كان حجمها بسيطاً.

ويرى العديد من الباحثين في الشأن الاقتصادي أهم الطرق للإصلاح الهيكلي ودمجه بالاقتصاد الحقيقي هو إلغاء سياسة المنع واستبدالها بسياسة الضبط، فأي عملية منع لأي سلعة أو خدمة هي باب كبير لاقتصاد الظل والفساد والتهريب، وإلغاء سياسة الجباية والتحول لسياسة الشراكة.

مع التركيز على أن تنامي اقتصاد الظل يضر بالمنظومة الاجتماعية لجهة أن العمالة في ظله ستكون بدون حصانة اجتماعية تحمي حقوقها كما يحدث في تشغيل الأطفال.

لكن لا يمكن تجاهل أنه لهذا الشكل من الاقتصاد (اقتصاد الظل) جانب إيجابي فهو بالنهاية نشاط ينتج عنه دوران للسلع والخدمات وتشغيل للقوى العاملة ومصدر دخل لبعض الأشخاص ممن لم يستطيعوا الحصول على مصدر للدخل أو العمل.

وفي المحصلة يبدو أنه في الاقتصاد لا يوجد شيء صحيح في المطلق ولا شيء خطأ بالمطلق فمعظم الاقتصاد المنزلي اليوم يصنف ضمن اقتصاد الظل كونه غير مرخص لكنه يقدم منتجات عالية الجودة ويؤمن الكثير من احتياجات السوق المحلية خاصة المنتجات الغذائية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن