مروحة خيارات مهمة يخبئها العام الجديد في العروض الإقليمية المقدمة إليها … مراقبون: دمشق سيدة قرارها في اتخاذ ما يناسبها من خطوات لتقرب أنقرة منها
| حلب - خالد زنكلو
قاومت دمشق، ومنذ فتح أنقرة باب التقرب منها قبل أشهر، إغراءات وضغوط الانفتاح السريع على إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الساعي إلى قلب صفحة القطيعة مع جارته الجنوبية التي بادلها ود «سنوات العسل» بدعم الإرهاب فيها منذ ٢٠١١.
وبينت مصادر مراقبة لتطور منحى ومسار التقارب بين دمشق وأنقرة أن الأولى أظهرت قدراً واسعاً من استقلال قرارها بمنأى عن مبادرات ومساعي الدول الفاعلة في تحقيق المصالحة بين العاصمتين، من خلال تمسكها بنهجها الثابت ومطالبها بوقف دعم الإرهابيين واسترجاع أراضيها المحتلة، كمطلب شعبي لا يجوز التنازل فيه، أو جدولة الانسحاب بشكل رسمي، كأضعف الإيمان.
ورجحت المصادر ذاتها، في تصريحات لـ«الوطن»، أن دمشق، وبعد طي صفحات العام ٢٠٢٢ من دون الاستجابة لمآرب أردوغان في حرق المراحل والارتقاء بالعلاقات السياسية إلى مصاف نظيرتها الأمنية والدفاعية، ماضية خلال الفترة المقبلة في سياستها الحالية القائمة على صيانة الحقوق الوطنية والتعامل مع البالونات الإعلامية التي يطلقها رئيس الإدارة التركية لتسريع خطوات المصالحة والتطبيع مع القيادة السورية، وفقا لتلك المصالح حصراً.
وأعربت المصادر عن اعتقادها، بأن أردوغان، ومع مطلع العام الجديد، سيواصل سياسة الاستدارة نحو القيادة السورية تحت ضغط اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية التركية في حزيران المقبل، والتي يشكل فيها تهديد الأمن القومي بفعل حزب العمال الكريستاني وميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» التي يتهمها بأنها ذراع لهذا الحزب في سورية، إضافة إلى اللاجئين السوريين في بلاده، التهديد والتحدي الأول له، مستعيناً بالوسيط الروسي الذي يهمه أن يكسب حليفه التركي نقاطاً جديدة للبقاء في الحكم.
المصادر رأت أن الوقت يمر لمصلحة دمشق التي تمتلك مروحة خيارات مهمة في العروض الإقليمية المقدمة إليها، لتجاوز الحصار الخارجي المفروض عليها، عدا عن حاجة الإدارة التركية الملحة إليها لتجاوز تبعات غوصها في المستنقع السوري وتدخلها في شؤون جيرانها الداخلية على أمن بلادها واقتصادها ومستقبل بقائها في السلطة.
واعتبرت المصادر أن من أوراق العاصمة السورية، تآكل نفوذ «قسد» في مناطق هيمنتها جراء انتفاضة العشائر العربية ضدها وفقدان حاضنتها الشعبية بسبب ممارساتها التعسفية، وتهديد إدارة أردوغان لها بمواصلة قضمها لمزيد من تلك المناطق، بالإضافة إلى عدم إعارة الولايات المتحدة لشرق سورية أهمية إستراتيجية وأولوية في سياستها الخارجية، على الرغم من اتخاذها خطوات في الآونة الأخيرة تدل على مواصلة دعم الميليشيات راهناً، إلا أن بقاء جيش احتلالها في الأراضي السورية لن يدوم طويلاً، وقادة «قسد» يدركون ذلك جيداً ويعرفون أن دمشق وجهتهم الأخيرة والوحيدة في نهاية المطاف.
وأكدت المصادر المراقبة أن القيادة السورية تتقن إدارة التوازنات الإقليمية والدولية وقادرة على اللعب وفق سياسة حافة الهاوية لحين تحقيق مصالح الشعب والدولة السورية، مع براعتها في قراءة التطورات واتباع السياسة الملائمة لها ورسم إستراتيجيات إدارة الصراع، والرجوع إلى «الواقعية السياسية» عندما تقتضي المصلحة الوطنية فعل ذلك في علاقاتها المستقبلية مع الجارة تركيا وإداراتها الحاكمة.