سيكون العام الحالي أفضل من سابقه التعيس والموجع على ذوي الدخل المحدود من السوريين.
تلوح في الأفق القريب معطيات سياسية وعسكرية وطبيعية إيجابية تؤكد أن سنة 2023 ستكون أفضل. ولعل المعطى الطبيعي هو الأقرب إلى اليقين الآن، والدليل كامن في أن هذه السنة الجديدة رطبة تستفيد من كميات أمطار جيدة هطلت في نهاية العام الماضي، علما أن موسم الأمطار ما يزال أمامه أربعة أشهر.
نحن بلد زراعي عمليا، والسنوات الخيرة هي نتاج أمطار جيدة على الرغم من الجهود التي بذلت قبل الحرب على سورية، لتوفير ري دائم من خلال السدود، إذ تم بناء (165) سداً.
يمكن للمساحات البعلية المزروعة بالقمح، أن تثمر في السنوات الماطرة، لاسيما وأنه لا يحتاج إلى كثير من المياه، وهذه المساحات كبيرة في سورية ومتوسطها 900ألف هكتار سنويا، لكن اعتمادنا الأساسي هو على المساحات المروية المخصصة للقمح ومتوسطها السنوي 750 ألف هكتار، وهي مضمونة العطاء.
لقد اعتمدت مأثرة القمح السورية في التسعينيات من القرن الماضي على الري بالدرجة الأولى، يوم بتنا دولة ذات اكتفاء ذاتي ومصدرة للقمح. صحيح أن زيادة أسعار شراء كيلو غرام القمح إلى ضعف السعر العالمي –آنذاك- قد حفزت وألهبت حماسة المنتجين، إلا أنه لولا قدرة التربة على الإنبات بوجود الماء، لفشلت كل الجهود، مهما كانت ضخمة، في الوصول إلى أرقام قياسية 3أو4 ملايين طن في السنة. ( تمت زيادة المساحة المروية 240ألف هكتار باستصلاح الأراضي).
إذاً، بوجود أمطار جيدة حتى الآن أي في فترة زراعة القمح البعلي والمروي، وشبكات ري تزداد تباعا سواء في مسكنة غرب (80 ألف هكتار بعد إصلاح محطات ضخ المياه من نهر الفرات وبحيرة الأسد)، أم في دير الزور (القطاعات الثالث والخامس والسابع التي أعيد استصلاحها وتقدر مساحتها المروية بثلاثين ألف هكتار)، وفي سهول حلب الجنوبية (8000) هكتار مروي جديد من نهر حلب الصناعي (قناة مسكنة غرب التي تنهل مياه الري العذبة من بحيرة الأسد عبر محطة البابيري القادرة على ضخ 93متراً مكعبا من المياه في الثانية). بديهي أن هذه المعطيات قد جرى تفعيلها من خلال النجاح في إيصال أغلب احتياجات المنتجين من البذار المحسن والمغربل، وتأمين احتياجات موسم القمح من الأسمدة ولاحقا من المازوت لزوم آبار ضخ المياه.
كانت أسعار شراء القمح في العام الماضي جيدة، وفي كل عام تتم دراسة تكاليف الإنتاج ويجري في نهاية شهر آذار اعتماد أسعار جديدة في سياق مؤتمر الحبوب السنوي ونأمل أن تكون الأسعار في هذه السنة مجزية أيضاً وان توفر حافزا قويا للاستبسال في رعاية هذا المحصول وصونه فهو الأول في سورية، وتعيش على إنتاجه أغلب الأسر الفلاحية في الريف العربي السوري فهو يوفر لها الطحين والبرغل والفريكة، والدخل المادي الجيد، ( وعندما يكون الفلاح السوري بخير نكون جميعاً بخير). أضف إلى ذلك، أن إنتاج القمح الجيد، يرفد المطاحن والأفران بجزء مهم من احتياجاتها لتأمين رغيف الخبز للشعب، في بلد يعد فيه الرغيف أساسيا على المائدة.
تسوقت الدولة السورية في العام الماضي 525ألف طن من القمح، من إنتاج أكبر جرت العادة أن يحتفظ الفلاحون بنصفه إلى جانب، أن المحتل الأميركي يسرق حالياً عبر عملائه أغلب إنتاج الحسكة ودير الزور والرقة من القمح السوري، علما أن إنتاج هذه المحافظات أكثر من نصف إنتاج المحافظات السورية المحررة بالكامل.
وعلى الرغم من ذلك فإن الرهان في هذه السنة الجديدة، على وضع مائي أفضل سيضاعف الإنتاج والتسويق، ما يوفر على الخزينة السورية، مبالغ كبيرة من القطع الأجنبي في وقت شهدت فيه أسواق القمح العالمية ارتفاعات هائلة بسعر الطن بالدولار.
إن القيمة الفائقة للقمح في حياتنا السورية بشكل عام، تجعل من الإنتاج الجيد الوفير المتوقع، عاملاً مهماً ومؤثراً وفعالاً في جعل حياتنا أفضل، وتقليص صعابنا المعيشية. فاستبسلوا جميعا:وزارات، الزراعة والموارد المائية والتجارة الداخلية _على الأقل_ ومنتجين ومسوقين للوصول إلى قمح وفير.