10 بالمئة نسبة الأخطاء الطبية في العالم … نوفل: نعاني من حرج مع الأطباء في الخبرة في دعاوي الأخطاء الطبية … تزايد في ادعاءات المرضى ضد الأطباء وجزء منها للابتزاز
| محمود الصالح
كشف رئيس هيئة الطب الشرعي السابق حسين نوفل عن تزايد الادعاءات المقدمة ضد الأطباء تحت عنوان الخطأ الطبي والتي تبين أن جزءاً منها كان بدافع الابتزاز، لافتاً إلى حرج الأطباء الشرعيين من تقديم خبرتهم في القضايا المتعلقة بالخطأ الطبي، بينما أكد المحامي العام الأول في حلب عمار الموالدي الذي شارك في أعمال ورشة العمل التي أقامتها وزارة الصحة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجود حالات كثيرة لأخطاء طبية.
ووصف نوفل الخطأ الطبي بأنه ليس خطأ شخص سيئ بل هو وجود شخص جيد في منظومة طبية سيئة أو بيئة طبية سيئة، والخطأ الطبي هو «فعل أو إغفال كان من الممكن الحكم عليه على أنه خطأ من قبل أقران خبراء مطلعين وقت حدوثه» وهو يختلف كلياً عن الاختلاط أو المضاعفات الطبية التي تعتبر مرضاً أو عرضاً آخر يحدث نتيجة لمرض معين، تحصل كنتيجة لمرض أو لحالة مرضية أخرى. أما الآثار الجانبية هي تأثيرات غير مرغوب فيها تحدث بالتزامن مع النتيجة المقصودة في الأصل وهي الشفاء أو تحسين حياة المريض، والعقابيل هي أعراض تبقى بعد المرض أو ردود الفعل السلبية التي تحدث بعد الحدث المرضي.
وأضاف: إن الخطأ الطبي قد يحدث في أي مرحلة من مراحل مقاربة المريض إن لم يكن الطبيب متقيد بأصول العلاج، فعدم أخذ موافقة المريض على معالجته هذا يشكل خطأ طبياً ويجب أخذ الموافقة الصريحة من المريض على المعالجة، وكذلك يجب أن نبين للمريض إجراءات الفحص السريري، ولا يجوز أن يكون الفحص السريري بوجود الطبيب والمريض فقط، بل يجب أن يكون بحضور ممرض أو ممرضة، وهناك أصول لا يجوز تجاوزها في عملية الفحص السريري، ويمكن أن يحصل الخطأ الطبي خلال الفحص السريري إذا لم يتم اتباع الخطوات الصحيحة، واتباعها المعالجة وفق الأسس المعتمدة في هذا الجانب، وكذلك المتابعة بعد العلاج هي مسؤولية على الطبيب، ومفهوم الخطأ الطبي هو انحراف الطبيب عن السلوك الطبي العادي والمألوف، وما يقتضيه من يقظةٍ وتبصّر، إلى درجة يُهمل معها الاهتمام بمريضه.
وبين أن نسبة الأخطاء الطبية في العالم تصل إلى 10 بالمئة وهي موجودة في جميع دول العالم ونسبها تختلف من دولة لأخرى وحسب تطور كل بلد بحسب جودة الخدمة الطبية والرقابة عليها، وتقل نسبها كلما ارتقت الجودة وزادت الرقابة.
وأوضح نوفل أن الخبرة الطبية تعني إبداء رأي فني من شخص مختص فنياً في شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى القضائية، وهي الاستشارة الفنية التي يستعين بها القاضي أو المحقق في مجال الإثبات لمساعدته في تقدير المسائل الفنية التي يحتاج تقديرها إلى معرفة فنية، وهي دراية علمية لا تتوافر لدى عضو السلطة القضائية المختص بحكم عمله وثقافته، وللخبرة الطبية العدلية أهمية كبيرة في الإثبات الجنائي وذلك في مساعدة القاضي بإبداء الرأي الصائب من أجل الوصول إلى الحقيقة، وتعتبر وسيلة من وسائل الإثبات التي تهدف إلى كشف بعض الدلائل في وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها.
وطلب نوفل أن يعامل الطبيب الشرعي على أنه خبير وليس شاهداً، لأن مهمة الخبير فهي أن يدلي برأي معين عن وقائع حاضرة أمامه وقت تكليفه بها، أما مهمة الشاهد هي الإخبار عن جريمة أو حادثة معينة قد وقعت مسبقاً، ويجوز أن يكون عدد الخبراء متعدداً بحسب ظروف الجريمة أو الحادث واستناداً لاقتناع المحقق أو القاضي خبرة ثلاثية وخماسية وسباعية وغير ذلك، أما عدد الشهود فيتحدد بمن شاهد وقائع الحادثة فقط ولا يجوز إضافة آخرين، كما أن الخبير يتم تعينه من المحقق أو القاضي ومن ثم يمكن تغييره، لأن سبب وجوده هو معرفته العلمية والفنية، أما سبب وجود الشاهد هو علمه بالوقائع ولذلك لا يمكن تغييره، كذلك الخبير يقرر رأياً مستنداً على أمور فنية وعلمية فدوره اقرب إلى القاضي منه إلى الشاهد، أما مهمة الشاهد في التحقيق تنحصر بالإخبار عن وقائع.
وعن الوصف القانوني لمهمة الخبير في الخبرة الطبية، وهل هي تعد وظيفة عامة؟ أم هي خدمة عامة؟ أم هي توكيل للقيام بعمل قضائي كما يرى بعضهم؟ قال نوفل الحقيقة الموضوع ما زال محل جدل، لكن خصائص الخبرة واضحة وهي مهمة فنية أي أن مهمة الخبير تفترض استعانته بمعلوماته الفنية فقط حتى لو كان لديه معلومات غير فنية فلا يجوز أن يقدمها للقاضي خشية أن تغيير مجريات الدعوى وهي مهمة محددة فالقاضي يعين للخبير في صورة واضحة ومحددة موضوع مهمته فإذا أراد القاضي طلب زمن الوفاة فلا يجوز للطبيب الشرعي أن يعطي سبب الوفاة، وفي بعض الحالات يضع له أسئلة معينة يتعين على الخبير أن يجيب عنها، ولا يجوز أن تكون مهمة الخبير عامة تشمل إبداء رأي في الدعوى، إذ يعد ذلك تخلياً من القاضي عن رسالته، والخبير لا يمارس مهمته إلا بانتداب قضائي فقط، حيث لا يجوز للطبيب الشرعي أن يقوم بالمهمة من دون تكليف القاضي ويؤدي مهمته تحت إشراف القاضي، وخلاصة عمل الخبير التي يتضمنها تقريره تخضع في النهاية لتقدير القاضي إما أن يأخذ بها أو يبحث عن تفاصيل أكثر لدى خبير آخر.
وعن مهام الخبرة الطبية في الأخطاء الطبية والمضاعفات المرضية بين نوفل أنه ابتداء يجب إثبات حدوث خطأ طبي إذا ثبت ذلك ننتقل إلى بحث هل تعمد حدوث الضرر وإذا كان هناك تعمد نبحث إذا كان هذا الطبيب جاهلاً بالطب، أو بالفرع الذي أقدم على العمل الطبي فيه ثم ننتقل لبحث فيما إذا كان غير مرخص له من قبل الجهة الرسمية المختصة للقيام بهذه المهنة، ونبحث فيما إذا أقدم على العمل من دون إذن المريض أو مَن يقوم مقامه أو إذا غرر بالمريض أو إذا ارتكب خطأ لا يقع فيه أمثاله ولا تقره أصول المهنة، حسب البروتوكولات المهنية أو إن كان وقع منه إهمال أو تقصير أو إذا أفشى سر المريض من دون مقتضى معتبر ومعلومات طبية عن المريض. وكذلك إذا امتنع عن أداء الواجب الطبي في الحالات الإسعافية لأن أول واجب على الطبيب إنقاذ حياة الناس من دون أي اعتبار، وأي تخلف عن الإسعاف حتى لو في الشارع يعتبر ذلك خطأ طبياً.
وعن كيفية منع حدوث الخطأ الطبي قال نوفل يتم ذلك بالتعليم المستمر لأن العلوم الطبية في حالة تطور مستمرة ويجب مواكبة هذا التطور لمعرفة المستجدات في التشخيص والعلاج الممكن، كذلك يجب الالتزام بأخلاقيات المهنة وهي احترام استقلالية المريض وكرامته وتغليب منفعة المريض على المنفعة الخاصة لتجنب الضرر واختيار أقل ضرر ممكن وتحقيق العدالة بين المرضى. وتوفير الخدمات المساندة للطبيب من تمريض وغيرها، وتوفير البيئة الملازمة لعمل الطبيب، وتحسين الأجور وهو ضروري لأن عدم ذلك سيؤدي إلى الإهمال، والتثقيف المجتمعي، والعمل على تعميق مفهوم طبيب الأسرة.