القمر هو الجار القريب من كوكب الأرض، ويقولون: الجار القريب ولا القريب البعيد، كما يقولون الجار للجار، لذا نفهم فيروز عندما تغني: نحن والقمر جيران، لكننا نحتج جداً على وليد توفيق الذي يريد تقسيم القمر له نصف ولحبيبته النصف ويلغي حق كل البشرية في القمر!.
للبشر قصص وحكايات مع القمر، منها الحلو ومنها المر، ونرى بعض هذا المر من خلال قصيدة «خبز وحشيش وقمر» التي تسببت بهجوم شرس على الشاعر في المجلس النيابي عام 1955، ولم يكتف بعض النواب بالهجوم على الشاعر بل طال الهجوم وزارة الخارجية السورية لأن نزار قباني كان حينها موظفاً في السفارة السورية في لندن.
القصة معروفة ولن أستعيد حادثة جرت عمرها قبل نحو سبعة عقود، لكنني سأمر على الغناء العربي وحكايته مع القمر، فأظن أن كل المطربات والمطربين العرب غنّوا للقمر.
الموسيقار محمد عبد الوهاب غنّى للقمر أغنية «كلنا نحب القمر والقمر بيحب مين»، ولحن لغيره من المطربين فغنى عبد الحليم حافظ «عشانك يا قمر Bطلعلك القمر»، لكن جورج وسوف جعل القمر ينزل على الأرض عندما غنى قائلاً «قلنا إحنا اللي القمر يا قمرما عِرفش يذلنا
الناس طلعوا القمر وقمرنا نزلنا».
أما فايزة أحمد فتقول: إن القمر على باب بيتهم وتستأذن أمها بأن تفتح له الباب، في حين يسأل الموسيقار محمد فوزي في واحدة من أجمل أغانيه قائلاً: مال القمر مله ما جيناش على باله، فهو -أي محمد فوزي – عاتب على القمر.
المقصود بالقمر في الأغاني الحبيبة أو الحبيب، فليس من المعقول أن يعشق الناس القمر ويتخذه محبوبته، لكن من الناس من يعشق السهر على ضوء القمر.
المهم أن بني البشر في بلادنا العربية يشبهون معشوقتهم أو حبيبهم بالقمر، كأن يقول الشاب للصبية مثلاً: أنت أحلى من القمر، أو أنت قمري، وما يشبه ذلك من كلمات الغزل والزجل، وهو ما يجعل الفتاة تشعر بالسعادة والفرح الغامر، لكن هل فكرتم يوماً أن مغازلة فتاة أحلامكم بطريقة مختلفة قليلاً، واستبدال القمر بكوكب غيره، بل بكوكب أجمل وأكبر منه كالمريخ وعطارد وزحل الذي هو أجمل كواكب مجموعتنا الشمسية؟
تعالوا نجرب ذلك ونقول للفتاة: وجهك أحلى من زحل، وأنت أروع من المشتري، و«قولي لنبتون يرحل واجلسي مطرحه»!. طبعاً عليك أن تكون مستعداً لنوبة من الشتائم إن لم تتعرض لصفعة «من كعب الديست» على وجهك!
نعرف اليوم أن القمر مجرد كوكب تستحيل الحياة عليه، وهو جبال وصخور ورمال، وعرفنا الكثير عن القمر بعد أن غزاه الإنسان وهبطت عليه المركبة الفضائية أبولو 11 في عام 1969وكان رائد الفضاء نيل أرمسترونج أول إنسان يهبط على القمر.
وإذا كان نزار قباني هو أو شاعر كاد أن يفقد وظيفته بسبب قصيدته التي أشرنا إليها في مطلع هذه الزاوية، لكنه لم يخرج عن سرب الشعراء والمطربين الذين تغنوا بالقمر وذلك عندما قال:(لا تحزني إن هبط الرواد في أرض القمر.. فسوف تبقين بعيني دائما.. أحلى قمر).
اليوم أصبح الوصول إلى القمر سهلاً، بل أسهل من الحصول على المحروقات والخبز والسكر والرز.. والمتة.
كونوا بخير ونحن والقمر جيران.