اكفونا شَرَّكم!
| حسن م. يوسف
منذ أن بدأت ذئاب العالم حربها الإجرامية على بلدي الحبيب سورية قبل نحو خمسة أعوام لا يمر يوم إلا وأردد فيه أبيات يوسف بن محمد يوسف المعروف بالنحوي التلمساني. (1041-1119م.)
«اشتَدَّي أزمَةُ تَنفَرِجي قَد آذَنَ لَـيـلُـكِ بِالـبَـلَـجِ
وَظَلامُ اللَّيلِ لَهُ سُرُجٌ حَتّى يَغشَاهُ أبو السُـرُجِ
وَسَحَابُ الخَيرِ لَهَا مَطَرٌ فَإِذَا جَاءَ الإِبــّـانُ تَـجي»
والحق أنني غالباً ما كنت أردد هذه الأبيات من باب التمني، إلا أنني أرددها اليوم وأنا موقن بقرب الفرج، فقد أدركت ذئاب الدول الطامعة الحاقدة أن سورية هي قلب العالم؛ اختلالها يعني اختلاله كما قد يعني زوالها زواله. لذا صوَّت مجلس الأمن الدولي أمس الأول الجمعة على القرار 2254 القاضي بوضع خطة لإحلال السلام في سورية. وحظي القرار بموافقة جميع أعضاء مجلس الأمن الدائمين والمؤقتين! وأهم ما جاء في قرار المجلس هو «أن تقرير مستقبل سورية هو بيد الشعب السوري».
رغم ذلك فقد طالب وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس مقدم العرائض السابق في مجلس الدولة الفرنسي بـ«ضمانات» بأن الرئيس السوري بشار الأسد سيرحل… الخ. والحقيقة أن الشيء الوحيد الذي يبرر لفابيوس دس أنفه في الشأن السوري هو أن يكون سورياً بشكل ما، وهذا أمر مستحيل، اللهم إلا إذا كان أحد أجدادنا الذين ثاروا على الاحتلال الفرنسي وخرجوا بتظاهرات تهتف: «ديغول خبّر دولتك باريس مربط خيلنا» قد نفذ وعيده فقطع الفيافي والقفار، وعبر الغابات والأنهار، ووصل إلى باريس عاصمة الحب والأنوار، حيث ربط حصانه وحل دكة شرواله! والحقيقة أن مظهر فابيوس يرجح هذا الاحتمال، فأنا أعرف خمسة رجال سوريين يشبهونه، جسدياً، إلى حد بعيد!
المغيظ في الأمر هو أن فابيوس لم يكتف بمناقضة القرار الذي صوتت دولته بالموافقة عليه، بل صرح أنه في حال استمرار الحكم الحالي فإن «إجراء مصالحة حقيقية ودائمة بين الشعب والدولة السورية أمر بعيد المنال». والتفسير الواقعي والحقيقي لهذا الكلام الدبلوماسي هو أن دولة فرنسا ستعمل كل ما بوسعها لجعل المصالحة بين السوريين بعيدة المنال!
صحيح أنني كاتب مستقل وليست لي أي صفة أخرى، إلا أنني أود أن ألفت انتباه السيد فابيوس إلى أننا نحن السوريين قد احتفلنا في الأول من نيسان هذا العام برأس السنة السورية 6765، وإذا لم يعبئ هذا الكلام رأسه، أنصحه أن يقوم في أقرب رحلة له إلى أميركا بالذهاب إلى مدينة نيو هيفن في ولاية كونتيكوت الأميركية والتوجه إلى متحف جامعة ييل حيث يمكنه أن يرى هناك رؤية العين حذاء من الجلد الطبيعي لطفل سوري من مدينة دورا أوروبوس، التي كانت ميناء لمملكة تدمر السورية على نهر الفرات، فقد أثبت تحليل الكربون المشع أن ذلك الحذاء تم صنعه بين العامين 200 و254 ميلادية أي قبل قرابة 1800 عام… أي قبل قرون من نشوء دولته، ومعظم «الدول» الكريهة التي تحاول الهيمنة على سورية وقرارها المستقل!
المغيظ في الأمر هو أن من يسمع الأخبار يظن أن الغرب لا ينام الليل من فرط قلقه علينا نحن السوريين، والحق أن هذا يذكرني بطرفة الديك الذي عطس فقال له الثعلب: اسم الله! فرد الديك على الثعلب قائلاً: أنت اكفني شرك وأنا بخير من الله! نعم: اكفونا شركم!