رؤية انفصالية وتزوير للتاريخ وتشجيع على مفاهيم دينية وأخلاقية بعيدة عن ثقافة المنطقة … مناهج «قسد».. تجربة فاشلة وغير معترف بها ورفض شعبي عارم يمنع تدريسها
| سيلفا رزوق
لم تهدأ التحركات التي تخوضها الأوساط الشعبية في مناطق سيطرة ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» ضد الإجراءات التي تتخذها الأخيرة لفرض طروحاتها الانفصالية ومحاولات فرض واقع ميداني على الأراضي السورية يكرس فكرة «الحكم الذاتي» وما يتبعه من إجراءات قائمة على تغيير المفاهيم والثوابت الوطنية الراسخة لدى أبناء تلك المناطق.
ولعل ما قامت به تلك الميليشيات مؤخراً من محاولات فرض مناهجها في المدارس التي استولت عليها بمناطق الحسكة ودير الزور والرقة والتي كرست فيها رؤيتها الانفصالية وما تبع ذلك من رفض شعبي عارم، أكد بأن أحلام هذه الميليشيات لن تتعدى المرحلة الزمنية التي يتواجد فيها الأميركي كمحتل للأراضي السورية وداعم لهذه الميليشيات.
رؤية «قسد» الانفصالية لم تتوقف عند حدود الترويج لخرائط عن «دولة كردية» مزعومة تمتد حدودها على أطراف دول الإقليم من سورية إلى العراق وتركيا وإيران وصولاً لحدود أرمينيا، بل تعدتها للتاريخ، حيث عمدت إلى تزوير التاريخ من جهة عبر تجاهل فترات تاريخية مهمة مرت على المنطقة ومنها العصرين الأموي والعباسي، والتحدث عن بطولات متزعمي «قسد» خلال فترة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على المنطقة وما تسميه «مقاومة» مدينة عين العرب التي تطلق عليها مسمى «كوباني» إضافة إلى فرض دروس عن شخصيات كردية مثل عبد اللـه أوجلان ومن تسميهم «قسد» قادة «المقاومة» ضد داعش إضافة لما يخص طموح تلك الميليشيات بالانفصال، وهو ما أشارت إليه مديرة تربية الحسكة إلهام صورخان في حديثها لـ«الوطن» والتي لفتت إلى أن الأخطر هو إدخال مواد ثقافة الشعوب والجنولوجيا (علم المرأة) والثقافة والأخلاق التي تشجع على الانفتاح الجنسي إضافة إلى إدخال تدريس الديانة الزردشتية والديانة البوذية، وهو ما ترفضه عادات وتقاليد أبناء المنطقة.
صورخان أكدت أن هذه المناهج ليست تربوية، ولم تعتمد الميليشيات على متخصصين تربويين وأصحاب خبرة علمية في إعدادها، بل اعتمدت على سياسيين من أصحاب التوجه الانفصالي، مبينة أن الشهادات الصادرة عن هذه المناهج غير معترف فيها في أي دولة.
وكشفت أن أبناء «قسد» إضافة إلى أبناء الموظفين الذين يخضعون لضغوطاتها وابتزازها في حال رفضوا الخضوع للدراسة في مدارسها، هؤلاء إضافة إلى أنهم يدرسون في المدارس التي تسيطر عليها هذه الميليشيات فإنهم يعمدون في الوقت ذاته على الدراسة بمناهج الدولة السورية، وتقديم امتحانات الشهادة في مناطقها ومدارسها.
كما كشفت صورخان، أن أبناء متزعمي «قسد» جميعهم يدرسون مناهج الدولة، وبعضهم حصل على علامات عالية في امتحانات شهادة التعليم الأساسي والتعليم الثانوي، حتى زوجات هؤلاء المتزعمين يعملن مدرسات في مدارس الدولة، وتتعامل الدولة معهن بأنهن أبناؤها بغض النظر عن مواقف أزواجهن وآبائهن وانتماءاتهن وتورطهن في مشاريع معادية للدولة السورية.
ويوجد في محافظة الحسكة 2185 مدرسة احتلت «قسد» الجزء الأكبر منها ولم يتبق تحت سيطرة الدولة إلا 179 مدرسة، لكن المدارس التي سيطرت عليها تلك الميليشيات تم الإبقاء على عدد قليل منها كمدارس بما لا تتجاوز نسبته الواحد بالمئة، حسب مديرة تربية الحسكة التي كشفت أن ما تبقى من أبنية مدرسية جرى تحويله إلى مقرات إدارية للميليشيات وسجون ومراكز جباية للضرائب والبلديات وهيئات ما تسمى التربية والتعليم.
صورخان أكدت أن هذه الأفعال ومحاولات فرض هذه المناهج هي تجربة فاشلة بامتياز، لكونها غير معترف بها من جهة، كما أن هذه المناهج لم تبنَ على أسس علمية بل بنيت على أسس سياسية ضيقة، معتبرة أن الدليل الأكبر على فشلها هو قرار الميليشيات إغلاق شعبة «البكالوريا» لعدم وجود طلاب يدرسون بها.
رفض شعبي
وعلى الرغم من تمكن «قسد» من فرض مناهجها على بعض المدارس في مناطق سيطرتها بالحسكة بحكم وجود متزعميها هناك، غير أن الرياح لم تجرِ وفق لما تمنته سفنها في دير الزور والرقة والتي أعلن أبناؤها عن رفضهم القاطع لتدريس هذه المناهج، البعيدة عن ثقافة السوريين وعاداتهم وتقاليدهم وتتضمن دعوات إلى تكريس الانفصال عن الوطن الأم سورية، وفقاً لما أوضحه مدير تربية دير الزور جاسم الفريح الذي أشار إلى أن التدريس في المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد» يتم بإشراف منظمة «اليونيسيف»، إضافة إلى أن وزارة التربية وضعت منهاج «الفئة ب» التجريبي الخاص لمن فاتته الدراسة بحكم الظروف القائمة كما قدمت الدولة كل التسهيلات لطلاب الشهادتين الثانوية والأساسية.
واعتبر الفريح، أن تشويه التاريخ والحضارة والجغرافيا وفرض اللغة الكردية وتشويه المعتقدات الدينية والإسلامية، ومحاولة فرض تقبل فكرة «الحكم الذاتي»، دفع بأبناء المنطقة إلى إعلان رفضهم لهذه المناهج والتي لا تدرس على الإطلاق اليوم في محافظة دير الزور ومناطق الجزيرة والباغوز باتجاه منطقة الشدادي شمالاً، ومنطقة الطبقة في محافظة الرقة حيث تسيطر تلك الميليشيات.
وحدة في المواجهة
ويبدو أن محاولات «قسد» لفرض إرادتها في المناطق التي تحتلها، تسبب بفرض واقع لم تكن ترغب به على الإطلاق، حيث توحدت كلمة أبناء المنطقة على تنوعهم في وجه هذه المناهج، فأعلن مطران «أبرشية الجزيرةِ والفرات» للسريانِ الأرثوذكس، مار موريس عمسيح، عن رفضه استبدال المناهج التعليمية الصادرة عن الدولة السورية، في جميع مدارس الطائفة السريانية في الجزيرة، بمنهاج «قسد» التي تحاول فرضه على جميع المدارس.
كما خرجت العشائر ببيانات رافضة ومحذرة من مغبة الاستمرار في هذا المخطط الانفصالي، حيث اعتبر الشيخ كمال فارس الجراح أحد مشايخ قبيلة «العقيدات» أن الموقف والكلمة توحدت لمواجهة ما قامت به «قسد» وأعلنت رفضها الخروج عن الهوية السورية والجميع يريد المنهاج الوطني في سورية.
الشيخ الجراح اعتبر أن «قسد» وأعوانها وحتى الأميركي الذي يقدم الدعم لها يعرفون أن الشعب السوري لن يرضى بالانفصال، والعشائر العربية على امتداد وجودها في الجغرافيا السورية حتى في المناطق التي تقع تحت سيطرة «قسد» متفقون على الدولة وعلى الوطن مهما كانت الضغوط، فساعة الصفر قادمة والحسم قادم باتجاه العودة للوطن.
وقال: «فكرة «قسد» مرفوضة بالأساس وفكرة الانفصال مرفوضة جملة وتفصيلاً، وكل ما تقوم به هذه الميليشيات وما تفعله اليوم لا يمكن تسميته إلا إرهاباً».