سورية

معظم سكان العالم يعلقون آمالاً على روسيا والصين والغرب خسر الحرب اقتصادياً وعسكرياً … سفير فرنسي سابق: سورية أوقفت خطة «المحافظين الجدد» في «الثورات العربية»

| الوطن

أكد السفير الفرنسي السابق ميشيل رامبو، أن سورية أوق–فت خطة المحافظين الجدد في «الثورات العربية»، لافتاً إلى أن خمسة وثمانين بالمئة من سكان العالم الموزعين في القارات الثلاث، آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، يعلقون آمالاً في المشروع الذي تقوده روسيا والصين والقوى الأوراسية التي تقترح عالماً متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول والإستراتيجيات الوطنية.

وقال رامبو في مقال بعنوان «التحديات الدبلوماسية عام 2023» نشره أخيراً: «إن سورية أوقفت خطة المحافظين الجدد في «الثورات العربية»، لكنها تدفع ثمناً غالياً لـ«انتصارها غير المتوقع» على حساب حرب هجينة «منسية» لا تنتهي ضد شعبها».

وأوضح رامبو، أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الحرب في سورية والحرب في أوكرانيا، ونقل عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله: «سورية هي مفتاح المستقبل» مضيفاً بلهجة تنبؤية: «إن تسوية النزاع السوري سيُلهم تسوية بقية النزاعات»، قائلاً: «إنها قناعة مشتركة مع الرئيس بشار الأسد الذي قال أمام البرلمان في دمشق بتاريخ 12 آب 2020: الحرب في سورية ليست حالة منعزلة، بل جزءاً من الصراع العالمي الذي يشنه الغرب من أجل الحفاظ على سيطرته على العالم بعد تزعزعه مع صعود القوى الدولية التي ترفض عالماً أحادي القطب».

وتابع: «يدوي قرع الأسلحة مرة أخرى في هذا العالم الواسع ولاسيما ذلك الممتد من أبواب القارة الأوروبية العجوز حتى تخوم الصين، لكن في هذه الفترة التي نتساءل فيها عما يخبئه لنا العام الجديد في جعبته، تتفق النخب الغربية والأوروبية خاصة حول هاجس واحد هو هزيمة بوتين وسحق روسيا، وذلك يستوجب تسليح أوكرانيا التي لم يكن يعرف الكثيرون مكانها على الخريطة قبل عام واحد، بموجب التعبير المتداول حول أوكرانيا الأسطورية المختزلة بشخصية رئيسها فولودمير زيلينسكي ونظامه الفاسد واتصالاته النازية، وأصبحت مرجعاً عالمياً للذين يدعون للدفاع عن القضايا الحميدة».

وأشار رامبو إلى أن «العملية الخاصة» التي بدأتها روسيا في شهر شباط 2022 لم تتسبب في خلق الأزمة الأوكرانية التي بدأت منذ عام 2014 بسبب الهيمنة الأميركية، ولم تتسبب هذه العملية إلا بتغيير المجرى وتسريع إعادة تشكيل العالم الذي أعلن الفيتو الروسي-الصيني ولادته في شهر تشرين الأول 2011 ضد أي تدخل عسكري للحلف الأطلسي في سورية.

وقال: «أخذ الاحتجاج ضد النظام الأميركي حجماً غير منتظر خلال عشر سنوات، وأغرق الأمم المتحدة في انقسام لا شفاء منه ومن الصعب حله عبر الدبلوماسية».

وأضاف «بالنسبة للمعسكر الأطلسي بقيادة واشنطن، المهووس بإسرائيل والمُجسد بالحلف الأطلسي، أي ما يعادل 15 بالمئة من سكان العالم إضافة إلى بعض الدول الشرقية مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، فهو يسعى إلى الحفاظ على امتيازات الهيمنة التي تأكدت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وما زال يحافظ على قدرته على إلحاق الضرر والتي يستخدمها دائماً، على الرغم من أنه يخسر امتيازاته ومواقعه وهيمنته بشكل أسرع من المتوقع، ويفضل هذا الغرب «القواعد» التي يصنعها للقانون الدولي الذي يتجاهله هو نفسه بشكل ممنهج، ولم يعد ممكناً إحصاء الأضرار منذ هيروشيما، بالإضافة إلى الفوضى الناجمة عن العقوبات المجرمة في كل مكان ضد الدول «المتمردة» منذ ثلاثة عقود».

وأكد رامبو أن بقية العالم، الذي يعيش فيه خمسة وثمانون بالمئة من سكان العالم الموزعين في القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، يضع آماله في المشروع الذي تقوده روسيا والصين والقوى الأوراسية التي تقترح عالماً متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول والإستراتيجيات الوطنية، ويؤكد هذا المعسكر «الأوراسي» على احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وأضاف: «إن موسكو طبعت صورتها المرجعية على هذا المشروع وتدعمه ضد الهجمات الأطلسية، وتطور شراكة إستراتيجية مع بكين، وتشكلان ثنائياً مغرياً للشعوب الراغبة بالتحرر والغاضبة من الوصاية الغربية المتعالية»، موضحاً أن «الدول الغربية لا تتسامح مع فكرة أن موسكو تدافع عن قضية عادلة وتحمل آمال أغلبية سكان الكرة الأرضية»، وقال: «إن روسيا معزولة إذا نظرنا إلى القارة اعتباراً من لندن في طقس ضبابي»!

وشدد رامبو على أنه «يوجد «مجتمعان دوليان» لا يتقاسمان المرجعيات والقيم نفسها، والهامش المتروك للمفاوضات غير موجود تقريباً، وتقع المسؤولية على الولايات المتحدة التي تجاهلت جميع بوادر الانفتاح الروسية المتكررة»، وتابع: «كيف يمكن استئناف الحوار؟ ستفرض موازين القوى نفسها على الأرض».

كما شدد على أن الحوادث والاستفزازات الأميركية في بحر الصين وحول تايوان ليست إلا الوجه المرئي من منافسة لا ترحم من أجل الهيمنة العالمية، قائلاً: أخذت الصين دور الشيطان بدلاً عن روسيا، ولاسيما بعد «عودة فيروس كورونا المستجد»، موضحاً أن الدول الأوروبية وتنفيذاً لأوامر واشنطن، تجد نفسها عاجزة عن اللجوء إلى الصين كشريك اقتصادي بديل.

وقال: «خسر الغرب الحرب اقتصادياً وبلا شك عسكرياً، وسيكون من مصلحة الاتحاد الأوروبي التفكير بالوسائل اللازمة لتجنب الغرق الشامل، ومن الممكن أن يضيع الاتحاد الأوروبي في المستنقع الأوكراني نظراً لمراهنته الكبيرة على دعم زيلينسكي مهما طال الزمن، الأمر الذي يقوده إلى «الابتعاد عن جوهر المسألة».

وتابع: «يعتبر الاتحاد الأوروبي نفسه عملاقاً قوياً، لكنه خسر جميع اتصالاته مع روسيا، وسيفعل الشيء نفسه مع الصين للأسباب نفسها، فوداعاً للأحلام الأوروبية إذا لم يجد الاتحاد الأوروبي طريق الدبلوماسية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن