رياضة

صلاح رمضان في حديثه لـ«الوطن»: لن نوفر طريقاً يخدم كرتنا إلا وسنسلكه … من يعمل يخطئ ونتمنى أن تتم الإشارة إلى الخطأ بأسلوب حضاري

| ناصر النجار

في المونديال العالمي الذي تستضيفه قطر يتبادر إلى الذهن سؤال محدد: ما الذي أوصل كرة المغرب وتونس والسعودية وكوريا الجنوبية واليابان وإيران إلى العالمية؟

هناك الكثير من المنتخبات التي كنا نعدها مغمورة بدأت تظهر بثوب المنافس، تقدمت هذه المنتخبات بغفلة عنا، حتى إننا فوجئنا بما قدمته من مستوى جيد وأظهرت أداء متميزاً.

كرتنا ما زالت على حالها (مكانك سر) ومن المؤسف ألا نشاهدها مع كوكبة هذه المنتخبات التي رفعت الرأس بما قدمت من أداء منافس وحضور مثير.

ويمكننا الحديث في هذا المجال عن أمور عدة تفتقدها كرتنا فأعاقت وصولها إلى هذه المراتب وفي أقلها بلوغ المونديال، كل الاتحادات الوطنية تعمل وفق أهداف محددة أهمها هدفان:

الهدف الأول: التأهل إلى المونديال لتكون ضمن أفضل (32) بلداً يمارس كرة القدم.

أما الهدف الثاني فهو أن تكون جديرة بما وصلت إليه، وأن تحقق بصمة في هذا المونديال وأن تكتب وسائل الإعلام عن التطور الذي حققته في عالم كرة القدم، أكثر الدول التي شاركت في كأس العالم في بطولة قطر والتي قبلها حققت بصمة ولو لم تتأهل من الدور الأول، وقليل من هذه الدول خرجت من الباب العريض ولم يذكرها أحد بخير.

لذلك فالفكرة ليست بالوصول إلى النهائيات وإن كانت حلماً عند الكثير من الدول ومطلباً رئيساً لكبار المنتخبات العالمية، إنما الفكرة أن تحقق شيئاً في هذه البطولة وأن تودعها بذكرى طيبة.

المنتخبات المغمورة كروياً بدأت تزحف نحو المقدمة وبدأت تقارع أسياد الكرة العجوز والكرة اللاتينية وهذه البطولة كانت شاهداً على خسائر مُرَّةٍ تعرضت لها منتخبات البرازيل والأرجنتين وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والبرتغال أمام منتخبات كانت تحلم بالوصول إلى كأس العالم في دورات سابقة.

لذلك أمام هذا المشهد نتساءل، أين كرتنا من كل المشاهد التي نراها في مونديال قطر؟

في البداية قد يكون من حسن حظنا ألا نكون ضمن كوكبة الدول المتأهلة إلى العرس العالمي، لأنه حسب مستوى المنتخبات التي شاهدناها وأدائها في المباريات كنا سنتعرض لخسائر قاسية من أضعف المنتخبات، لذلك جاء عدم التأهل خيراً على كرتنا وليس العكس.

كرتنا تفتقد الكثير من المقومات والآليات لتخرج من الدائرة الضيقة التي تعيش فيها.

أولاً: الإمكانيات المالية، ثانياً: القوانين التي تخدم كرة القدم، ثالثاً: العقلية التي تدار بها كرة القدم.

«الوطن» استضافت سادن اتحاد كرة القدم الأمين صلاح رمضان ليتكلم عن هذه العوامل الثلاثة؟

المال أولاً

يقول صلاح رمضان: أي أمر تريد تنفيذه تحتاج فيه إلى المال، أنت تحلم بأن تكون لديك سيارة أو بيت أو مكتب، لكنك لا تملك المال، فالحلم سيبقى مؤجلاً حتى تمتلك المال اللازم لتحقيق ذلك.

نحن أيضاً نحلم بأن يكون لدينا منتخب في كأس العالم، لكن لم نملك المال الذي يوفر كل مقومات الوصول.

وهذا مثال واحد، لكن كرة القدم ليست منتخباً، فالمنتخب هو آخر المطاف، هناك الكثير من الأمور التي تحتاجها كرة القدم على صعيد البناء والعمل والخبرة، فكرة القدم مجموعة أعمال وأفكار تحتاج إلى مال، وإن نجح هذا العمل فإنك سترى نتائجه في المنتخب الوطني.

لذلك فإن الخطوات الأولى من البناء والعمل لا تظهر بشكل جيد حتى تكتمل كل الخطوات وتظهر كل النتائج.

ويضيف رمضان: مشاريع كرة القدم متوقفة على المال، نحن نعمل في ظل الإمكانيات المتوافرة، ولو توفر لنا المال المطلوب لحققنا خطوات أوسع مما تحقق حتى الآن.

يقولون كثيراً: إن اتحادنا غني ولديه الكثير من الأموال المجمدة وما شابه ذلك، لكنهم يجهلون أن هذه الأموال لا تستعمل إلا خارج سورية وممنوع إدخالها إلى البلاد، وهي بالأصل لا تكفي لبناء كرة القدم.

عندما يقولون: أموال مساعدات، لأن هذه الأموال تساعد الميزانية الرئيسة لدعم بعض المشاريع الكروية، وحقيقة هي لا تكفي لتنفيذ كل المشاريع الكروية.

لا يمكننا بهذه الأموال أن نقيم (مثلاً) دورات للمدربين والحكام داخل سورية، لذلك أقمنا دورة للحكام في بيروت، وهناك دورة سنقيمها للمدربين في عمان أو لبنان من هذه الأموال.

نحن نستغل هذه الأموال في العمل لمصلحة كرة القدم بتوفير معسكرات ومباريات لكل المنتخبات الوطنية ونحن ملتزمون بالمشاركات في كل البطولات العربية وبطولات غرب آسيا، والبطولات الآسيوية.

الخطط البديلة

كرة القدم لتتطور تحتاج إلى ميزانية ضخمة، في كل دول العالم هناك هذه الميزانية التي سخرت لبناء كرة القدم ولتطورها، لذلك لا بد في النهاية أن تحصل على شيء، قد لا تحصل على بطولة العالم أو لا تتأهل إلى كأس العام لكنك تحصل على كرة قدم حقيقية ستأخذ فرصتها بين الكبار يوماً ما.

في إيران على سبيل المثال: اتحاد كرة القدم يملك فندقين من طراز النجمات الخمس، كبيرين، هذان الفندقان للمنتخبات الوطنية وللمنتخبات الزائرة، ولضيوف الاتحاد، ويملك ملاعب خاصة للمنتخبات، كل منتخب له ملعب خاص يتمرن عليه.

على صعيد القواعد، يملك اتحاد كرة القدم الإيراني مساحات خضراء واسعة بكامل تجهيزاتها مخصصة للفرق الصغيرة، بحيث تتمرن كل فئة وحدها من خلال طاقمها الفني والإداري، ولا يمكن الخلط بين الأعمار أو دمجها، فمواليد 2005 لا يتمرنون مع مواليد 2006 (مثلاً) هذه القواعد هي الدم الجديد لكرة القدم الإيرانية.

نحن ضربنا مثالاً عن الكرة الإيرانية لأن ما نتحدث عنه شاهدناه بأم أعيننا، وعنايتهم بالصغار لا تقتصر على التدريب بل تتعداها للتعليم والترفيه، وهناك رعاية صحية وغذائية ومالية لكل هؤلاء الصغار وهذا الكلام يسري على الكثير من دول آسيا والدول العريبة التي تسير على النهج ذاته من العناية والرعاية بكرة القدم.

ونضيف إليه موضوع الأندية، فالأندية في هذه الدول من أركان كرة القدم، من خلال اتباعها أفضل الأساليب بالعملية الكروية سواء على صعيد البناء أم الصناعة والإنتاج.

من أجل ذلك، نحن لم نستطع تنفيذ العديد من الأفكار لعدم توفر المناخ الملائم، ولعدم توفر المال اللازم، ويجب علينا العمل بالإمكانيات المتاحة.

فالإمكانيات المالية للأندية جعلتنا نقلص البطولات والنشاطات ومن الأفكار التي في أجندة اتحاد كرة القدم دوري تحت 23 سنة، وبطولة منتخبات المحافظات بكل الفئات وصولاً إلى الرجال لكن أنديتنا تشكو من العوز واللجان التنفيذية في المحافظات ليس لديها المال الكافي لتشكيل المنتخبات ورعايتها، وهذه إحدى العقبات التي تواجه خططنا وأفكارنا التي رسمناها منذ انتخاب الاتحاد.

لذلك فإن الأزمات تتوالى على اتحاد كرة القدم، ونحن اليوم نعيش على حل المشكلات التي تعترضنا وتعترض طريق كرة القدم.

في كل يوم تواجهنا مشكلة وعقبة وعلينا أن نبحث عن الحل وأن نجده، وهناك الكثير من العقبات التي تواجهنا ومازلنا نعاني حتى الآن منها.

كرة القدم – يضيف الرمضان – عمل جماعي لذلك لا تقوم الكرة على رئيس الاتحاد أو نائبه أو الأعضاء، هي تقوم على كل شخص يلعب كرة القدم ويحبها.

هذا التعاون والتعاضد هما أساس النجاح، وكلما تعاون الجميع لمصلحة كرة القدم تطورت، لكن للأسف نجد أن الكرويين يحفرون لبعضهم الأفخاخ، وكل واحد يجب أن ينال من الآخر، وهذا الأمر لا يصب في مصلحة كرة القدم الوطنية.

العمل المجاني

يقول صلاح رمضان: كرة القدم رياضة احترافية بالكامل، ولكن كرتنا لا تعرف من هذا الاحتراف إلا المال وبشكل جزئي، فالمستفيدون من مال الاحتراف هم قلة من بعض اللاعبين وبعض المدربين، أما أغلب اللاعبين والمدربين فهم غير مستفيدين منه.

وعلينا أن نذكر أن العمل في كرة القدم ما زال مجانياً وتطوعياً، فكل أعضاء الاتحاد يعملون بالمجان، وكذلك أعضاء اللجان العليا، ومثلهم أعضاء اللجان الفرعية في المحافظات لذلك فإن العمل في كرة القدم يكون في المقام الثاني أو الثالث، لأن الحياة تحتاج إلى عمل يقتات منه الكروي لقمة العيش.

في الاتحادات الكروية في دول الجوار نجد أن الموظفين مرفهون ورواتبهم عالية، ونحن بالكاد نتدبر أمر رواتب موظفينا.

هذه المقارنة حتماً لا تصب في مصلحة كرة القدم السورية، فعندما يكون أي منتسب إلى كرة القدم سواء في الاتحاد أو النادي فإن كرة القدم بالنسبة له في المقام الثاني، إذ إنه لن يخدم كرة القدم على أكمل وجه لأن هناك أولويات تفرض عليه الاهتمام بها أكثر من اهتمامه بكرة القدم.

لذلك نختصر الموضوع فنقول: عندما تتوفر الإمكانيات المالية المطلوبة يمكن لكرة القدم أن تقلع فالنهوض بكرة القدم يحتاج إلى عوامل كثيرة أهمها المال والملاعب الجيدة، وبقية المستلزمات التي تحدثنا عنها.

الرأي الآخر

يقول رئيس الاتحاد: نحن مع الرأي الآخر ما دام يصب في مصلحة العمل، والنقد عندما يكون في المصلحة العامة يكون بناء وفاعلاً ويمكن الأخذ به، أما عندما يكون النقد من أجل النقد أو لمصالح شخصية ضيقة فهو نقد هدام ونحن لا ننظر إليه ولا نهتم به.

على سبيل المثال موضوع تأجيل الدوري، فاتحاد الكرة ليس له علاقة بالتأجيلين الأخيرين، التأجيل الأول كان بسبب دخول الملاعب في الصيانة والملاعب كما هو معروف ليست من اختصاصنا، وهي تابعة للاتحاد الرياضي العام، وأهم مشكلات كرة القدم في بلدنا أنها فقيرة بالملاعب، وكما تعرف فإن البلاد الأخرى متوافرة فيها الملاعب بكثرة، بحيث نجد أن كل ناد يملك ملاعب رئيسة وملاعب تدريبية، بينما قلما نجد ملعباً جاهزاً لإجراء مباراة عليه في محافظة بأكملها.

والتأجيل الثاني لا علاقة لنا به لأنه صدر عن جهة أعلى بسبب أزمة الوقود.

كذلك هنالك انتقادات حول كوادر المنتخبات الوطنية، ونحن لا نتدخل بهذا الموضوع أبداً والخيارات تقع على المدرب الرئيس الذي يختار الكادر الفني المساعد له.

وهناك الكثير من الانتقادات العبثية التي تطول أي قرار يصدر عن اتحاد كرة القدم وكأن المراد هو اصطياد الاتحاد مهما كان شكل القرار.. في الاتحاد نجتهد لعمل جيد، ونحاول قدر الإمكان تأمين موارد مالية، وعقد اتفاقيات مع دول متعددة لتأمين استضافة لائقة لمنتخباتنا، ولتأمين دورات للمدربين والحكام والإداريين.

لن نوفر طريقاً يخدم كرة القدم إلا وسنسلكه، ونأمل أن تساعدنا الظروف على تحقيق ذلك.

من يعمل يخطئ، ونتمنى أن تتم الإشارة إلى الخطأ بأسلوب حضاري لأننا سنعمل حتماً وفق ما تقتضيه كرة القدم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن