الحلم العربي يكبر بانتظار صيحة أكثر قوة لأسود الأطلس … أبطال العالم مازالوا المرشحين الأفضل للدفاع عن لقبهم … حكيمي ورفاقه في مهمة فوق العادة بمواجهة إمبابي ورفاقه
| خالد عرنوس
ليلة أخرى نتمناها ألا تكون الأخيرة من ليالي العرب في المونديال بنسخته الثانية والعشرين الجارية في قطر عندما يخوض منتخب أسود الأطلس أهم مباراة في تاريخ كرة القدم العربية وذلك عندما يواجه منتخب الديوك الفرنسي بطل العالم والمرشح بقوة للاحتفاظ بالكأس لأربع سنوات قادمة، وقد كبرت أحلام الأشقاء لتصبح طموحاً وهدفاً مشروعاً بعد النتائج الرائعة للفريق الذي وحّد كلمة الأمة العربية فسارت وراءه من المحيط إلى الخليج، وهاهي الأصوات تعلو بأسماء دخلت تاريخ المونديال من الباب الواسع وهاهي تطالبهم بمواصلة المشوار نحو قمة الكرة العالمية، وعندما تدق الساعة تمام العاشرة مساء الليلة سيكون استاد «البيت» بما يرمز بشكله العربي محط اهتمام العالم وخاصة جماهير الكرة العربية متشوقين لزئير أقوى يطلقه أسود الأطلس ومنتظرين على أحر من الجمر صفارة الحكم البرازيلي رافاييل كلاوس الذي سبق له أن قاد مباراتي أميركا مع إيران والمغرب مع كندا.
مقدمات مثالية
لم يكن أحد يتخيل أن يكون هناك منتخب عربي بين الأربعة الكبار في الحدث الكروي الأهم على الرغم من توقعات الأسطورة الكاميرونية صامويل إيتو ببلوغ المنتخب المغربي لنهائي المونديال إلا أن الأمر لم يتعد تحدٍياً من رئيس الاتحاد الكاميروني للعالم بأن الكرة الإفريقية تستحق مكاناً أفضل، إلا أن ما قدمه أسود الأطلس حتى الآن يعتبر إبهاراً، فالمنتخب الشقيق الذي دخل البطولة في أحسن حالٍ كان مرشحاً للمنافسة على إحدى بطاقتي مجموعته السادسة مع إدراك صعوبة المهمة وخاصة مع وجود ثاني وثالث النسخة الماضية، ومع ذلك فقد تألق الأسود ولم يكتفوا بالتأهل بل انتزعوا الصدارة بعد التعادل مع الكرواتي سلباً والفوز على البلجيكي بهدفين نظيفين ثم الفوز على الفريق الثالث الكندي بهدفين لهدف.
وتوقعت الأغلبية من متابعين ومراقبين وحتى مناصرين أن يكون الدور الثاني حدود الأسود ولاسيما أن المنافس القادم هو اللاروخا الإسباني بكل خصاله الرائعة بالاستحواذ على الكرة وحرمان المنافس منها وكذلك بنجومه الكبار، إلا أن لاعبي المدرب الركراكي كانوا في الموعد وجرّوا الإسبان إلى ركلات الترجيح التي منحتهم بطاقة ربع النهائي للمرة الأولى بتاريخ العرب، ومجدداً حملت التوقعات انتهاء المغامرة المغربية أمام منافس يضم رونالدو أسطورة الهدافين في هذا الزمان وبعض زبانيته الرائعين في المنتخب البرتغالي الطامح للقب عالمي أول، ومرة أخرى أثبت ياسين بونو ورفاقه أنهم حفظوا الدرس جيداً فارتفعوا إلى مستوى الحدث وخرجوا فائزين بهدف دخلوا به التاريخ من الباب العريض.
ديوك منتفضة
بالطبع فإن التوقعات التي سبقت البطولة صبت في مصلحة المنتخب الفرنسي لأكثر من سبب رغم تراجعه قليلاً في الفترة الأخيرة وخاصة أنه خرج من دور الـ16 ليورو 2021 وكذلك خسارة لقب دوري الأمم على أبواب المونديال إلا أنه بطل العالم وقد قوي عوده منذ التتويج في روسيا 2018 من ناحية الأسماء والنجوم، ورغم الإصابات التي لحقت ببعض هؤلاء (بوغبا وكانتي وكيمبيمي وأبو بكر كامارا وأخيراً نكونكو وبنزيمة) إلا أن الديوك دخلوا البطولة مرشحين للقب وهاهو يبلغ مربع الكبار، وقد بدأ البطولة بشكل مثالي بالفوز على أستراليا 4/1 ثم ضمن بلوغ الدور الثاني بفوزه على الدانمارك 2/1 وجاءت الهزيمة الأولى بعد 9 مباريات أمام المنتخب التونسي لتعيد الحسابات رغم أنها لم تكن مؤثرة، وفي ثمن النهائي استعاد «الإيكيب» هيبته بفوز سهل على نظيره البولندي 3/1 وعرض أخاذ من إمبابي ورفاقه الذين واجهوا جيرانهم الإنكليز في ربع النهائي في أقوى محطاته ونجح بخطف الفوز بهدفين لهدف رغم أفضلية الأسود الثلاثة عمليا ًليصل نصف النهائي للمرة الثانية على التوالي وذلك للمرة الأولى منذ مونديالي 1982 و1986.
مناقير جارحة
ويتمتع الفريق الفرنسي بجاهزية عالية قبل القمة المنتظرة إضافة إلى معنويات مرتفعة اكتسبها جراء تخطيه حاجز ديربي المانش وكذلك أفضليته التاريخية ومكانته على أسود الأطلس وخاصة أن التشكيلة التي يقودها ديديه ديشان شبه متكاملة، حتى إنه لم يضم بديلاً للغائب كريم بنزيمة وكذلك استغنى نهائياً عن الظهير فاران بسبب اعتراضه على عدم المشاركة بعد المباراة الأولى ولم يعد لوكاس هيرنانديز متاحاً بعد إصابته، ويقود الفريق الحارس المتألق هوغو لوريس الذي ينتظره أرقام جديدة بعدما أصبح الحارس الثاني الذي يشارك بأربعة مونديالات وقد خاض حتى الآن 18 مباراة وقد أصبح أكثر لاعبي فرنسا ارتداءً للقميص الازرق.
وأمامه يقف الرباعي فاران وتيو هيرنانديز وكوندي وأوباميانكو ويمكن مشاركة كوناتي وديساسي الجاهزين، وفي خط الوسط هناك الموهبة شواميني صاحب الهدف الأول الرائع بمرمى الإنكليز ومعه أدريان رابيو وأمامهما الثلاثي كليان إمبابي وعثمان ديمبلي وأنتونيو غريزمان ويلعب أوليفيه جيرو رأساً للحربة ويمكن اعتبار مبابي شريكاً لجيرو في حال أراد تغيير الرسم إلى 4-4-2.
أسود هائجة
عقب الوصول إلى هذا الدور لم يعد الفريق المغربي يصنف بين الصغار أقله في هذه البطولة فقد قدم أداء كبيراً أمام أربعة منتخبات من الصف الأول وإن مالت طريقة لعبه إلى الدفاع في أحيان كثيرة، وعليه فإن اللاعبين المغاربة يدركون جيداً صعوبة تجاوز بطل العالم إلا أنهم قادرون على هذا الأمر ولو بنسبة ضئيلة وخاصة أن الرهبة زالت عنهم وقد واجهوا كلاعبين نجوم الديوك في مواقف كثيرة ومع أندية مختلفة.
وتكمن قوة الفريق المغربي بتماسك لاعبيه بداية من الحارس ياسين بونو وانتهاءً بزميله في إشبيلية يوسف النصيري ومروراً بالمدافعين أشرف حكيمي ويحيى عطية اللـه ورومان (غانم) سايس ونصير مزرواي وجواد الياميق ونايف أكرد، وفي الوسط هناك المتألق سفيان مرابط وسليم أملاح وعز الدين أوناحي، أما في الخط الأمامي فيعتمد على النصيري وإلى يساره سفيان بوفال وعلى يمينه حكيم زياش الذي وصفه مدربه باللاعب الذي يؤدي واجباته كما ينبغي بل قارنه بنجوم المنتخبات الكبيرة أمثال ميسي ورنالدو وإمبابي ونيمار من حيث الأهمية للفريق.
المعلم والتلميذ
لا يمكن المقارنة بين المدرب ديديه ديشان ونظيره وليد الركراكي فكفة الأول أثقل بكثير سواء بالحديث عنه كلاعب بطل للعالم وأوروبا وكل الألقاب مع الأندية أم كمدرب حيث قاد الديوك إلى لقب المونديال وهاهو يتطلع لمعادلة رقم بوزو الإيطالي الذي لم يجرؤ عليه مدرب آخر من قبل، على حين تتلخص حكاية الركراكي المولود (للمصادفة) في فرنسا برحلة دولية مع المنتخب المغربي بين 2001 و2009 وأفضل إنجازاته وصافة بطل إفريقيا 2004، ونجح مدرباً أكثر ففاز بالدوري المغربي مرتين مع المغرب الفاسي والوداد البيضاوي وأيضاً دوري نجوم قطر مع الدحيل، أما أفضل إنجازاته كمدرب فيتمثل بكأس دوري أبطال إفريقيا الموسم المنصرم قبل أن يتسلم تدريب الأسود كمدرب طوارئ إلا أنه حقق نجاحاً منقطع النظير فقد قاده خلال 8 مباريات فقط ولم يخسر فيها مسجلاً 4 انتصارات والأهم بلوغه نصف نهائي المونديال.
ديشان قاد «لو بلو» منذ عام 2012 وخاض معه 137 مباراة (88 فوزاً و37 تعادلاً و22 هزيمة) وقد استخدم في البطولة الحالية 25 من 26 لاعباً ضمن قائمته، على حين أشرك الركراكي 22 لاعباً حتى الآن، ولأنه هناك أمثلة مثيرة عن تفوق التلامذة على أساتذتهم فإن وليد البالغ من العمر 47 عاماً يأمل بأن يطبق هذا المثال عملياً، ومن تابع مباريات فريقه في البطولة يدرك أنه يستطيع فعل ذلك.
صراع الرفاق
مواجهات ثنائية عديدة بين اللاعبين داخل المواجهة الكبيرة بين الفريقين إلا أن أهمها سيكون بين لاعبي باريس سان جيرمان أشرف حكيمي ظهير أيمن الأسود وكليان إمبابي نجم الديوك الأول وللمصادفة أنهما سيتواجهان مباشرة على أرض الملعب بحكم مركزيهما، ومن الطبيعي فإن اللاعبين يحفظان بعضهما عن ظهر قلب بعد عام ونصف العام على لعبهما معاً لبطل الليغ آن، ويدرك المدرب المغربي أنه لن يطلب قيام لاعبه بأي دور هجومي كما عودنا في بعض المباريات ذلك أن مهمته الأولى إيقاف هداف المونديال لعله يكبح جماح الهجوم الفرنسي، ولا يمكن إغفال البقية بالطبع لكن مجرد الحد من خطورة إمبابي كفيل بالتأثير على المجريات وهو ما يحمل حكيمي عبئاً كبيراً، ويكبر أشرف منافسه وزميله بأربعة وخمسين يوماً فقد احتفل بميلاده الرابع والعشرين مطلع الشهر الماضي على حين سيحتفل إمبابي بميلاده في 22 من الشهر الحالي، وسبق للأول أن خاض 59 مباراة دولية سجل فيها 8 أهداف ومنها 8 مباريات في المونديال على حين بلغ رصيد إمبابي 64 مباراة سجل خلالها 33 هدفاً منها 12 مباراة في المونديال سجل خلالها 9 أهداف.
مواجهات سابقة
هي المواجهة الرسمية الأولى بين المنتخبين علماً أنهما تقابلا في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط ثلاث مرات ففاز الفرنسي 2/1 في دورة 1967 وانتهت بالتعادل 1/1 عام1975 وفاز الفرنسي يومها بركلات الترجيح وتكرر التعادل صفر/صفر عام 1987 في الدور الأول، وتقول مصادر مغربية إن الفريقين تقابلا ودياً عامي 1963 وفاز المغربي 2/1 وتعادلا 2/2 في عام 1966، إلا أن المتفق عليه تماماً بين كل المواقع والمصادر أن المنتخبين تواجها خمس مرات ودياً منذ عام 1988 ويومها فاز الديوك 2/1 في موناكو، وفي دورة الحسن الثاني الدولية عام 1998 تعادلا 2/2 وفاز الأسود بالترجيح، وفي عام 2000 فاز الفرنسيون 5/1 في النسخة الثالثة من الدورة ذاتها، وفي 1999 فازوا كذلك بهدف في نهائي دورة ودية، أما اللقاء الأخير فقد أقيم عام 2007 بباريس وانتهى بالتعادل 2/2.