اقتصاد

دعوة لمكاشفة حقيقية

| فراس القاضي

نعم هناك حصار، حصار خانق ومتعدد، وقلة قليلة جداً من الدول في كل الكوكب تتجرأ على التعامل مع سورية في الشق الاقتصادي.

نعم حقول النفط والغاز الكبرى محتلة، واحتلالها أضر بنا كثيراً وحرمنا خيراتنا التي ندفع ثمن حرماننا منها كل يوم في كل مجالات حياتنا بدءاً من اللقمة، مروراً بالكهرباء والدفء، وانتهاء بالمواصلات.

نعم هناك صعوبة شديدة في الاستيراد، ما دفع الدولة إلى الاعتماد على أشخاص ليقوموا بهذه المهمة وعليها وعلينا تحمّل جشع بعضهم.

نعم، هناك صعوبة شديدة في تأمين القطع الأجنبي لتمويل المستوردات عن طريق الأشخاص المذكورين آنفاً، وهناك مشكلات كبيرة في طريقة التمويل، واعتراضات وكثير من المصاعب.

نعم هناك هدر موارد وطاقات كبير، وفساد أكبر، ومحاولات عرقلة لكل ما يمكنه أن يحسن أوضاع البلاد من قبل المستفيدين من نكستها.

هل نسينا شيئاً لم نذكره؟

كل ما سبق يعرفه كل الناس، وصار من النقاشات التي تعتبر منخفضة الخطورة بالنسبة للناس، ومن الممكن أن تسمعه في (سرفيس) بين 14 راكباً.. فلماذا لا تخاطبوننا وتصارحوننا حين تضيق الأمور كثيراً ولا نجد تفسيرات لما يحصل؟ لماذا تتركون الناس تضرب أخماساً بأسداس، وقد تصل إلى تخمينات أسوأ بكثير مما يحدث حقيقة؟

أهي قلة ثقة بوعيهم؟

أولاً، مَن عليه ومَن يحق له ألا يثق بالآخر أمام كل ما نعانيه من تخبط قرارات وارتجال وحلول ترقيعية؟ أعتقد الجواب واضحاً.

ثانياً، ألم نثبت بعد أحد عشر عاماً من الدم والخوف والضيق والفقر والبرد والحر والجوع والظلام والقلة والاستغلال والتمسك بالأرض والبلاد والعلم والجيش بأننا على مستوى من الوعي يسمح لنا بمعرفة كل ما يحصل؟

لماذا أصبحت حتى الأخبار العادية ممنوعة علينا؟

إن كان السبب هو عدم إعطاء أمل مبالغ به للناس، فهناك حل بسيط جداً، اشرحوا للناس هذه الفكرة وما تخشون أن يخطئوا به.

معلومات كثيرة يترك الناس لاستقائها من المصادر التي لا تحبذ الدولة نفسها أن تُستقى منها أي معلومات ويصفونها بالمضللة والمدارة من الخارج.

من يدفع الناس إلى هذه المواقع والصفحات؟ وليس ذلك فقط، بل من يدفع الناس للتعامل معها أحياناً والنشر عنها والثقة بها أكثر من وسائل الإعلام الرسمية؟

هل جربتم مرة مكاشفة الناس بأمر تظنون أنه سيؤدي إلى بلبلة أو هلع وبالفعل كانت النتيجة كما توقعتم؟ وإن لم يكن كذلك، فعلى أي أساس بنيت هذه النظرة واتخذ على أساسها هذه التصرفات؟

ملاحظة: الثقة بين الناس والحكومة لم تصل إلى مثل هذا المكان من قبل، ومن يدرك حساسية هذا الأمر، يعلم أنه خطير جداً، ويصعّب الحلول المستقبلية، والناس لا تطلب الكثير، بل هو أبسط حقوقها: يريدون أن يعرفوا ما الذي يحدث حولهم في بلدهم.

ملاحظة أهم: هؤلاء الذين وصفتهم طوال المقال بالناس.. هم السوريون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن