ثقافة وفن

محمد عبد الوهاب.. إمبراطور النغم وموسيقار الأجيال … عثمان الحناوي لـ«الوطن»: أقدم جزءاً من الشيء الذي أحبه عن هؤلاء العمالقة

| سارة سلامة

يحرص الموسيقي عثمان الحناوي على تكريس أمسياته في تناول قصص عمالقة الطرب والفن الذين تركوا أثرهم عند كل عاشق للفن ومتذوق له، فكان لقاؤه مع الجمهور الواسع أول أمس في المنتدى الاجتماعي في منطقة الطلياني في دمشق عن تسجيلات نادرة ومسيرة حافلة لإمبراطور النغم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، رواها وشهد بعضها الحناوي وحاوره المؤلف الموسيقي إيهاب المرادني.

غص المكان بالحضور الذي جاء من كل صوب متلهفاً لسماع خفايا شخصية عبد الوهاب وتفصيلات حياته ومسيرته وفنه وخصوصياته مع من عاصره لفترات..

فسحة جميلة

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بيّن عثمان الحناوي أن «الناس جاءت إلى الأمسية لتسمع عبد الوهاب وطربه، حيث قدمت على مدار ساعتين ونصف الساعة مادة جميلة جداً، واعتبرها فسحة جميلة مع العباقرة تناولنا فيها مسيرته وحياته وأسرته وفنه وخصوصياته مثل أنه كان محباً للهدوء كثيراً وكان يخاف جداً».

وأضاف الحناوي: «أنا سعيد جداً لأنني أقدم كل شهر مسيرة حياة رمز من رموز الفن العربي وأتحضر الشهر القادم لأقدم مسيرة فريد الأطرش، والحقيقة أنني أقدم جزءاً من الشيء الذي أحبه عن هؤلاء العمالقة الذين أثر الفن في حياتهم المهنية والشخصية وبألحانهم العظيمة التي تركوها بصمة للأجيال، ولا شك أن هناك أموراً عديدة لم نتطرق لها وذلك لأن عبد الوهاب يحتاج إلى أيام وليال وحلقات، حاولنا أن نضغط قدر الإمكان ألحانه وغناءه وموسيقاه وأفلامه ولقينا استحساناً من الجمهور ووجدت نفسي كأنني رجعت إلى زمن الطرب الأصيل والفن الجميل».

بداية الشغف

أُلحق محمد عبد الوهاب بكتّاب جامع سيدي الشعراني بناءً على رغبة والده الذي أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك في وظيفته، حفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالطرب والغناء، حيث شغف بالاستماع إلى شيوخ الغناء في ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي، وكان يذهب إلى أماكن الموالد والأفراح التي يغني فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع لغنائهم وحفظه، ولم ترض الأسرة عن هذه الأفعال فكانت تعاقبه على ذلك، وبعدها قابل محمد عبد الوهاب الأستاذ فوزي الجزايرلي صاحب فرقة مسرحية بالحسين والذي وافق على عمله كمطرب يغني بين فصول المسرحيات التي تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة، وغنى محمد عبد الوهاب أغاني الشيخ سلامة حجازي متخفياً تحت اسم «محمد البغدادي» حتى لا تعثر عليه أسرته، إلا أن أسرته نجحت في العثور عليه وازدادت إصراراً على عودته لدراسته، فما كان منه إلا أن هرب مع فرقة سيرك إلى دمنهور حتى يستطيع الغناء، وطُرد من فرقة السيرك بعد ذلك ببضعة أيام لرفضه القيام بأي عمل سوى الغناء، فعاد إلى أسرته بعد توسط الأصدقاء له، ووافقت أسرته أخيراً على غنائه مع إحدى الفرق وهي فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدي (المحامي) على مسرح برنتانيا مقابل 3 جنيهات في الشهر، وكان يغني الأغاني نفسها للشيخ سلامة حجازي، وحدث أن حضر أحمد شوقي أحد عروض الفرقة، وبمجرد سماعه لعبد الوهاب قام متوجهاً إلى حكمدار القاهرة الإنجليزى آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أخذ تعهداً على الفرقة بعدم عمل عبد الوهاب معهم.

لم يفارق سيد درويش

التحق عبد الوهاب بعد ذلك بنادي الموسيقا الشرقي والمعروف بمعهد الموسيقا العربية حالياً، حيث تعلم العزف على العود على يد محمد القصبجي، وتعلم فن الموشحات، وعمل في الوقت نفسه كمدرس للأناشيد بمدرسة الخازندار، ثم ترك كل ذلك للعمل بفرقة علي الكسار كمُنشد في الكورال وبعدها فرقة الريحاني عام 1921، وقام معها بجولة في بلاد الشام وسرعان ما تركها ليكمل دراسة الموسيقا ويشارك في الحفلات الغنائية، وأثناء ذلك قابل سيد درويش الذي أُعجب بصوته وعرض عليه العمل مقابل 15 جنيهاً في الشهر في فرقته الغنائية، وعمل في روايتي البروكة وشهرزاد، وبالرغم من إخفاق فرقة سيد درويش إلا أن عبد الوهاب لم يفارق سيد درويش بل ظل ملازماً له يستمع لغنائه ويردد ألحانه حتى وفاة سيد درويش.

كما قدم عبد الوهاب أغاني جميلة بصوته، لكن كان أغلب ألحانه لغيره ألحاناً جميلة، ومن أشهر وأجمل ما لحن لغيره على سبيل المثال لا الحصر: «ذكريات»، «يا حبايب بالسلامة»، «المركبة عدت»، «طاير على جناح الحمام»، هذا عدا عن الأناشيد التي اشترك عبد الحليم في غنائها مع مجموعة الفنانين مثل «الوطن الأكبر».

لحن لليلى مراد، فايزة أحمد، نجاة الصّغيرة، وردة، صباح، أسمهان، شادية، فيروز، وديع الصافي، طلال مداح، عبد الحليم حافظ.

ومحمد عبد الوهاب ولد في 13 آذار 1898م، في حي باب الشعرية في القاهرة بعد انتقال أسرته من قريتها بمحافظة الشرقية، وكان أبوه هو الشيخ محمد أبو عيسى المؤذن والقارئ في جامع سيدي الشعراني بباب الشعرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن