مدير في «التموين» لـ«الوطن»: إلزام الباعة بالسجل التجاري لن يفرض تسجيل عمالهم بـ«التأمينات» وهو تنظيم لأنشطة اقتصاد الظل فقط
| جلنار العلي
أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أمس إنذاراً لجميع الباعة بمختلف مسمياتهم لاستخراج سجل تجاري من أمانات السجل التجاري في محافظاتهم حتى منتصف الشهر القادم، وذلك تنفيذاً للمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021 (قانون حماية المستهلك) الذي نصّ على منع ممارسة بيع الجملة ونصف الجملة والمفرق لأي سلعة كانت من دون سجل تجاري حديث، لتصدر الوزارة توضيحاً تالياً للتعميم أن هذا الأمر لن يؤدي إلى استبعاد هؤلاء الباعة من الدعم، لأن قرار رفع الدعم لمن لديه سجل تجاري يشمل الدرجات الممتازة فقط وهي الدرجات الأولى والثانية والثالثة، أما الدرجة الرابعة وما دون فهي ضمن نطاق منظومة الدعم، وهذه الدرجة تنطبق على أصحاب المحال الصغيرة أو باعة المفرق ونصف الجملة.
مدير في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بيّن في تصريح لـ«الوطن» أن هذا التعميم يعد مساهمة في تنظيم أنشطة اقتصاد الظل المنتشرة حالياً، لافتاً إلى أن الدعم سيرفع بالطبع عن كبار تجار الجملة فور حصولهم على سجل تجاري لأن التاجر سيكون من الدرجة الثانية أو الثالثة، وقد يكون درجة أولى في حال كان مستورداً، مضيفاً: «هذا الإجراء لمعرفة من هم الباعة بالقانون ومعرفة فيما إذا كان يحق لهم أن يكونوا معتمدي خبز لاحقاً على سبيل المثال، كما أن السجل التجاري لا يفرض على باعة الدرجة الرابعة أن يسجلوا عمالهم بالتأمينات الاجتماعية كما يتداول البعض، وإنما يستطيع البائع تسجيل نفسه فقط كصاحب محل وذلك تخفيفاً للأعباء المادية المترتبة عليه».
وحول تخوّف الباعة من فرض ضرائب عليهم في حال استخرجوا سجلاً تجارياً، بيّن المدير أن كل المحال التجارية في سورية تدفع ضرائب إلا في مناطــق المخالفات، إلا أن السجل التجاري يمكّنها من الاستفادة من خدمات عدة منها الحصول على أسطوانة غاز صناعية في حال كانت المنشأة مطعماً للمأكولات الشعبية على سبيل المثال من دون أن يضطر للشـراء من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، متوقعاً أن يكون هناك نوع من غض النظر عن صغار الباعة في القرى النائية، الذين يعتمدون على بيع كميات قليلة جداً من السلع والمواد، ولكن بالمجمــل فإن القانـون يطبّــق علــى الجميــع.
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي محمد كوسا في حديث لـ«الوطن» أن هذا التعميم يعد إيجابياً للباعة من جهة والحكومة من جهة أخرى، فالبائع سيحصل على ميزات عدة قانونية واقتصادية كإمكانية الحصول على قروض أو بعض التسهيلات الضريبية، ومن ناحية أخرى ستستطيع الحكومة معرفة حجم الأنشطة في الاقتصاد غير المنظم والإمكانيات التي يساهم من خلالها بالاقتصاد بشكل فعلي وحقيقي، إضافة إلى تكليف أصحاب هذه الأنشطة ضريبياً لتغذية الخدمات التي تقدمها لهم الحكومة.
وأشار كوسا إلى أن هذه الخطوة متأخرة وكان يجب أن يتم اتخاذها قبل عشرات السنين، وخاصة في ظل الاحتياج لها لضبط الأسعار أو تطبيق آلية الدفع الإلكتروني، لكن التأخير في هذا الملف يعود إلى المنظومة الفكرية للإدارة العامة المسؤولة عن هذا الجانب، مشيراً إلى وجود تقصير إداري في ذلك.
وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة وجود دراسة مستفيضة لتنفيذ هذا التعميم بشكل حقيقي للحصول على نتائج حقيقية، متوقعاً أن مجرد الحصول على سجل تجاري لن يؤدي إلى تنظيم قطاع اقتصاد الظل، لأن ذلك له أبعاد ومعطيات كثيرة، موجهاً سؤالاً للوزارة فيما إذا وضعت سياساتها وأهدافها التي سيتم العمل عليها لتنظيم اقتصاد الظل وخاصة أنه يعد محركاً خفياً للاقتصاد الحقيقي وله مساهمة كبيرة فيه، وهل سيكون السجل التجاري فعالاً بشكل حقيقي لتوجيه قطاع اقتصاد الظل وفقاً للسياسات الاقتصادية الموضوعة من الحكومة؟
وأعاد كوسا تخوّف الباعة من فكرة استصدار سجل تجاري إلى أنهم سيكونون ملزمين بتقديم بيانات بحجم أعمالهم الحقيقي والدقيق وبالتالي سيكون التكليف الضريبي موافقاً لذلك، أي إن ذلك سيؤدي إلى انخفاض هامش أرباحهم، إضافة إلى أن هذا السجل قد يتسبب بتقييد أنشطتهم التجارية وتحديدها بنشاط واحد فقط، وهنا يأتي دور الوزارة بطمأنتهم من خلال السماح لهم بممارسة عدة أعمال تحت نطاق السجل ذاته، ليكون السجل مساعداً لهم وليس ضدهم.