قضايا وآراء

نتنياهو وتهجير أصحاب الأرض الفلسطينيين

| تحسين حلبي

يبدو من المؤكد أن بنيامين نتنياهو يعتبر فوزه برئاسة الحكومة الإسرائيلية لفترة أربع سنوات مقبلة الفرصة الأخيرة من أجل استكمال مشروع الحركة الصهيونية بتنفيذ مخطط «يهودية الدولة» في المجال السياسي العنصري وفي المجال الديموغرافي على الأرض، فبعد تأكده من توليه رئاسة الحكومة للمرة السادسة، بدأ يكشف أوراقا كان قد أعدها ولكنه تجنب عرضها علناً على المستوى الإقليمي والدولي، ففي مقابلة أجراها معه الكاتب السياسي الكندي جوردان بيتيرسون والذي يعمل مع شبكة «بن شابيرو- واير» الأميركية الصهيونية في الثامن من كانون الأول الماضي ونشرتها معظم وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية حتى في اليوتيوب، ينكر نتنياهو في هذه المقابلة، وجود شعب فلسطين وحقه الثابت بوطنه وأراضيه وهويته فوق فلسطين وأن: «من كان يسكن في فلسطين قبل الاحتلال البريطاني وتشكيل دولتها هم العرب الذين احتلوها منذ زمن طويل»، ونفى وجود النكبة التي سببتها المنظمات المسلحة الصهيونية بارتكابها جرائم حرب وتشريد بقوة السلاح والإرهاب لما يقرب من مليون من الفلسطينيين من مدنهم وقراهم أثناء حرب عام 1948، زاعما أن «الفلسطينيين أخلوا القرى والمدن لكي يدخل الجيش العربي الذي كان يحارب اليهود».

لا شك أن نتنياهو يوجه بوساطة هذه التصريحات العلنية وغيرها رسالة إلى المجتمع الدولي بل وبشكل خاص للولايات المتحدة التي أصبحت منذ اتفاقية أوسلو المرجع الوحيد لما أطلقت عليه اسم العملية السلمية القائمة على حل الدولتين، فالفلسطينيون في نظر نتنياهو وحكومته لا وجود لهويتهم الوطنية الفلسطينية في فلسطين ولا هم من أصحاب الأرض التاريخيين، وبموجب صيغته هذه يصبح مخطط تهجيرهم من كل فلسطين هو موضوع الحل الذي ستتخذه حكومته بل هو المهمة الأولى على جدول عملها، وهذا ما تعرفه الولايات المتحدة وتصمت عليه لأنها ترى فيه الحل النهائي المطلوب تحقيقه للكيان الإسرائيلي، وهي وتل أبيب لا يهمهما كيف ستتوليان تهجير الفلسطينيين وقد بلغ عددهم 7 ملايين والى أي رقعة أرض أو دولة ودول، ولذلك تشير المصادر الإسرائيلية بما تنشره بين سطورها إلى إعادة رسم خرائط بعض الدول أو إلى تعديل واقعها وهويتها لكي تقدم واشنطن والغرب حلاً للكيان الإسرائيلي وتدعم بقاءه على الطريقة التي يريدها مخطط نتنياهو فهو صاحب شعار «لن نسمح بوجود دولتين بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط بل دولة واحدة هي إسرائيل، ولن نسمح بوجود أي هوية أخرى إلى جانب الهوية اليهودية في هذه الدولة اليهودية».

الكل يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حاول في كانون الثاني عام 2020 نقل موقع الدولة الفلسطينية في موضوع حل الدولتين إلى منطقة مجاورة لسيناء وجنوب غزة حين عرض مخطط «صفقة القرن» لتصفية القضية وحقوق الشعب الفلسطيني في 95 بالمئة من وطنهم الفلسطيني التاريخي.

وكان ابن رئيس الحكومة الاسرائيلية يائير نتنياهو قد وجه انتقادا في موقع «قناة 14» العبرية في نيسان 2022 لرئيس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت يائير لابيد لأنه «يقدم للأردن تسهيلات يجب أن يتوقف عنها» وخاطب حكومة لا بيد قائلاً: «يجب أن تتذكروا أن 80 بالمئة من المواطنين في الأردن يعدون أنفسهم فلسطينيين، فالأردن هو الدولة الفلسطينية حتى إن علمها وعلم الفلسطينيين واحد» وذكر الكاتب الإسرائيلي روعي شوشا في نيسان 2022 في موقع «قناة 14» العبرية نفسها أن إيتامار بن غافير، وزير الأمن الحالي، «شن حملة إعلامية على الأردن وقال إن موقع المسجد الأقصى مقدس لليهود وحدهم لكن حكومة لابيد خضعت للأردن».

وهذه الخطة الشريرة والفادحة الخطورة أصبحت الآن تحت تصرف بن غافير الذي اقتحم الحرم القدسي في ساحة المسجد الأقصى قبل يومين بعد أن صار وزيراً في حكومة نتنياهو، فاستفز بهذا الإجراء الإجرامي الشعب الفلسطيني والمملكة الأردنية التي تعد مسؤولة عن الأماكن الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس.

وبعد إسقاط الشعب الفلسطيني وجميع فصائله لمخطط صفقة القرن التي صاغها نتنياهو لترامب، يبدو أن نتنياهو يريد الآن من إدارة جو بايدن أن تتبنى خطته لتهجير الفلسطينيين بهدف إعادة رسم خريطة النظام الإقليمي لمصلحة الدولة اليهودية.

ومثلما أسقط الشعب الفلسطيني وفصائله مخطط ترامب سيسقط أيضاً مخطط نتنياهو وبن غافير دون أدنى شك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن