بينما سيطر الهدوء الحذر على طول خطوط تماس جبهات القتال شمال وشمال شرق سورية، بدا من التسريبات الأخيرة أن روسيا التي تقود وساطة بين الإدارة التركية وميليشيات «قوات سورية الديمقراطية – قسد»، عازمة على فرض «خريطة طريق» للحيلولة دون استمرار عدوان الأولى على مناطق سيطرة الثانية ومنع تطورها إلى عملية غزو برية.
وتسعى إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تطوير عدوانها الجوي الذي سمته «المخلب- السبف» إلى غزو بري لاحتلال مناطق جديدة في مناطق سيطرة «قسد»، بعد ثبات الخطوط منذ تشرين الأول 2019.
ورأت مصادر متابعة للوساطة الروسية لدى الإدارة التركية، أن المشاورات التي أجراها الوفد الروسي برئاسة نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين مع نظيره التركي سادات أونال في أنقرة واستمرت يومي الخميس والجمعة، هي الأخيرة من نوعها لوضع حل يلبي «الاشتراطات» التركية للعدول عن تنفيذ غزو بري باتجاه المناطق الواقعة تحت النفوذ الروسي في تل رفعت ومنبج وعين العرب شمال وشمال شرق حلب.
وأشارت المصادر لـ«الوطن» إلى أن ما نقلته قناة «الجزيرة» ، الداعمة للإرهابيين في سورية، عن مصدر تركي لم تسمه عن تقديم الوفد الروسي خلال المشاورات عرضاً بانسحاب «قسد» من منبج وعين العرب مع الإبقاء فيهما على ما تسمى قوات «الأسايش» (قوات الأمن الداخلي الكردية) بعد دمجها في المؤسسة الأمنية السورية، مقاربة قابلة للحل والتطبيق وإن التزمت أنقرة الصمت حيال ذلك، في انتظار دراسة المقترح.
لكن المصادر شككت بما ورد في العرض الروسي عن موافقة «قسد» على المقترح لدرء العدوان التركي، في ظل رفضها المعلن لبنود العرض الذي قدمه خلال جولتين من المفاوضات في القامشلي قائد القوات الروسية في سورية ألكسندر تشايكو لمتزعم «قسد» مظلوم عبدي، والذي يقضي بانسحاب ميليشياته مسافة 30 كيلومتراً على طول الحدود الشمالية للبلاد، على أن يحل مكانها الجيش العربي السوري، وذلك لنزع فتيل المواجهة والذرائع التركية.
المصادر رمت الكرة في ملعب «قسد» لوقف العدوان التركي على الأراضي السورية، وأكدت أن متزعمي الميليشيات مازالوا يعولون على الموقف الأميركي المعلن والرافض للعملية العسكرية التركية البرية على مناطق نفوذها شمال شرق سورية، ولذلك فإن الميليشيات ليست بصدد تقديم تنازلات على الرغم من جدية إدارة أردوغان في المضي بتهديداتها بشن غزو بري، وإن اختلف الوضع في شمال البلاد الواقع تحت المظلة الروسية عن الوضع شمال شرق والخاضع للنفوذ الأميركي.
ولفتت إلى أن «غموض» موقف واشنطن إزاء الوعيد التركي باحتلال تل رفعت ومنبج وعين العرب، دفع «قسد» بالموافقة على تدعيم نقاط الجيش العربي السوري بالعتاد والجنود على طول خطوط تماس تلك الجبهات وصولاً إلى عين عيسى شمال الرقة وتل تمر بريف الحسكة الشمالي الغربي، الأمر الذي يعطي نقاط دفع ايجابية على الأرض لإمكانية تنفيذ المقترح الروسي، بانسحاب الميليشيات من مناطق الشمال، على حد قول المصادر.
وفيما يبدو أنه استجابة للوساطة الروسية بين إدارة أردوغان و«قسد» ريثما تنضج «التفاهمات»، حافظ الهدوء الحذر على تماسكه، منذ الـ10 من الشهر الجاري ولليوم الـ 12 على التوالي، على طول جبهات القتال شمال وشمال شرق البلاد، على الرغم من القصف المتقطع لجيش الاحتلال التركي على مواقع «قسد» بين الحين والآخر، والذي لم يرتق إلى مستوى التصعيد العسكري لجيش الاحتلال إبان بدء القصف الجوي في الـ10 من الشهر الماضي.