معاناة المنطقة الشرقية بمحافظاتها الثلاث الحسكة والرقة ودير الزور تشكل مفارقة عجيبة ومؤلمة، حيث كانت هذه المحافظات تفيض بعطائها وخيراتها ثم شحت فيها الموارد إلى حد بات فيها كل شيء مهدداً والأوضاع السيئة تنذر بالمزيد، حيث الجفاف والفقر وقلة الموارد، ما دفع بالكثيرين للبحث عما يضمن لهم البقاء، وارتفعت نسبة البطالة بين الشباب الذين يعملون في مجال الزراعة كما هاجر قسم منهم بحثاً عن لقمة العيش. وشكل ارتفاع أسعار الوقود مشكلة تضاف إلى سلسلة المشكلات شكلت ضربة أخرى لقطاع الزراعة. أدت إلى تراجعه ما زاد من الألم وعمق المأساة ولطالما كانت محافظة الحسكة إحدى الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني ومصدراً للخير والعطاء..
وكانت سلة الغذاء ومصدر العطاء ومركزاً من مراكز الإشعاع الحضاري، إلا أن الاحتلال وجفاف نهر الخابور دفع الأسر التي تعيش على ضفافه والتي تعتمد في معيشتها على الزراعة للهجرة بحثاً عن لقمة العيش التي تضمن لهم الاستمرار في الحياة وأدى ذلك إلى انتشار الفقر وتردي الأوضاع المعيشية لسكان المنطقة.
لقد كانت وما زالت الحاجة لدعم عملية التنمية أمراً حيوياً لضمان الاستقرار بعد أن اضطرت الظروف القاسية مئات الأسر التي تعتمد على الزراعة إلى الهجرة الأمر الذي أصبح واقع الحال يحتاج إلى تشخيص الوضع الراهن والحلول اللازمة لمعالجة واقع المحافظة الاقتصادي والزراعي والتنموي للتخفيف من الآثار التي تركتها هذه الظروف على حياة المواطنين عبر اعتماد مجموعة من الخطوات الملحة في القطاعات التنموية والخدمية في محافظة الحسكة وتحقيق التنمية المتكاملة للسكان الريفيين ورفع مستوى الدخل وتقرير معيشة السكان المحليين وتجاوز الفقر وتقوية مبادئ المساواة عبر تأمين تنمية إقليمية متوازنة تخلص الأسر الفقيرة المعدمة ولاسيما المهاجرة منها طلباً للقمة العيش وتنقذ صغار المزارعين من معاناتهم من تدني الإنتاج نتيجة الجفاف وتراكم المديونية، إلى جانب امتصاص البطالة ولاسيما في صفوف الشباب لكونهم القوة الرئيسة في الإنتاج والبناء، وينبغي أن ندرك جميعاً أن التنمية عملية علمية ثقافية تستند إلى المعرفة والوعي فلا تنمية من غير تخطيط سليم ووعي بأهمية الموازنة بين الموارد المتاحة والاحتياجات الأساسية.
صحيح أن الاحتلال يسيطر اليوم على الثروات النفطية والزراعية، لكن الإرادة الصادقة والجهود المخلصة الشريفة لا بد أن تنقل هذه المحافظة نقلة نوعية نحو تنمية مستدامة متعددة الاتجاهات.
من خلال تطوير الأداء وتوسيع الخدمات مع الأخذ بالاعتبار أن نجاح أي عمل لا بد أن يعتمد على الكفاءة في التخطيط والاستثمار الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة مهما كانت قليلة.