تقترب أيام المونديال في قطر 2022 من نهايتها، حاملة معها آراء وأحكاماً مختلفة حدّ التناقض، وقد يكون الإجماع الوحيد في المونديال هو في الحالة الجماهيرية الرائعة والمتميزة، إذ لم نتابع أي مباراة بمدرجات خاوية أو شبه خاوية، بل كانت كل الملاعب وفي جميع المباريات بالحضور الكامل تقريباً، وهذا نجاح أسست له التسهيلات من المنظمين، إضافة إلى الحالة الجغرافية، والتي مكّنت المشجعين لأول مرّة في حضور جميع مباريات البطولة على الطبيعة لمن أراد ذلك.
مونديال 2022 هو مونديال حرّاس المرمى بشكل خاص، فقد سرق حرّاس المرمى النجومية من أشهر المهاجمين في العالم، وقالوا كلمتهم أمام الشباك بكلّ ثقة واقتدار، وخاصة في المباريات التي آلت إلى ركلات الترجيح.
في مونديال 2022، كان الانتظار هو للمقارنة بين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، الأول التزم بما هو مطلوب منه، وعمل بروح الجماعة فاستمر في تألقه، والثاني سحب البساط من تحت نجوميته إلى القلق والتأويل والمواقف المرفوضة جماهيرياً، لكنه يبقى نجم الأرقام الأول، ويبقى نجماً كبيراً وإن توارى خلف مشاكله.
أيام المونديال مرّت بسرعة غريبة، وباتت المنافسات مقتصرة على أربع مباريات، والعبر لمن يريد أن يعتبر كثيرة (لا علاقة لنا بما حدث، فقد جرت العادة أن نتفرّج ونحن مغمضو العين، وكأننا مقتنعون بجهلنا الكروي، ويجب أن يستمر)، فالصغار في كرة القدم كبروا، ولم يعد فوز تونس على فرنسا مفاجئاً، ولا خروج إسبانيا أو ألمانيا كذلك، فإعادة انتشار القوى الكروية بدا واضحاً، وحضور لاعبي منتخبات الصفين الثاني والثالث في الدوريات الأوروبية آتى ثماره، وأضافوا إلى منتخباتهم الثقافة التي كانت تنقصهم، فتقلّصت الفجوات، وبات باب المنافسة على الأدوار المتقدمة في كأس العالم مفتوحاً أمام الجميع.