ثلاث نقاط يمكن الإشارة إليها حول آلية العمل في مجلس محافظة الحسكة أولها يتعلق بمنهجية العمل في المجلس لجهة طرح القضايا والمشكلات وحلولها، والثانية حول علاقة التعاون والتنسيق والحرص المشترك على تكامل الأدوار بين المجلس والمحافظ لتحقيق الهدف الأساسي وهو خدمة المواطن. أما النقطة الثالثة فهي تأكيد طرح المشكلة والحل في وقت واحد الأمر الذي يجسد الشراكة في تحمل المسؤولية وعكس روح المبادرة وفريق العمل الواحد.
وقائع اجتماعات مجلس المحافظة تطرح من جديد مسألة في غاية الأهمية وهي أن التنظيم أساس النجاح وأن نجاح أي عمل يعتمد على الكفاءة في التخطيط ودراسة المشاريع قبل إدراجها من كل النواحي الفنية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتنسيق بين مختلف القطاعات. وبذلك تكون النتائج منسجمة ومتوافقة مع المقدمات لكن الإشكالية تبقى في الكوادر التي تخطط ومدى توافر الكفاءات في مواقعها المناسبة وقبل ذلك تهيئة هذه الكوادر وتأهيلها وفقاً لمتطلبات خدمة المواطن وهنا نلاحظ أنه بالنظر إلى واقع الكفاءات في مؤسساتنا الخدمية والإنتاجية نجد نقصاً كبيراً في هذه الكفاءات، وهناك البعض من الدوائر والمؤسسات تفتقر إلى المتخصصين في مجال عملها الأمر الذي يتطلب المزيد من الاهتمام بتنمية الكوادر البشرية وتأهيل الكوادر القادرة على قيادة عملية التنمية، ولاسيما ما يتصل بتأسيس المشاريع وخلق فرص العمل وتقديم الخدمات وخاصة في المناطق النائية والبعيدة عن مراكز المدن وتوسيع المشاركة في تنمية المجتمع المحلي الذي يقوم بتحديد احتياجاته وإدارة موارده، والأمر الآخر يتعلق بالمواطن المعني بالرقابة على أداء مؤسسات الإدارة المحلية وتصويب أي خلل يصيب عملها وهذا يعني توسيع شراكة المواطن مع مؤسسات الدولة في صنع القرار الذي من شأنه أن ينمي لديه المعرفة بمشكلات المؤسسات ويعطيه القدرة على اقتراح الحلول العملية.
وفي هذا السياق يمكن القول ومن خلال حضورنا للاجتماع الأخير لمجلس محافظة الحسكة إن منهجية العمل المعتمدة تسير في الاتجاه الصحيح من خلال طرح المشكلة والحل واتخاذ القرار المناسب خلال الاجتماع وعدم ترحيل أي قضية لاجتماع آخر أو وقت لاحق، وأيضاً من خلال التوافق بين أعضاء المجلس والمحافظ وأصحاب الشأن في الدوائر والمؤسسات على توصيف القضايا وتشخيص المشكلات المطروحة بعيداً عن التعميم لأن ذلك يوفر إمكانية الحل ويجعل دور أعضاء المجلس أكثر تأثيراً وفاعلية في أدوارهم ومهامهم. إلا أن الأمر يتطلب ضبط الوقت والأفكار المطروحة لأن الحوار يذهب أحياناً إلى أماكن أخرى ويخرج عن السكة التي وضع عليها.
ولعل أهمية ذلك كله تأتي من أن مؤسسات الإدارة المحلية هي الرابط المباشر بين المواطن والدولة وربما الأكثر أهمية هنا التذكير بما قاله السيد الرئيس بشار الأسد بأن أهم خطوات التطوير تتم عن طريق الإدارة المحلية، وإن القسم الأكبر من المشكلات والمقترحات يمر عبر الإدارة المحلية ويجب أن يكون لهذه الإدارة دور مباشر فيها لأن المواطن يرى الدولة بشكل يومي من خلال الإدارة المحلية. والأمر الآخر هو أن الطموحات يجب أن تكون مرتبطة بالواقع، والحلول يجب أن تنطلق من خلال أولويات معينة تبدأ من المشكلات الأكثر إلحاحاً التي يحددها المواطن، ولذلك لا بد من التعمق في الاتجاه التنموي والبحث عن موارد للوحدات الإدارية لأن تأمين الواردات هو المشكلة الأكبر بالنسبة للإدارة المحلية، ففي الماضي كانت النظرة لهذه الإدارة دائماً على أنها خدمية وليست تنموية ولكن لا بد من البدء في الاتجاه التنموي والبحث عن موارد ولا يوجد شيء يمنع الإدارة المحلية في أن تكون مرنة وحرة في اتخاذ القرارات الاقتصادية على طريقة القطاع الخاص بما يؤدي لخلق موارد وفرص عمل للمواطنين في الوقت نفسه. ولا اختلاف على أن مجلس المحافظة يستطيع أن يفعل ذلك كله بدءاً من التخطيط وطرح المبادرات وتفصيل المتطلبات الملحة على قياس الإمكانات والاحتياجات لأن المجالس المحلية هي برلمانات محلية وأصحاب القرار فيها هم أعضاء المجالس.