ثقافة وفن

أحد خريجي الدفعة الأولى في المعهد العالي … رضوان جاموس.. آمن أن «أبو الفنون» حي ومتجدد فأنشأ فرقته للارتقاء بالمشهد المسرحي

| وائل العدس

نعت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة الممثل والمخرج المسرحي رضوان جاموس الذي غيبه الموت أمس الأول عن عمر 62 عاماً.

هو خريج الدفعة الأولى من المعهد العالي للفنون المسرحية الذي انتسب إليه عام 1977 وتخرج فيه عام 1982 إلى جانب أيمن زيدان ووفاء موصللي وأمانة والي وفايز قزق وجمال قبش والراحلين غسان سلمان وطلال نصر الدين وآخرين.

هو عبقري المسرح كتابة وإخراجاً، وهو الذي رأى المسرح من تفاصيل حركة المارة في الشارع، ومن رسائل الحب التي خطتها عاشقة على دفترها اليومي، فنجح في قراءة مفردات شارعه، حيه، بيته، موسيقاه، أغانيه، أهازيجه.

وقد آمن أن المسرح فن حي ومتجدد وأنه فن مركب تتفاعل فيه جميع الفنون البصرية ويجاور أيضاً بعض الفنون التي يمكن تسميتها الفنون الانفعالية اللحظوية مثل الشعر والقصة القصيرة بفرق أن فن المسرح يحتاج إلى زمن في مواصلة العمل قد تأخذ شهوراً للوصول إلى النتاج المطلوب.

البدايات

بدايته كانت من خلال «مسرح الشبيبة» و«المسرح المدرسي» عام 1974 حيث شارك في أنشطة فنية متنوعة كحفلات السمر والسكتشات ومشاهد مسرحية متعددة، إلا أن المشاركة الفعلية كأول عمل مسرحي متكامل كانت في مشاركته بمسرحية «الكنز» تأليف الكاتب أحمد يوسف داوود وإخراج علي جاموس الذي يعتبر أول من نقل تجربة المسرح الطرطوسي إلى دمشق، وبعدها مسرحية «كفر قاسم» ومسرحية «السجين 95» ومسرحية «الوهم» ومسرحية «الطاعون يعسكر في المدينة» ومسرحية «حفلة على الخازوق» ومسرحية «رحلة حنظله من الغفلة إلى اليقظة».

وبعدها كلف بتشكيل فرقة مسرحية للاتحاد النسائي بطرطوس وتم إنتاج أول عمل مسرحي لها بعنوان «زواج بالإكراه» من تأليفه وإخراجه، وتم تكليفه أيضاً بتشكيل فرقه للمسرح العمالي بطرطوس عام 1976 وتم إنتاج باكورة أعمالها بمسرحية «الأرنب الذئبي» تأليف أيمن أبو شعر وإخراجه، وحينها تقدم لمسابقة القبول في المعهد العالي للفنون المسرحية، ونجح في المسابقة والتحق به، وهذا كله بتشجيع من الأهل وخاصة والده المتفهم لحبه وهوايته المسرحية، فكثيراً ما كان يقيم البروفات على سطح منزله.

عمل بعد التخرج في المسرح القومي وفي المسرح العسكري أثناء خدمته للعلم، فكانت الأعمال هي «كوميديا السلام» و«الخدامة» و«قصة موت معلن» و«المرحوم» و«لا غنى عنه» و«سفرة بلا سفر»، إضافة لبعض ورشات العمل المسرحية المتنوعة.

إلى طرطوس

عاد عام1987 إلى طرطوس حيث أنشأ بالتعاون مع المخرج والملحن علي جاموس فرقة «بيادر» المسرحية التابعة لشبيبة طرطوس، وتم إطلاق عمل الفرقة بعد ورشة العمل الأولى حيث تضمنت تدريباتها إعداد الممثل والإلقاء والصوت والخيال في عمل الممثل والارتجال والتدريب الصوتي والفيزيولوجي.

وفي تلك الأثناء تم اختيار نص «مغامرة رأس المملوك جابر» ليكون باكورة أعمال الفرقة وهي من تأليف الكاتب الكبير سعد اللـه ونوس، وفيما بعد تتالت أعمال الفرقة وقدم مسرحية «المغامرة» ضمن فعاليات المهرجان المسرحي القطري في طرطوس، وتابعت عروضها على مسرح صالة المركز الثقافي لمدة شهر وبشكل يومي وانتقلت إلى بانياس حيث عرضت المسرحية لمدة ثلاثة أيام.

ثم قدم مسرحية «ابن الغابة» للأطفال في مناطق وأرياف طرطوس وفي الهواء الطلق، ثم تم تبني العمل من مديرية المسارح والموسيقا في دمشق لتعرض على مسرح المركز الثقافي ومن ثم لتصور بعربة النقل الخارجي لمصلحة التلفزيون العربي السوري، وتتالت العروض المسرحية كمسرحية «السيد بونتيلا وتابعه ماتي» ومسرحية «غرفه على سطح» ومسرحية «دولار في قميص» ومسرحية «للا للا اليوم جمعة» ومسرحية «سنديان الجيل» ومسرحية «الثعلب والعنب» ومسرحية «زهوان الكسول» و«مغامرات شيبوب» وغيرها الكثير.

كان الهدف من إنشاء فرقة «بيادر» الارتقاء بالمشهد المسرحي من خلال ورشات عمل يتم فيها التدريب والتدرب بشكل علمي ومنهجي من أجل تطوير ورفع مستوى الأداء بالنسبة للممثل، وذلك عبر التمرين والمساحات الصوتية وسلامة النطق والإيقاع وتطوير المخيلة والخيال وفن الارتجال والتمثيل الإيمائي، وهذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان هناك هدف آخر يتمثل في البحث عن صيغ فنية وإبداعية للعرض المسرحي يتجاوز العرض التقليدي، سواء من حيث الشكل أو المضمون، وذلك من خلال نسج ما نسميه نص العرض والذي لا يتحقق إلا من خلال ورشة العمل، فكانت المشاريع المسرحية للفرقة منذ عام 1987 حتى عام 2002 منسجمة ومعبرة عن المشروع المسرحي للفرقة.

في السينما والتلفزيون

قدم في الدراما أعمالاً قليلة قبل أن يتجه كلياً إلى عشقه الأزلي «المسرح»، ومن مسلسلاته «المنعطف، الاحتفال، حوش المصاطب، الخطوات الصعبة، الفراري، شجيرات البحيرة، نهارات الدفلي، خط النهاية، أمواج، زمان الوصل، جذور وجسور، صلاح الدين الأيوبي، سيف بن ذي يزن، على موج البحر، الشتات، لعنة الطين».

أما في السينما فشارك في أفلام متعددة مثل «نجوم النهار، الليل، القناع».

زملاء الدراسة

أيمن زيدان: «كان صديق دراسة في المعهد العالي، تخرجنا معاً وقدم دور بونتيلا في مشروع التخرج عام 1981.. اتخذ قراراً حاسماً في أن يكمل مشواره الاحترافي في مدينته طرطوس حاملاً هواجس حلمه المسرحي بين أروقة المدينة الهادئة وبعيداً عن العاصمة.. كان خياراً جريئاً لكنه وفياً لما حلم به.. عمل طويلاً بصمت وفجعت أنه ترجّل عن صهوة الحياة.. لازالت الدنيا تمارس عسفها في اختطاف الطيبين لكنها سنة الحياة».

أمانة والي: «لم نره كثيراً ولم يأت إلى دمشق، كان مخلصاً للمدينة التي أنجبته، لم نعرف إلا أنه كان يعمل بمسرح طرطوس، روح طيبة نقية، أسكنه اللـه فسيح جنانه وألهم أهله الصبر والسلوان، ثالث طالب في الدفعة الأولى من المعهد يرتقي لربه بعد أن خذلته الأحلام».

وفاء موصللي: «في ذمة اللـه الفنان رضوان جاموس زميل الدراسة، طيب القلب، نقي الروح، لروحه الرحمة والسكينة والسلام».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن