وصل العام الميلادي إلى نهايته وعاد السؤال الأسوأ الذي من الممكن أن يطرح على مواطن تنحدر جذوره من هذا الشرق البائس، ما أمنياتك للعام الجديد؟
لا أعرف حقيقةً إن كان من هو مثلنا يمتلك ترف الأمنية، لأنه أساساً لا يعرف أي ذنب اقترفه ليضرب بسياط العقاب إلى الحد الذي بات فيه يرى كلمة أمنية أشبه بلغز قاتل، قنبلة موقوتة، ممنوعة هي الأمنيات على من مثلنا على الرغم من أننا لسنا بالسذاجة التي تجعلنا نرى الأمنيات من زاوية السعي لتسيير الحياة كما تريد رغباتنا بكل تأكيد، هذه ليست أمنيات هذه أحلام يقظة هدّامة.
في الحياة تبدو الأمنيات هي ذاك الشيء البسيط الذي يجعلنا نغمض العين ونحلّق في سماء الممكن عسانا نجد بها مكملّاً لنجاحاتنا، صمام أمان ضد الإحباط إن ابتعد عنا الفشل جزئياً، كل هذا يأتي في السياق العام للحياة بين نجاح وفشل لكن مشكلتنا في هذا الشرق أن أمنياتنا باتت بحاجة لأمنيات، مشكلتنا أننا خارج النجاح الجزئي بل في خضم الفشل القاتل، الأمنيات هي أمر جميل لكن ليس لنا، هذا الصراع بالهروب من الأمنيات يذكرني تماماً بالصراع بين محبي الشتاء ومحبي الصيف قد يبدو للوهلة الأولى وكأن هذا الصراع هو صورة عن قساوة كل فصل، لكن في الحقيقة كلاهما جميل لكننا للأسف نعاني قسوة الحرمان ما يمنعنا من رؤية الجانب الرومانسي فيهما.
يوماً ما قلت بأن أحد أهم أمنياتي هي نضوب النفط في هذا الشرق البائس لأنه ببساطة كان أحد أهم أسباب ما يجري فيه من دمار وخراب، لكن هل حقاً أن مشكلتنا هي فقط ما تسببه البترودولار من كوارث؟ أليس في ذلك هروب من فشلنا بتكرار الوصفات الجاهزة والمكررة على مدى عقود؟ لماذا لا نعترف بأننا في سياق الأمنيات بتنا فيها كمن يقرأ في كتاب الله عز وجل بعضاً من الأمنيات السبع التي يلفها الندم، يا ليتني كنت تراباً، يا ليتني لم أوت كتابيه، تخيلوا حتى في الأمنيات بتنا نحاول الخروج بأقل الخسائر دونما أفق، هل حقاً ستحمل حقائب العام الجديد تغييراً حكومياً كإحدى الأمنيات في هذا الوطن المكلوم؟ وما الذي يعنيه ذلك؟ من ذا الذي يملك عصا سحرية للتغيير إلا إن كنا سنعيش الوهم ذاته بوصول من يمتلك عصا سحرية للحلول عندها سنعود للنقطة ذاتها:
هل حقاً تليق بنا الأمنيات؟
في الخلاصة: قيل يوماً بأن القلب الذي لا يشيب هو القلب المفعم بالأمنيات، عبارة تدفعني فعلياً للتفكير بإعادة صياغة روح الإحباط الواردة في الكلمات السابقة وخصوصاً أنني أمقت شيخوخة القلب لأنه خلق فقط لينبض بالجوهر، حاولت تشذيبها وحقنها بعبارات رنانة من مبدأ أن تحقيق الأمنيات يطيح بلحظات التعب، لكني في كل مرة أتذكر بأن التصفيق والكلام المنمّق لا يصنع واقعاً مزدهراً، ولو سألتني ما أمنياتك للعام القادم؟ أمنية واحدة فقط.. أن نعترف بأننا أخطأنا في الكثير من الحسابات!
كل عام وسورية بجيشها وشعبها بألف خير.