سورية

غمز من قناة التعاون مع «السلطات الشرعية» في دمشق وبغداد … تحالف الرياض.. تعويم لداعمي الإرهاب الأساسيين.. وتمايز عن واشنطن ومد يد لموسكو.. وإقصاء لطهران

| الوطن- وكالات

فجأة من دون سابق إنذار أعلنت السعودية أمس عن تشكيل تحالف إسلامي من 34 دولة من أجل مواجهة التنظيمات الإرهابية، بغض النظر عن ماهيتها. اللافت أن التحالف الذي يبدو أن ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان قد اختاره ليقدم أوراق اعتماده أمام العالم، يضم دولاً من المفترض أنها مشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش الإرهابي، على حين غمز من قناة التعاون مع «السلطات الشرعية في دمشق وبغداد وبما يوافق المجتمع الدولي».
ولعل أكبر نقطة ضعف في هذا التحالف، الذي شكلته الرياض لتعويم نفسها وأنقرة والدوحة الثلاثي الإقليمي الراعي للإرهاب في العالم من أفغانستان إلى ليبيا مروراً، هو عدم شموله للعراق وسورية، فضلاً عن إيران التي تعتبر من أكبر محاربي الإرهاب في المنطقة. ويبدو أن السعودية ستصرف جهودها في هذا التحالف على إدارة الخلافات بين الأعضاء الأقوياء فيه قطر والإمارات، مصر وتركيا..!
وأعلنت وكالة الأنباء السعودية «واس» أمس، قرار 34 دولة «تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب» بقيادة السعودية، وتشكيل «مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود» في الرياض.
وأضافت الوكالة في بيان نشرته، نقلته فرانس برس: إنه سيتم وضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع «الدول الصديقة والمحبة للسلام (في وصف لا ينطبق حسب الرياض على إيران)، والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين». واللافت أن البيان لم يشرح طبيعة العلاقة مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
وفي مؤتمر صحفي، أعلن ولي ولي العهد السعودي أن التحالف «يأتي من حرص العالم الإسلامي لمحاربة هذا الداء (الإرهاب) الذي تضرر منه العالم الإسلامي أولاً قبل المجتمع الدولي ككل». وأضاف: «اليوم كل دولة إسلامية تحارب الإرهاب بشكل منفرد، فتنسيق الجهود مهم جداً»، معتبراً أن ذلك سيطور «الأساليب والجهود التي يمكن (أن) نحارب فيها الإرهاب في جميع أنحاء العالم الإسلامي».
وأضاف ابن سلمان في أول مؤتمر صحفي يعقده منذ توليه منصبه في مطالع العام الجاري، «لدينا عدد من الدول تعاني من الإرهاب من بينها سورية والعراق وسيناء (شبه الجزيرة المصرية) واليمن وليبيا ومالي ونيجيريا وباكستان وأفغانستان، وهذا يتطلب جهوداً قوية جداً لمحاربته».
ورداً على سؤال عما إذا كان التحالف يستهدف تنظيم داعش، قال الأمير السعودي إنه سيحارب «أي منظمة إرهابية تظهر أمامنا». وفيما يتعلق بإمكانية إجراء عمليات للتحالف في سورية والعراق، قال ابن سلمان: «لا نستطيع القيام بهذه العمليات إلا بالتنسيق مع الشرعية في ذاك المكان ومع المجتمع الدولي»، في موقف يقترب إلى حد بعيد من الموقف الروسي.
وحسب اللائحة التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية، فالدول المنضوية في التحالف تنتمي إلى منظمة التعاون الإسلامي. ومن أبرزها مصر وليبيا وتونس والمغرب والأردن والإمارات والبحرين وقطر والكويت ولبنان ودولة فلسطين والسودان وتركيا وباكستان. كما أبدت عشر دول أخرى أبرزها إندونيسيا، أكبر الدول الإسلامية من حيث عدد السكان، تأييدها للتحالف.
وإلى جانب سورية والعراق وإيران فشلت السعودية في ضم الجمهوريات الإسلامية السوفيتية السابقة (أذربيجان- أوزبكستان- طاجكستان– تركمنستان- كازاخستان) وهي في أغلبيتها مقربة من موسكو. كما فشلت الرياض في إقناع دول عربية وازنة مثل الجزائر وسلطنة عُمان بالانضمام إلى تحالفها.
وأكد وزير الدفاع السعودي أن «هذه الدول ليست خارج التحالف، هذه الدول لها إجراءات يجب أن تتخذها قبل الانضمام للتحالف ونظراً للحرص لإنجاز هذا التحالف بأسرع وقت، تم الإعلان عن 34 دولة وإن شاء اللـه فسوف تلحق بقية الدول لهذا التحالف الإسلامي».
وكانت السعودية قد تعرضت لنكسة كبيرة عندما أعلنت عن تحالف عاصفة الحزم المشكل من عشر دول، بينها تركيا وباكستان. إلا أن الدولتين لم تتدخلا بشكل عسكري، وأحبطت إسلام آباد كل مساعي السعودية الرامية إلى ضمها إلى الحلف.
ومن باريس، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الدول الـ34 الأعضاء في التحالف العسكري الإسلامي الجديد لمكافحة «الإرهاب» ستتبادل المعلومات وتقدم معدات وتدريبا وستنشر قوات إذا لزم الأمر.
وقال الجبير خلال مؤتمر صحفي رداً على سؤال حول احتمال إرسال قوات على الأرض إلى الدول التي يضربها الإرهاب «القرارات تتخذ حالة بحالة، وليس هناك أي خيار مستبعد».
وفي أنقرة تلقف المسؤولون الأتراك الذين يعانون من عزلة لا طب لها نتيجة دعمهم لداعش وتكشف شرائهم النفط منه، الإعلان السعودي بحماسة. وأكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده «مستعدة للمساهمة بكل الوسائل في كل التجمعات الهادفة إلى النضال ضد الإرهاب، أينما كان ذلك وأياً يكن منظم ذلك». وعلى ما يبدو فقد أسقطت أنقرة شروطها حيال رفض التعاون مع مصر، حيث تتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي بالانقلاب على «الشرعية».
من عمان، أكد الناطق باسم الحكومة الأردنية وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني أن بلاده «على استعداد دائم للمشاركة الفاعلة في أي جهد لمحاربة الإرهاب». وثمن «الدور الذي تقوم به السعودية وجهودها في مكافحة الإرهاب».
وفي القاهرة، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد إن «مصر تدعم كل جهد يستهدف مكافحة الإرهاب والقضاء عليه سواء كان هذا الجهد إسلامياً أو عربياً، فهي تدعمه وتكون جزءاً منه»، وفق ما نقلته وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية.
وعن العلاقة بين التحالف المشار إليه ومقترح إنشاء قوة عربية مشتركة، قال أبو زيد إن «هناك اختلافاً بين الطرحين، فالتحالف الإسلامي يستهدف مكافحة الإرهاب فقط، أما القوة العربية المشتركة فهي تتعامل مع التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي بمختلف أشكالها، وفي النطاق العربي فقط».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن