اجتماع أنقرة لـ«ضبط عقاربها» و«قسد» تغازلها … ميليشيات تركيا تستشعر الخطر من تقارب أنقرة من دمشق وخطة تشكيلها «جيش موحد» على الرف
| حلب - خالد زنكلو
مع اجتماع وزيري دفاع سورية والإدارة التركية ورئيسي جهازي استخبارات البلدين في موسكو الأربعاء الماضي بمشاركة نظرائهم الروس وفتح صفحة جديدة في تقرب أنقرة من دمشق، استشعر متزعمو الميليشيات المسلحة المدعومة من الأولى خطراً داهماً يحدق بهم وخيبة أمل كبيرة من مشغلهم التركي جراء التقارب وخطواته المستقبلية التي قد تنأى بهم عن المشهد، في وقت انقضت المهلة التي حددتها لهم الاستخبارات التركية لتشكيل ما يسمى «جيش موحد» في المناطق المحتلة شمال وشمال شرق سورية مع انتهاء عام 2022، ووضعت هذه الخطة على الرف.
وكشفت مصادر مقربة مما يسمى «الائتلاف» المعارض، الذي يتخذ من اسطنبول مقراً له، أن أعضاءه لا يتأملون أي خير من المسؤولين الأتراك في الوقوف إلى جانبهم خلال الاجتماع الذي عقد أمس الإثنين مع مسؤولين أتراك في وزارة الخارجية التركية بأنقرة، بناء على طلبهم لبحث بعض الأمور التي تخص «مسألة التقارب مع القيادة السورية عقب اجتماع موسكو».
ونقلت المصادر عن أعضاء في «الائتلاف» لـ«الوطن» قولهم: إنهم باتوا يحسون بقلق وخطر حقيقي يهدد مستقبل وجودهم على الأراضي التركية، والذي سيصبح بلا معنى لدى حل الهواجس التي تعترض سبل تطوير العلاقات السورية – التركية، والتي توقعوا لها أن تكتسب زخماً كبيراً وخطوات متسارعة خلال الفترة القادمة، وخصوصاً التي تسبق الانتخابات التشريعية والرئاسية التركية المقررة في حزيران القادم.
المصادر رجحت ألا يخرج اجتماع «الائتلاف» في الخارجية التركية عن أي مواقف تفترق عن مخرجات اجتماع موسكو لأن الهدف منه «ضبط عقارب» الميليشيات، وهو السبب الرئيس الذي دفع الأجسام السياسية السورية المعارضة داخل الأراضي التركية، من «الائتلاف» وما يعرف بـ«الحكومة المؤقتة» التابعة له و«هيئة التفاوض» إلى جانب ما يسمى «الجيش الوطني» الذي شكلته الإدارة التركية في المناطق التي تحتلها، إلى التزام وإيثار الصمت والترقب عقب اجتماع موسكو قبل استجلاء موقف أنقرة صاحبة الأمر والنهي في هذه المسائل.
ورأت أن مساعي إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الاستمرار بالاستدارة نحو القيادة السورية، تحركها دوافع ومصالح حيوية عليا مثل ضمان أمن حدود بلادها الجنوبية ضد الإرهاب وعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهما قضيتان تحسمان الرابح في صناديق الاقتراع، وبالتالي، لم ولن تحسب إدارة أردوغان أي حساب لرد فعل «المعارضة» السورية في أي عملية تفاوض مع دمشق لأن لا قيمة لها في بيدر الحسابات بالمواضيع ذات السيادة بين الدولتين.
وأشارت المصادر إلى أن تصريح وزير خارجية الإدارة التركية مولود جاويش أوغلو الخميس الماضي، خلال مؤتمر صحفي لتقييم لعمل وزارة الخارجية في عام 2022، بأن من حرك المظاهرات ضد التطبيع بين أنقرة ودمشق «هم جماعات قليلة تتحرك وفق مصالحها الخاصة، وأن المعارضة السورية لم تبدِ أي رد فعل تجاه التقارب بين أنقرة والنظام»، يصب في هذا الاتجاه، على الرغم من تطميناته بأن تركيا هي «الضامن للمعارضة السورية».
وخلال لقاء تلفزيوني مع رئيس حزب «الوطن» التركي كان رئيس تحرير صحيفة Aydinlik التركية مصطفى يوجال المقرب من أردوغان، ذكر أن رئيس «الحكومة المؤقتة» عبد الرحمن المصطفى اجتمع مع متزعمي ميليشياته في غازي عينتاب التركية منذ أيام وطلب منهم التجهز للمرحلة الجديدة التي يجري فيها تجهيز الميليشيات على الأرض لهذه المرحلة.
في هذا الاطار، قالت مصادر معارضة مقربة من «الجيش الوطني»: إن الاستخبارات التركية وضعت خطة دمج ميليشياته الـ12 المشكلة لـ«الفيالق الثلاثة» في «جيش موحد» على الرف، بعد أن اجتمعت بمتزعمي الميليشيات في غازي عنتاب مطلع تشرين الثاني الماضي عقب سيطرة تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي على عفرين شمال غرب حلب لفرض خطة من مراحل وخطوات عديدة ينتهي تنفيذها نهاية العام المنصرم.
وأوضحت المصادر لـ«الوطن»: أن القرارات التي أصدرتها ما تسمى «وزارة الدفاع» في «الحكومة المؤقتة» أخيراً من تعيين قيادات للمكاتب والإدارات فيها وفي «الشرطة العسكرية»، ضمن هيكلية جديدة إثر مشاورات مع متزعمي «الفيالق» الثلاثة وضمن ما يسمى «المجلس العسكري الاستشاري»، هي من بنات أفكارها ولم تأتِ نتيجة نقاش أو أوامر من الاستخبارات التركية لتوحيد الميليشيات وفرض واقع جديد شمال البلاد.
وتوقعت أن تبقي إدارة أردوغان وضع ميليشياتها في المناطق السورية التي تحتلها على ما هي عليه، في انتظار المزيد من المفاوضات مع القيادة السورية، وما سينتج عن اللجان التي ستشكل من الجانبين نهاية الشهر الجاري لهذه الغاية ولوضع قطار المصالحة بين البلدين على سكته الصحيحة.
في الأثناء، أدان ما يسمى «مجلس سورية الديمقراطية- مسد»، الذراع السياسي لميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، في بيان تقارب الإدارة التركية مع القيادة السورية، ودعا إلى «توحيد قوى المعارضة» ضد الأخيرة.
وبين أن «المجلس» «ينظر بعين الريبة إلى اجتماع موسكو برعاية روسية»، وذلك بالتزامن مع مبادرة طرحها الرئيس المشترك لـ«مسد» رياض درار للتقارب بين «قسد» والمعارضة السورية، دعت إلى «البدء بتفاهمات بين القوى السياسية و(ما سماها) «الفصائل العسكرية» بإطلاق مبادرة للحل والسلام تتجاوز الأخطاء.. في حال إطلاق مبادرة يشارك فيها الأطراف من دون استثناء على أرضية الحل الصحيح والسلام المنشود»، وذلك حسبما نقلت وكالة «هاوار» الكردية عنه.
وهذه أول مبادرة من «مسد» تتغزل بميليشيات أنقرة التي تقصف مع جيش الاحتلال التركي مواقع هيمنة «قسد» شمال وشمال شرق سورية.