سيسولوجية العلاقات الدولية … النزاعات على كل صعيد للسيطرة على الطاقة وبسط النفوذ
| مصعب أيوب
لقد دأب الدارسون في الشأن الدولي على تحليل العلاقات الإنسانية والوقوف عند النزاعات حسب ما يصنفها البعض على حين يصنفها البعض الآن مساعي للوصول إلى السلم، نستعرض وإياكم الكتاب الحديث (سوسيولوجية العلاقات الدولية) للمؤلف غيون ديفان ضمن المشروع الوطني للترجمة عن د. سلمى ديجن من مطبوعات الهيئة العامة السورية للكتاب والذي يتطرق للتعريف بالقانون الدولي ومصادره وأهم النزاعات الدولية والإقليمية للاستحواذ على الطاقة في سبيل السيطرة وبسط النفوذ.
مصادر القانون الدولي
القانون الدولي عبارة عن مجموعة ضوابط وقوانين تنظم علاقات الدول ببعضها أو الشخصيات الاعتبارية وتسعى إلى حل النزاعات والذي تعد المعاهدات الدولية من أبرز مصادرها والتي بموجبها تحدد الالتزامات الواجبة على الدول فعلها لحل مشكلة ما أو لتفادي الوقوع في صراع محتمل ومن خلال المعاهدات يتم التوصل إلى حلول رضائية بين طرفين أو أكثر فهي سلوك قانوني لا يشترط وجود توافق في إرادة الأطراف ويمكن أن ينشأ من تصريح خاص أو منفرد وكذلك من تصريح عام أو جماعي ويمكن للمعاهدة أن تتخذ صفة مكتوبة أو شفوية ومن الممكن أن تكون وثيقة واحدة أو عدة وثائق ومن أمثلتها معاهدات السلام ومعاهدات رسم الحدود ومعاهدات تسليم المجرمين وسنستعرض في حديثنا عن الكتاب الذي بين أيدينا معاهدة فيينا.
وكذلك فإن العرف الدولي من أهم مصادر القانون الدولي وهو مجموعة عادات دولية متوارثة أو متداولة كانت في القدم واستمر المجتمع باتباعها والعمل بموجبها والعرف يعتبر الأساس للقوانين والتشريعات ومرتبط بظهور البشرية الأولى وأساس العرف وجود تصرف أو سلوك اعتادت مجموعة من الأفراد ممارسته ويمكن أن نميزه بالتكرار والاستمرار والعمومية ومعنى ذلك أن تكون العادة مقبولة بين جموع المجتمع سواء كان القبول ضمنياً أم ظاهراً وسواء أكانت العادة سيئة أم جيدة.
ويفيدنا الكتاب بأن المبادئ العامة أيضاً واحدة من أهم مصادر القانون الدولي ولا بد أن تكون حاصلة على إجماع دولي لتطبيقها على الساحة الدولية ولا بد أن تصدر من أمم متحضرة وصالحة للاستخدام الدولي فالقانون الدولي يشكل تقاليد وعقيدة معينة وكذلك الأحكام القضائية، ولا بد أن الجميع يلاحظ تسخير الأمم المتحدة للقانون الدولي في خدمة مصالحها لإضفاء الشرعية على تجاوزاتها وتحقيق مصالحها تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان والأقليات ونشر السلام ضاربة بيد من حديد كل معارضيها.
وينوه الكاتب أيضاً إلى أن آراء الفقهاء واجتهادات المحاكم يمكن الاستئناس بها لاشتقاق فروع القانون الدولي.
اتفاقية فيينا
هي اتفاقية دولية مكتوبة تحدد وتنظم العلاقات بين الدول في الحقوق والواجبات في القطاع الدبلوماسي وتشمل طبيعة عمل البعثات الدبلوماسية والضوابط الخاصة بذلك والغاية من الاتفاقية تأمين الأداء الأمثل للبعثات الدبلوماسية ولها وظائف عدة تتجلى في تمثيل دولها ونقل صورة جيدة عنها ومراقبة مواطنيها في الدولة المضيفة والاستماع لشكاويهم ومتطلباتهم وكذلك التفاوض في حال حصول أية إشكاليات، ومما جاء في معاهدة فيينا أنه يمكن للدولة اعتماد الشخص نفسه لتمثيلها في عدة دول أجنبية في حال لم تعارض الدولة الثانية، وكذلك فإنه يحق للبعثة رفع العلم الوطني للبلاد وشعار دولتها وتتمتع مباني البعثة بالحرمة ولا يحق لممثلي الحكومة المعتمدين لديها الدخول إلى مبانيها إلا بموافقة رئيس البعثة الدبلوماسية وكذلك على الدولة المعتمدة الالتزام بحماية مباني البعثة من المخربين والعابثين وكل أشكال الأضرار وتطرقت المعاهدة أيضاً إلى أن الدولة المعتمدة تعفى من الضرائب والعوائد العامة ولوثائق البعثة حرمة كذلك في أي وقت وأينما كانت وتتعهد الدولة المعتمد لديها بكل التسهيلات لتتمكن البعثة من ممارسة مهامها بالشكل المطلوب وللممثل الدبلوماسي بطبيعة الحال الحصانة ولا يجوز توقيفه أو حجزه بأي شكل.
القوة الاقتصادية
يمكن تعريف القوة الاقتصادية على أنها قدرة الدولة أو الافراد أو الشركات على تحسين المستوى المعيشي والوصول إلى الرضا المنشود دون الحاجة لأي تدخل أجنبي، والقدرة الشرائية أحد أهم أركان القوة الاقتصادية، فمن خلال تحسن الدخل المادي يمكن شراء المزيد من السلع والخدمات وتلبية كافة الاحتياجات.
فإذا ما احتكرت دولة ما صناعة معينة يمنحها ذلك قوة اقتصادية هائلة، وهو ما تتمتع به الولايات المتحدة الأميركية ولأن عملتها المحلية متعمدة عالميا فكلنا يعلم أن الدولار الأميركي مستخدم في جميع التجارات العالمية، ومن أمثلة تلك الشركات (آبل وأمازون) حيث تحققان فائدة حقيقية للعالم.
وتأتي قوة دولة ما في المقام الأول من خلال غناها بالموارد الطبيعية والمساحة الواسعة التي تضم أراضي خصبة ومصادر مائية كثيرة وتلعب إطلالاتها البحرية دوراً مهماً في التجارة، ويعتبر الدارسون في بعض الأحيان أن قوة دولة ما اقتصادياً تقاس بنصيب الفرد من الناتج المحلي فيما يعتبرها البعض لا تعطي الصورة الصحيحة للتفوق الاقتصادي، ومن أهم ما يؤثر في القوة الاقتصادية رأس المال والموارد الطبيعية والعمالة.
الصراع على مصادر الطاقة
لأن الطاقة أساس التطور والتفوق والسبيل للسيطرة والانتشار نجد ما يسمى بالصراع على موارد الطاقة وهو ليس بجديد ومعروف منذ القبائل القديمة ومن أهم أنوع الطاقة هذه الفحم والغاز والنفط الذي تتنوع منابعه في كثير من المناطق وأهمها عالمنا العربي في الشرق الأوسط ففيها مخزون نفطي كبير وكذلك منطقة الخليج العربي وهو ما يفسر حجم وعظم الصراع المحتدم في المنطقة منذ سنوات، والولايات المتحدة الأميركية تعتبر الشرق الأوسط منطقة نفوذ وتتعلق بأمنها القومي فإذا ما سيطرت عليها سيطرت على كل شيء وللوصول إلى ذلك أبرمت الاتفاقيات مع كثير من دول الخليج العربي ومهدت الطريق لاحتلال العراق كما كلنا يعرف في ٢٠٠٣ للاستحواذ على مخزونها النفطي الهائل إضافة إلى جهودها المتواصلة لنشوب النزاعات في مناطق الشرق الأوسط لخلق ذريعة للتدخل في الشؤون المحلية للدول كما حصل ويحصل في سورية ولا ننسى جهودها الجبارة لاضرام النار في منطقة شرق آسيا ومساعيها للسيطرة على حقول الغاز في بحر قزوين والتنافس الدولي لا يزال مستمرا للسيطرة على خيرات القارة الإفريقية وتسعى واشنطن دائماً إلى تحديد وتقييد تحركات النفوذ الأوروبي في إفريقيا للسيطرة على المخزون النفطي العالمي، ولأن الطاقة هدف استراتيجي تتواصل الصراعات العسكرية في ليبيا التي تمتلك احتياطي غاز كبيراً جداً، فالوجود الروسي فيها لحماية الغاز فقط وتحارب موسكو من أجل تعزيز قوتها الاقتصادية والسيطرة على منابع الطاقة في العديد من المناطق.
الكتاب منجز فيما يقارب الـ١٥٠ صفحة تتضمن مواد دسمة عن أهم أشكال العلاقات الدولية وتقنيات تطبيق الدبلوماسية واستخدام عناصر المخابرات للحصول على المعلومات وحماية الأسرار وتضليل الخصوم وكذلك نوه إلى أهمية الدعاية في توجيه الرأي حسب التوجه السياسي المرغوب فيه.