شؤون محلية

الأخطر من الفساد!

| يونس خلف

يمكن أن تتسع دائرة الفساد وتتنوع أشكاله، ويمكن أن تمتد هذه الأشكال إلى أبعد مما نتصور وأكثر مما نتوقع ليصل الأمر إلى ولادة جيل يتعلم الفساد من الجيل الذي سبقه والسبب هو غياب المحاسبة.! أما أن يكون الفاسد أو المرتشي أو من ينتحل صفة النزاهة والوفاء والإخلاص فزاعة فساد بحد ذاته فذلك من أكبر وأخطر وأغرب أشكال الفساد..!

أمر غريب بالفعل، إن أشكال الفساد تمتد وتتنوع لتصل إلى مرحلة يلجأ فيها فاسد إلى التهديد بتقارير كاذبة وكيدية ويوهم الناس بأن لديه وثائق ومعلومات حول فلان، وسيجعله يدفع الثمن وطبعاً هذه الفزاعة تخرج إلى العلن عندما تتضرر مصالح الفاسد، ولذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تبقى هذه الفزاعة المدعمة بالمعلومات والوثائق في الخفاء وضمن مخزون وذاكرة الفاسد حتى تتضرر مصالحه الشخصية.

ولماذا أخفى الحقيقة عن العدالة والرقابة والجهات الوصائية طيلة الوقت السابق؟ أليس من المفروض أن يحاسب لأنه أخفى مثل هذه الوثائق والمعلومات قبل أن يحاسب على التزوير والتلفيق إن الفزاعة الوهمية التي تهدد وتتوعد في الخفاء مثلها مثل خفافيش الإنترنت الذين لا يخرجون إلا في الظلام، فإلى العلانية بدلاً من الفزاعة الوهمية وإلى المؤسسات الرقابية والوصائية بدلاً من خفافيش الشبكة العنكبوتية.

وهنا يبرز دور المؤسسات والجهات ذات العلاقة من خلال وضع الأهداف والخطوات التنفيذية التي تكفل محاصرة هذه الظاهرة وترسيخ مبدأ المساءلة والمحاسبة من دون أي مجاملة أو تمييز وإعطاء رسالة قوية أن محاربة الفساد والوقاية منه مسؤولية مشتركة لجميع الجهات والمواطنين، وأن المشاركة في مكافحة الفساد واجب وطني.

اليوم نحن في مرحلة نحتاج فيها لإيقاظ المؤسسات والجهات النائمة، ولا شك أن الأزمة خلال الفترة الطويلة جعلت بعض الجهات وبعض الإدارات عبئاً على الأزمة ذاتها بدلاً من مشاركتها في تجاوز تداعيات الأزمة من خلال المبادرة والحل وإيجاد البدائل للمعالجات المستعصية، فالظروف لم تعد تحتمل إعطاء المزيد من الفرص الضائعة وإنما بحاجة إلى من يبتكر طرقاً جديدة في التعامل مع آثار الأزمة، ونحن بذلك لا نتجاهل إطلاقاً الجهود الطيبة لبعض الإدارات والمؤسسات التي استطاعت أن تدير الخدمات الملحة للناس في ظروف صعبة، لكن المسألة الملحة اليوم هي الفرز الحقيقي بين من يعمل ومن لا يعمل.. بين النزيه والفاسد وقبل ذلك كله تعزيز ثقافة محاربة الفساد واعتبارها مسؤولية الجميع، لأن السكوت والتستر على الفساد أخطر من الفساد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن