لم يأت قرار الحكومة بتحديد ولايات عمل معاون الوزير والسادة المديرين العامين بـ7 سنوات للمعاونين و5 سنوات للمديرين العامين صادماً، بل كان وقعه عادياً جداً لكلّ الذين ينشدون الإصلاح منذ سنوات!
بعيداً عن إيجابيات القرار ومغزاه وما يصبو إليه، يطرح السؤال الآتي:هل آلية تعيين الأشخاص لشغل منصب مدير وغيره مثلاً صحيحة يا ترى؟!
كل ما يجري عبر آليات التعيين في معظم مؤسساتنا للأسف مازال وفق مبدأ «المحاباة والمعرفة الشخصية» لهذا الشخص دون ذاك، أي من لديه واسطة قوية هو من سيظفر بتلك المنزلة ويكسب و«يغب» الأموال، فالمحاباة و«التنفيعة» وأحياناً تفصيل بعض المناصب على مقاس بعض المقربين والأصهار غير الأكفياء وسائل وطرق تحظى بمباركة صامتة من أصحاب القرار!
لا أحد تعنيه الكفاءات ولا الخبرات، المهم أن يتسيّد صاحب الحظوة والمنزلة المدعم بكلّ قنوات المساندة على أعلى سدة في المؤسسة، ومن ثم تبدأ مناوراته وألاعيبه وسرقاته، من باب «نفّع واستنفع»، ومن يفكر بالوقوف بوجه هذا المدير أو ذاك المسؤول مصيره النفي أو النقل وربما أكثر من ذلك للعزل والتهميش!
لم تكن طرق تعيين السادة المديرين سليمة، والمخجل حقاً أن من بموقع إصدار القرار يتدخل بسلطته ووجاهته لحرمان أصحاب الكفاءة في المراكز، و«دفش» المؤخرة من أصحابهم وربما أولادهم لينالوا من الوجاهة المزيفة ومواقع المسؤولية ومنافعها الفضفاضة عليهم.
مخجل بحق مشاهدة فلان تقلد منصباً والكلّ يعلم كيف وصل له، والأكثر خجلاً أن البعض لا يزال يفكر أن الوطن غنيمة، فأملأ أكياسك ووظف ناسك وبكل ما أوتيت من قوة!
ما نقرؤه بين الحين والآخر عن تجاوزات بعض الإدارات ببعض المؤسسات ما هو إلا نتيجة إسناد مناصب لأشخاص غير أكفاء؛ ما نسمعه من سرقات بالملايين لا يدل إلا على مؤشر الفساد وبقائه يرتع أينما وجدت قنوات المال! فما نراه من ترهل وخسائر وشفط الملايين ما هو إلا حصاد ذلك الزرع الفاسد، وفوق ذلك يتشدقون ويقولون إننا نطبق الإجراءات بتطبيق تكافؤ الفرص لأصحاب الكفاءات!
يا للأسف ويا لخيباتنا ممن يتوعدون بمحاربة الفساد ويرون الخطايا تمرّ من بين أيديهم وعلى مسامعهم ويباركون لمن يسرق ويكذب.
هل نسحق أحلامنا وآمالنا بوقت بات الحلم صعب التحقق؟ ما يحصل تغول ومماهاة وإسفاف لا يوازيه إصلاح، أي بلد يبدأ بإصلاح النفوس وإبعاد أصحاب «الواو» كلياً عن أي مشهد كان عندها ممكن أن نحلم ونتأمل.