هل يمكن أن تعاني البلاد نقصاً بالمفكرين.. وبالوقت ذاته نقصاً بالأغنياء؟
عادة إما أن تكون البلاد فقيرة بالمفكرين وإما فقيرة بالأغنياء، لكن أن نكون فقراء بالاثنتين، ففي هذا مبعث تساؤل إن لم يكن دهشة! نقص الأغنياء واحتكار الغنى عند قلة قليلة سنناقشه ذات مرة قادمة وسأقصر الحديث هنا عن النقص بالمفكرين.
ربما يكون من المهم أن نبدأ الحديث إن كنا بحاجة فعلاً لمفكرين أم لا..؟
فهناك من يظن أن الوقت الآن ليس مناسباً لترف الأفكار والمفكرين والمنظرين،.. كثير من المنظرين يتحدثون بمثاليات وبأفكار من خارج الواقع، وهذا ما قدم صورة سلبية أدت لانحسار الكثير منهم… وهناك من يعتقد أنه لا يمكن أن يكون هناك تقدم في أي من مناحي الحياة إلا بصانعي الأفكار. هيجل يقول: إن مهمة الفكر تنحصر في تصور ما هو كائن؛ لأن ما هو كائن ليس إلا العقل نفسه.
المفكرون عادة ما يكونون في مناحٍ سياسية- اقتصادية- علم نفس واجتماع وغير ذلك من المجالات التي تقدم «رؤى» للمستقبل. المفكرون يقدمون تصوراً عن القادم مع وصفة للتحضير له في حين يقوم أهل الحكم والتكنوقراط بإعداد هذه الوصفة.
حتى الآن لا يمكن أن نقول إن لدينا مثل هذه الأنواع من المفكرين، ولعل السياسة أكثر المجالات التي يمكن أن تشكل باباً واسعاً لمثل هذا النوع من الفكر، وخاصة عندما يكون لكل حزب سياسي منظرّوه ومفكروه، لكن إن نظرتم حولكم حتى في الحزب الأكثر عراقة في سورية وهو حزب البعث لا نجد له منظّرين، فكيف يمكن أن نتحدث عن مفكرين؟، وأن الاجتهادات النادرة هنا وهناك لا تصنع فكراً مثلما لا يصنع عصفور واحد ربيعاً.
ينطبق هذا الكلام على الاقتصاد والاجتماع، وحتى معظم الكتب الصادرة في سورية إنما هي أدب وقصة وشعر وكثير من ترجمات عن اللغات الأخرى.
النموذج الغالب في المجتمع السوري هو مجتمع الموظفين، وطبعاً لا يوجد بلد إلا وتكون فيه الغلبة لأعداد الموظفين، لكن هذا النموذج ينفذ تعليمات ويستجيب لأوامر ويطبق قواعد، وهو في ذلك يقوم بعمله على أكمل وجه.
وثمة مشكلة حين يتحول القادة والمسؤولون إلى مجرد موظفين، وأظنه أحد الأمراض التي نعانيها.
صناعة المفكرين لا تتم بين ليلة وضحاها، وتحتاج إلى بيئة عامة تساعد على إطلاق الأفكار وتأمين مناخ يساعد على التفرغ والاطلاع والتخصص وغير ذلك من شروط لازمة للأجواء الفكرية وهذا ليس سؤالاً بقدر ما هو جواب إن كانت الجامعات السورية تمتلك هذه المقومات.
كلنا يدرك أن الفترات المضيئة على قلتها في العصر الحديث في الوطن العربي هي الفترات التي بدأنا نخلق مفكرينا، وهي المرحلة التي يتحدث عنها أهل التاريخ تحت عنوان حركة التنوير العربي وظهور أسماء لمفكرين وإصلاحيين، لكنها فترة لم تمتد طويلاً ولم نرَ أجيالاً تتوارث الفكر.
بالمختصر ربما لا نحتاج إلى كثير من المفكرين، لكننا لا نحتاج أبداً.. أبداً لمن يفكرون أنهم مفكرون!!!.
أقوال:
– يتحدث المفكرون الإيجابيون باستمرار عن الحلول، والمفكرون السلبيون يتحدثون باستمرار في المشاكل. اجعل عقلك يركز على الحل بدلاً من التركيز على المشكلة.
– كل الأشخاص في حياتي الذين أعتبرهم أصدقاء مقربين أو زملاء هم مفكرون جيدون.
– يمكن رؤية أشياء أخرى بشكل أوضح من خلال عين العقل لا عين القلب.
– سلامة العقل جنون تم توظيفها لغرض جيد.