تخبط فني وضعف إداري ومغامرة ناقصة، هذا هو ملخص عودة سلة أهلي حلب إلى المنافسات الخارجية، فجاءت مشاركته في دورة الأندية العربية التي أقيمت مؤخراً بالكويت الدولية أشكالاً وألواناً بين القبول هنا والرفض هناك، وحينها وجدنا ألف عذر وحجة بأن الفريق لم يتحضر وبأن المدرب لم يأخذ وقته بالإعداد.
فالفريق الذي كان في يوم من الأيام مرعباً للفرق العربية على أقل تقدير، ورقماً صعباً يحسب له ألف حساب، ظهر كحمل وديع في دوري (وصل)، ورضيع ما زال يحبو في هذه البطولة، ورغم أهمية المشاركة من الناحية النظرية لسلة الأهلي، إلا أن نقاطاً عديدة، وتساؤلات كثيرة لم نجد جواباً لها.
تعاقدات غريبة ومراكز عجيبة
رغم استعانة الفريق بالعديد من اللاعبين الأجانب لتعزيز صفوفه، إلا أن هذا التعزيز لم يكن مدروساً، ولم يلب حاجات الفريق الملحة، فعلى سبيل المثال يعاني الفريق في الدوري من غياب لاعب السنتر (الارتكاز)، وجاءت الاستعانة بالعملاق الجيش عبد الوهاب الحموي لسد العجز في هذا المركز، ولكن كم كان غريباً ألا يكون أي لاعب من الأجانب قادراً على شغل الدور المطلوب كبديل الحموي.
كما لاحظنا تقارباً ملحوظاً في طريقة أداء اللاعبين الأجانب، ولم نلمس أي ميزات خاصة وإضافية لكل لاعب لاستكمال حاجات الفريق، ولم نجد منهم مواصفات شغل المركزين ٤-٥، ولم يكن أداؤهم موازياً لقدرات وإمكانات أجانب باقي الفرق، وكأن التعاقد معهم كان رفع عتب لا أكثر، وهي إشارة استفهام كبيرة عن كيفية التعاقد، وثم من المسؤول عن تحديد المراكز المطلوبة، واختيار اللاعبين المناسبين لها، وكم نستغرب عندما نسمع نجوم السلة أصحاب الظهور الإعلامي يعجزون عن اختيار اللاعبين المناسبين لمشاركة خارجية بهذا الحجم، إضافة إلى ذلك كيف رضي الخبراء بتهميش لاعبي النادي بهذه الطريقة الذين يدّعون دعمهم، ومنحهم الفرصة ليكونوا عماداً لفريق المستقبل، فيما اقتصرت مشاركتهم الفعلية على بعض اللاعبين الذين شاركوا لدقائق معدودة، فيما باقي اللاعبين اكتفوا بالمشاهدة والمتابعة، والتصفيق لا أكثر.
مسؤولية واضحة
يعيش الفريق في عهد الإدارة الحالية حالة من عدم الاستقرار فهي لم تتمكن من تأمين أبسط متطلبات التحضير، والمستحقات المالية لم تدفع للاعبين منذ أشهر ومازال الفريق يعاني من ضعف فني وخسر أمام فرق لا تجاريه بالقوة والتحضير والاستقرار، لكنه يضم بين صفوفه لاعبين من طراز النخبة ورغم ذلك عجز مدرب الفريق براتشي عن الاستفادة منهم، ولم يستطع الفوز في أي مباراة داخل أرضه وخارجها، فالخسارة واردة لكن أن يظهر الفريق بهذه الصورة الباهتة والهزيلة هذا ما لا يقبل به أحد من عشاقه ومحبيه.
فالمدرب ظهر في بعض الأوقات متفرجاً على مجريات تقدم فريقه أو تراجعه، وفي أوقات أخرى تفرغ للتحجج بالتحكيم، وتوجيه الاعتراضات، ونسي أن كرة السلة الحديثة باتت علماً قائماً بحد ذاته، وتتغير مقوماتها من شهر لآخر، ويعجز بعض المدربين عن اللحاق بقطار التطور، والدورات التدريبية، لكن ما شاهدناه من سلة الأهلي ومواهبها الممتازة بدنياً ومهارياً عابها الأداء الجماعي من دون تنظيم في كثير من اللحظات العصيبة من المباراة، واعتمد الفريق على المبادرات الفردية لبعض اللاعبين.
قرار عاجل لإقصاء المدرب
حسنا فعلت إدارة الأهلي عندما قررت إنهاء عقد مدرب فريق رجالها لكرة السلة الأرجنتيني بتراتشي الذي أعاد رحلته الفاشلة مع سلة الأهلي وظهر جلياً ضعف قراءته للمباريات وفقدانه السيطرة على عناصر الفريق وتأثره بخيارات مسبقة مررها إليه بعض من سعى للتعاقد معه للحفاظ على بعض المكاسب ضمن صفوف الفريق.
المدرب القادم بعد عقد من الزمن حاول إرضاء الجميع من لاعبين ومشرفين وزملاء سابقين فكان الإرضاء على حساب مصلحة الفريق الذي ضحى بأعمدته الإستراتيجية ونخبة لاعبيه ممن ساهموا في تحقيق بطولة الدوري تحت راية المدرب الخبير فؤاد أبو شقرا.
ولأن بحر المنافسة يفرق المدربين المدعين ومع انطلاق بطولة وصل وانكشاف أداء الأهلي الذي لم يطالبه جمهوره بالفوز بل بالأداء الرجولي والجيد، عجز المدرب الدخيل على قيادة فرق الرجال عن تقديم مباراة واحدة مقنعة وظهر تراجع المستوى الجماعي والفردي للفريق، وانطلاقاً من شعار أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً تدخل مجلس إدارة نادي الأهلي لوضع حل لأداء الفريق الهزيل بعد أن ظهر عجز مشرف اللعبة عن معالجة الخلل وتداول أقاويل أن عاطفته نحو بعض زملاء الملعب السابقين تحكمت في الكثير من القرارات المصيرية، كالتعاقد مع بتراتشي المتقطع عن البطولات منذ زمن طويل إلى التضحية بلاعبين من دون تعريضهم إلى محاباة لاعبين آخرين رن جرس الإيذان بمغادرتهم الصالات منذ مواسم عديدة، المليارات التي أنفقت على اللاعبين المحليين والأجانب لا تتناسب مع نتائج الفريق وأدائه ولا ترتقي إلى مستوى طموح جمهوره العريق، وإذا كان الكي هو آخر الحلول الطبية فإن الإقالة هي آخر الحلول الإدارية لإنعاش الفريق من غيبوبته الطويلة.