شؤون محلية

الطب السوري مازال في المقدمة.. الجراح السوري حازم إسماعيل يعيد النطق والحركة لمريض عراقي … إسماعيل: حالة المريض ليست صعبة لكن من عاينه لم يصل إلى التشخيص الصحيح … مدير مشفى المجتهد: المرضى العرب يثقون بالمشافي السورية إضافة إلى رخص العلاج

| محمود الصالح

وجهت السفارة العراقية بدمشق رسالة شكر إلى وزير الصحة السوري حسن الغباش لما يقدمه قطاع الصحة السوري من خدمات للإخوة العراقيين المقيمين فوق الأراضي السورية.

وخصت الرسالة بالشكر الدكتور وجراح الأعصاب السوري حازم محمد إسماعيل لنجاحه في تشخيص وإجراء عملية أدت لإعادة النطق والحركة لقائد شرطة محافظة المثنى في العراق اللواء سامي مسعود الزيادي، وذلك بعد أن عجز الأطباء في كل من مصر ولبنان والعراق عن تشخيص حالته.

بدوره كشف المدير العام للهيئة العامة لمشفى دمشق «المجتهد» أحمد عباس عن مراجعة أعداد لا بأس بها من المرضى العرب وخاصة من دول الجوار للعلاج في المشافي العامة والخاصة السورية، ومنهم اللواء المفتش في وزارة الداخلية العراقية، بعد أن عجز الأطباء في العراق ومصر ولبنان عن تشخيص مرضه، ويئس أهله من الشفاء، وتمت معالجته على أيدي الأطباء في دمشق.

وبيّن عباس في تصريح خاص لــ«الوطن» أن هناك مراجعات يومية من مرضى من دول الجوار للعلاج لعدم وجود علاج لهم في دولهم وبسبب رخص العلاج في سورية قياسا إلى دولهم، ومن أهم الأعمال الطبية التي يراجع بها المرضى زراعة الكلية، وتبديل المفاصل، والجراحة العصبية، والجراحة التجميلية.

ودعا المدير العام إلى ضرورة تشجيع السياحة العلاجية، كما هو معمول به في كل دول العالم، التي تساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني في جميع جوانبه.

الدكتور حازم إسماعيل الطبيب المختص في الجراحة العصبية في مشفى المجتهد وفي لقاء لـ«الوطن» بين أنه من خلال ممارسته مهنة الطب وتخصصه في جراحة الأعصاب منذ 13 سنة فإن لديه مرضى من كل الدول العربية وقد ورده قبل شهر تقريباً اتصال من أحد مرضاه السابقين من العراق يطلب منه استشارة صحية لمريض عراقي بشكاية غير مفسرة علمياً حتى ذلك الوقت، ولدى تحدث ذوي المريض معه وشرح حالته وإرسال الصور والتحاليل وشرح ما قال لهم الأطباء في العراق ولبنان ومصر عن حالة المريض، طلبت منهم إحضاره إلى سورية، وعند وصوله كان في حالة صحية سيئة، حيث لا يستطيع المشي مطلقاً وفي حالة شناج تام وخدر كامل وعدم القدرة على النطق الصحيح وعدم وجود وظائف دقيقة وبعد نفي آفة دماغية بشكل مؤقت قررت أن السبب هو نخاع رقبي «دسك رقبي» وعند الفحص السريري وإجراء الصور الشعاعية للرقبة تبين فعلاً وجود «دسك رقبي» على عدة مستويات تضغط على النخاع الشوكي بشكل مركزي مع رجحان أيسر وهذا يفسر بدء الأعراض عند المريض من الطرفين السفلي والعلوي في الجهة اليسرى لكنه غير واضح بشكل جيد، لكن هذا يتماشى مع الحالة العامة والسريرية للمريض، وكان قد مضى على المريض ما يقارب أربعة أشهر منذ بداية المرض، ولكن رغم تأخر العلاج قررنا إجراء العمل الجراحي المجهري بالتخدير العام، وكانت نسبة توقعي لتحسن المريض 20 بالمئة في المشي وأخبرت أهله بذلك، واستمرت العملية أكثر من أربع ساعات.

وتابع قائلاً: بعد منتصف الليل اتصل بي مرافق المريض وهو يبكي ما أثار لدي الكثير من الخوف على المريض، لكنه تبين أنه يبكي من الفرح لأنه لم يصدق حالة التحسن السريع في حالة المريض الذي بدأ يتحدث بشكل مفهوم، علماً أن الديسك لا يؤثر على النطق ولكن فسر ذلك وحسب قول المريض على وجود شناج شديد أدى إلى عسر الكلام لدى المريض حسب أقواله. وفي اليوم الثاني بدأ يمشي بمساعدة ذويه، وأصبح قادراً على حمل كاس الماء والعمل على الجوال، وهذه تطورات صحية إيجابية لم يكن يتوقعها الأهل مطلقاً خصوصاً بهذه السرعة، وبعد الأسبوع الأول بدأ المريض بصعود الدرج بمساعدة ذويه، علماً أنه عندما جاء إلى سورية كان محمولاً من ذويه.

وعن جوهر هذه العملية بين إسماعيل أن العملية هي من العمليات العادية جداً التي يمكن أن يجريها أي طبيب جراحة عصبية، لكن السر كان في تشخيص الإصابة، حيث إن جميع الأطباء في العراق ولبنان ومصر وهم من كبار الأطباء في العالم وكبرى المؤسسات الصحية المرموقة لم يشخصوا حالته أنها «دسك رقبي» ولو استطاعوا تشخيصها بذلك لكان من السهل عليهم معالجته منذ البداية، لكن للأسف الجميع كانوا ذاهبين باتجاه إصابة دماغية غير مفسرة، وتوقعاتهم لم تكن مؤيدة بالصور ولا التحاليل، لدرجة أن البعض من الأطباء قالوا لذويه إن وضعه الصحي غير معروف وعليهم إعادته إلى بيته وانتظار مصيره.

وأوضح إسماعيل أنه وبعد ظهور آخر التحاليل التي أجريت للمريض بعد أسبوعين من إجراء العملية تم نفي وجود أي مرض في الدماغ، وهذا يتماشى مع التحسن المستمر لحالة المريض.

وعن حالة المريض اليوم بين أنه بحالة جيدة جداً حيث تحسن بنسبة 70 بالمئة بشكل عام، علماً أنني وعدت أهله بتحسن 20 بالمئة بعد العملية، وإن شاء الله سوف يستعيد صحته بشكل كامل مع استمرار العلاج الفيزيائي، وجميع الوظائف الدقيقة أصبحت ممتازة، حيث يكتب المريض يومياً خمس صفحات ويشرب الماء بمفرده ويستخدم الجوال ويكتب عليه بشكل جيد، وانتهت حالة التشنج العام والخدر بشكل كلي.

مرافق المريض عبد الله الشامي وخلال تصريح خاص لــ«الوطن» قال: اللواء سامي سعود الجفات قائد شرطة المثنى ومفتش في وزارة الداخلية العراقية تعرض لحالة بسيطة من شبه الشلل منذ بداية أيلول الماضي، وأخذت حالته تزداد سوءاً يوماً بعد آخر، وقد راجع عدداً من كبار أطباء الدماغ والجراحة العصبية وكذلك أفضل المشافي العامة والخاصة في العراق، وإن توصيفهم للمرض أنه جلطة دماغية متكررة، وبعد أن يئسنا من وجود علاج له في العراق أخذناه إلى بيروت وفي مشفى الجامعة الأميركية بقي ثمانية أيام هناك وزادت حالته سوءاً ولم يجدوا له علاجاً لدرجة أن كبير الأطباء هناك وضع يده على رأسه قائلاً: لا أعرف ماذا أقول عن حالته لأنها غير مفسرة طبياً، وتم نقله إلى المشفى الألماني السعودي في القاهرة وبقي فيه 18 يوماً لكن من دون أي فائدة، على العكس تماماً زادت حالته أيضاً سوءاً، وهناك قال لنا الأطباء إن هناك مرضاً فيروسياً أصاب عضلات المريض، ولا فائدة من العلاج.

وتابع قائلاً: عدنا به إلى العراق واليأس يصطحبنا، وبالمصادفة أعلمنا أحد الأصدقاء بوجود طبيب في سورية اسألوه عن وضع المريض، وفعلاً اتصلنا مع الدكتور حازم إسماعيل وشرحنا له حالة المريض وأرسلنا له الصور والتحاليل، وطلب منا إحضار المريض إلى دمشق. وعند وصولنا إلى دمشق وجدنا أنفسنا أمام طبيب أخلاقه تسبق سمعته وعلمه، وقال إنه يعتقد أن الإصابة هي «دسك رقبي» والتشخيص السابق غير صحيح لأنه يرى أن هناك تضيقاً في القناة الشوكية الرقبية ويجب إجراء عملية جراحية فوراً، وعند سؤال الطبيب عن التكاليف أكد لنا أن المال غير مهم الأولوية الآن لعلاج المريض، ومن ثم يتم لاحقاً الحديث عن التكاليف، علماً أننا بعد أكثر من أسبوعين لم ننفق سوى 20 بالمئة مما أنفقناه في لبنان ومصر، وتم إجراء العملية ونجحت بشكل لم نكن نصدقه لدرجة أن المريض بدأ بالتحسن بعد يوم واحد، والآن وضعه ممتاز ونستعد للعودة إلى العراق ونحن نحمل معنا كل مشاعر الامتنان لهذا الطبيب وجميع رفاقه الأطباء ولسورية هذا البلد العظيم بكل ما فيه من إنسانية وإمكانيات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن