بنزيمة استحق كرة الذهب وميسي حقق حلمه على أرض العرب … الديك الفرنسي أخفق بالدفاع عن لقبيه الكبيرين وسقوط متجدد للمانشافت والريال يصطاد لقباً على طريقة الصغار
| خالد عرنوس
تمضي السنون كأنها كلمح البصر وتمر الأيام كالبرق وهاهو عام 2022 انقضى أو يكاد وبتنا ننتظر عام 2023 لعله يكون أجمل وأحسن، ولم يبق من العام المنصرم سوى بعض الذكريات الحلوة والمرة على الصعد كافة، ولا تختلف حال كرة القدم عن أمور الحياة الأخرى فقد مضت سنة كروية مملوءة بالأحداث والبطولات، منها من هو سنوي ونتابعه كل عام ومنها المسابقات التي تقام كل عامين أو أربعة أعوام وتوابعها، والبداية كانت من كأس الأمم الإفريقية التي ابتسمت لأسود السنغال أما النهاية فقد كانت الضحكة العريضة لراقصي التانغو الأرجنتينيين الذي حملوا كأس العالم للمرة الثالثة بتاريخهم في المونديال الأول الذي أقيم على أرض عربية.
وبين الحدثين الأهم على مستوى المنتخبات أقيم الدور الأول لدوري الأمم الأوروبية بنسختها الثالثة وتأكد تنصيب بطل جديد فيها، أما على صعيد الأندية فهناك البطولات القارية التي تقام سنوياً ومنها دوري الأبطال في كل القارات وفي مقدمتها دوري الأبطال في القارة العجوز والتي أعلنت ولاءها لزعيمها التاريخي ريال مدريد على طريقة الصغار هذه المرة.
أسود على الموعد
في القارة الإفريقية أقيمت بطولتها الأهم على مستوى المنتخبات مطلع العام 2022 وهي المقررة بسبب تداعيات كورونا واستضافتها الكاميرون وفيها وجد أسود التيرانغا منتخب السنغال نفسه أخيراً على عرش الكرنفال الأسمر بعد محاولات عديدة آخرها في 2019 عندما خسر النهائي لحساب الجزائر، وأكد الجيل الحالي أنه لا يقل عن ذلك الجيل الذي كتب صفحة خالدة في مونديال 2002 ويومها بلغ النهائي القاري إلا أن ركلات الترجيح خذلته أمام أسود الكاميرون، وبالطريقة ذاتها ابتسمت في وجه ساديو ماني وخاليدو كوليبالي وإسماعيلا سار وبقية التشكيلة التي قادها المدرب أليو سيسيه في النهائي أمام المنتخب المصري الشقيق بقيادة نجمه محمد صلاح وذلك عقب التعادل السلبي لتنتهي ركلات الأعصاب بتتويج أول لأبناء السنغال، وجاءت رحلة التتويج بشكل تصاعدي فلم يسجل البطل أكثر من هدف وحيد بالدور الأول فاز به على زيمبابوي في المباراة الأولى وجاء من ركلة جزاء في الوقت بدل الضائع ثم تعادل مع غينيا ومالاوي من دون أهداف قبل أن يكشر عن أنيابه في أدوار الإقصاء فتخطى كاب فيردي (جزر الرأس الأخضر) بهدفين ثم غينيا الاستوائية في ربع النهائي بنتيجة 3/1 وبالنتيجة ذاتها على أحصنة بوركينا فاسو في نصف النهائي، وفي مباراة التتويج أخفق مع نظيره المصري بالتسجيل على مدار 120 دقيقة ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي ضحكت للأسود بعدما ابتسمت مرتين في الأدوار السابقة لأبناء الكنانة فتحطوا دور الـ16 بها أفيال ساحل العاج ثم أسود الكاميرون أصحاب الضيافة في نصف النهائي، ولم يكتف السنغاليون باللقب فتوج نجمهم الأعلى ساديو ماني أفضل لاعب وزميله إدوارد ميندي كأفضل حارس مرمى ومدربهم أليو سيسيه كأفضل مدرب وزادهم رفعة جائزة اللعب النظيف وذهبت جائزة الهداف للكاميروني فينسنت أبو بكر برصيد 8 أهداف.
غائبون كبار
وصادف أن يقام الدور الحاسم من التصفيات المونديالية نهاية آذار (مارس) على غير العادة ذلك أن النهائيات موعدها الخريف، وقد شهدت التصفيات عدداً من المفاجآت الكبيرة التي أدت إلى غياب بعض منتخبات الصف الأول وبالطبع فإن الآتزوري الإيطالي أبرز الغائبين عن العرس العالمي عقب إخفاقه أولاً باحتلال صدارة مجموعته الثالثة فحل ثانياً وراء السويسري ليخوض نصف نهائي الملحق وهناك تلقى هزيمة تاريخية أمام المقدوني الشمالي بهدف يتيم وزاد في حجم المفاجأة أن الهزيمة جاءت على أرض الطليان في باليرمو ليسجل الآتزوري غيابه الثاني على التوالي عن المونديال.
ويمكن القول إن نتائج التصفيات جاءت منطقية وتأهلت منتخبات كبيرة لكن المفاجآت حضرت بطريقة التأهل في بعض القارات كما القارة الإفريقية حيث قضى نظام التصفيات بتأهل أبطال عشر مجموعات إلى الدور الحاسم الذي أقيم بطريقة القرعة بينها، ويمكن وصف الغياب النيجيري بالمفاجأة لكن عندما نعرف أن المنتخب الغاني هو من أطاح بالنسور الخضر ندرك أنها ليست بالكبيرة وقد جاء الحسم بفضل الهدف خارج الأرض بعد التعادل في لاغوس 1/1 بعد التعادل سلباً في كوماسي، وكذلك كان الصدام بين محاربي الصحراء الجزائريين وأسود الكاميرون لكن الطريقة التي أقصي بها الأشقاء كانت مؤلمة، فبعد الفوز بهدف في دوالا لم يكن مطلوباً سوى التعادل بالإياب في مدينة البليدة وتقدم تشوبو موتينغ مبكراً للضيوف وبه انتهى الوقت الأصلي وفي الوقت الإضافي استطاع الجزائريون إدراك التعادل متأخرين (118) وهو كاف لوضعهم في النهائيات إلا أن الثواني الأخيرة شهدت هدفاً كاميرونياً صاعقاً (120+4) وبه تأهل الأسود تاركين الحسرة للمحاربين.
البطل ينحني
هي المسابقة التي استحدثها الاتحاد الأوروبي وتحت مسمى دوري الأمم وتقام بنظام الدرجات وفيها يلتقي أصحاب المقام الرفيع في الدرجة الأولى وتقسم منتخبات هذا التصنيف على أربع مجموعات تقام منافساتها في الخريف ويتأهل في نهايتها الأبطال إلى دوري نصف النهائي الذي يقام في الصيف التالي ومن ثم يلتقي الفائزان في النهائي ويحمل الفائز كأس المسابقة ويطلق عليه بطل الأمم الأوروبية، وقد شهدت النسخة الأولى 2018/2019 تتويج المنتخب البرتغالي على حساب نظيره الهولندي بهدف وحل المنتخب الإنكليزي بالمركز الثالث على حساب نظيره السويسري، وفي النسخة الثانية 2020/2021 تغيرت هوية رباعي نصف النهائي كلياً وتوج المنتخب الفرنسي بطلاً لها على حساب الإسباني بعدما تغلب عليه 2/1 وحل الإيطالي ثالثاً على حساب البلجيكي، وشهد الدور الأول للنسخة الثالثة عدداً من المفاجآت تمثل بخروج بطلي النسختين الأوليين، وتأهل منتخبا إسبانيا وإيطاليا للمرة الثانية على التوالي وجاء تأهل الأول على حساب جاء البرتغالي ومن عقر دار الأخير بالفوز عليه بهدف بعد التعادل ذهاباً 1/1، أما الآتزروي فقد تأهل على حساب نظيريه الألماني والإنكليزي والأخير أخفق بتسجيل أي فوز في 6 مباريات على حين أخفق المانشافت بتجاوز الدور الأول للمرة الثالثة على التوالي.
وتأهل منتخب كرواتيا للمرة الأولى على حساب منتخبات فرنسا والدانمارك والنمسا ولم يسجل منتخب الديوك سوى فوز يتيم، وفي المجموعة الرابعة عاد المنتخب الهولندي وبلغ نصف النهائي للمرة الثانية على حساب منتخبات بلجيكا وبولندا وويلز، وتقام المباريات المتبقية خلال صيف 2023 في هولندا.
لقب استثنائي
في القارة العجوز لكن هذه المرة على مستوى الأندية استطاع ريال مدريد الإسباني استعادة تاجه القاري على صعيد دوري الأبطال التي يتزعمها تاريخياً ولم يكن الأمر غريباً فقد سبق للفريق الملكي أن توج قبلها 13 مرة بطلاً لهذه المسابقة بكل مراحلها إلا أن الطريق إلى اللقب الرابع عشر جاء استثنائياً جعل منه حكاية تستحق أن تروى، فقد تأهل بشكل طبيعي متصدراً للمجموعة الرابعة على حساب إنتر ميلانو الإيطالي وشاختار الأوكراني وشيريف تيراسبول المولدافي على الرغم من الهزيمة المفاجئة أمام الأخير في مدريد بالذات، وكان ذلك كفيلاً بعدم ترشيحه للقب وتأكد الأمر مع وقوعه أمام سان جيرمان في أول أدوار الإقصاء وعندها بدأت الحكاية الغريبة فقد تقدم الباريسي ذهاباً بهدف وثم بهدف حتى الدقيقة 60 من لقاء الإياب قبل أن يعود الفريق الملكي من بعيد ويسجل نجمه كريم بنزيمة الهاتريك خلال ربع ساعة كانت كافية بقلب الموازين وتأهله إلى ربع النهائي.
هناك في دور الثمانية كان المنافس تشيلسي الإنكليزي حامل اللقب الذي خسر في ستامفورد بريدج بغرابة 1/3 قبل أن يعود بثلاثية نظيفة كانت كفيلة بتأهله في برنابيه حتى الدقيقة 80 عندما سجل رودريغو هدفاً أعاد الريال إلى اللعبة من جديد ليذهب الفريقان إلى التمديد وفيه نجح المنقذ دائماً كريم بنزيمة بتسجيل هدف التأهل، وفي نصف النهائي التقى فريق المدرب كارلو أنشيلوتي مع وصيف النسخة السابقة مانشستر سيتي وتوقع الكثيرون تأهله لكن الذي حدث أن السيتي فاز 4/3 ذهاباً بسيناريو غريب وفي الإياب تقدم من جديد بهدف الدقيقة 73 ومع اقتراب النهاية حدث ما لم يكن بالحسبان مرة أخرى فقد سجل رودريغو هدفين في الدقيقة 90 و90+1 أعاد بهما الروح إلى الملكي فقد أصبحت النتيجة بالمجمل تعادلاً بعد إلغاء قاعدة أفضلية التسجيل خارج الأرض، وخاض الفريقان التمديد وفيه سجل بنزيمة هدفاً من علامة الجزاء وضع فريقه في النهائي بمواجهة ثالث الإنكليز ليفربول.
مباراة التتويج كانت استثنائية ففي ملعب سان دوني قرب العاصمة الفرنسية باريس قدم ليفربول مباراة كبيرة كان فيها الأخطر والأفضل والأكثر استحواذاً وفرصاً إلا أن حكاية الخطف التي مارستها عصبة أنشيلوتي وفينيسيوس ورودريغو ومودريتش وخاصة كورتوا وبنزيمة عادت وظهرت في النهاية بفضل هدف وحيد كان كافياً للتتويج باللقب الاستثنائي، وتوج نجمه ينزيمة هدافاً وأفضل لاعب في الشامبيونزليغ قبل أن يتوج بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم عن الموسم الماضي.
عرب وبرازيليون
في أميركا الجنوبية استمرت السيطرة البرازيلية على كأس الليبرتادوريس ونجح فلامنغو بخطف كأسها من مواطنه أتلتيكو بارانينيسي بهدف يتيم وذلك في النهائي الثالث على التوالي الذي يجمع فريقين من بلاد السامبا، وفي إفريقيا انتزع الوداد البيضاوي كأس الأبطال من زعيم البطولة الأهلي المصري بالفوز عليه بهدفين نظيفين في النهائي الذي أقيم في الدار البيضاء وهو اللقب الثالث للوداد والسابع لأندية المغرب والسادس على التوالي للأندية العربية، وفي آسيا وبسبب تداعيات كورونا وكأس العالم تستكمل نسخة دوري أبطال آسيا في شباط القادم في غرب القارة لمعرفة الطرف الثاني من النهائي بعدما حجز أوراوا ريدز اليابان المقعد الأول، وتتنافس 7 أندية عربية على البطاقة الثانية إضافة إلى ناساف كارشي الأوزبكي.
مونديال ميسي
لا يمكن الجزم بأنه «مونديال ميسي» كما يطلق «مونديال مارادونا» على بطولة 1986 لكن بالمختصر أنه اللقب الناقص عند النجم الأرجنتيني وقد توج به بعد أداء رفيع فقاد منتخب بلاده إلى اللقب الثالث على مستوى كأس العالم عقب الفوز على حساب الفرنسي البطل السابق بركلات الترجيح بعد التعادل 3/3 وتوج ليونيل الملقب بالبرغوث بلقب أفضل لاعب في البطولة، ولا زالت الأحداث المثيرة للمونديال العربي ماثلة للعيان عندما حقق منتخب المغرب أفضل مركز لفريق عربي وإفريقي، في حين كان شاهداً على سقوط منتخبات كبيرة كالمانشافت الألماني واللاروخا الإسباني والسيليستي الأورغوياني والسيليساو البرازيلي.