ثقافة وفن

في ظروف إبداعية داعمة.. حاضنة جديدة لحرفيي «التكية السليمانية» … راما الشيخ لـ«الوطن»: عملية النقل لم تكن خياراً بل ضرورة حتى ننقذ هذا التراث المهم

| سارة سلامة- تصوير: مصطفى سالم

تشكل التكية السليمانية في دمشق معلماً أثرياً محبباً إلى قلوب أهل العاصمة ربما لأنها تحمل ذاكرتهم الاجتماعية ولطالما كانت مقصداً لهم، كما احتضنت بين جدرانها منذ السبعينيات أهم الحرف والحرفيين، وما إن أغلقت أبوابها إيذاناً بعمليات الترميم حتى شهدنا حملات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرة ذلك لخصوصيتها عند السوريين وبتوقعات عديدة بألا تعود كسابق عهدها، الأمر الذي أثار مخاوف الحرفيين والمهتمين بالتراث من تغيير هويتها وتفريغها من تاريخها وإرثها.

وزارة السياحة بدورها أمنت حاضنة جديدة للحرفيين تحدثنا أكثر عنها فيما يلي:

ننقذ التراث المهم

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قالت مديرة التطوير السياحي في وزارة السياحة راما الشيخ: «نحن الآن نجهز الأماكن لاستقبال أربعين حرفياً كانوا بالتكية السليمانية تم نقلهم إلى حاضنة دمر، يوجد بعض الأماكن جاهزة وتوجد صالات كبيرة نقوم بتقطيعها إلى عدة محلات تكفي الحرفيين وكل واحد حسب طبيعة عمله والأدوات اللازمة له، الحرفي الذي يعمل بيده لا يهمّ عنده المكان طالما أن هناك بنى تحتية تساعده على إنجاز عمله، أما بالنسبة لرواد المكان فسنؤمن باصات من جسر الرئيس للحاضنة وبالعكس، أيضاً وجهنا المكاتب السياحية والسفر أن تكون زيارة الحاضنة جزءاً من برنامج الرحلات للمكاتب».

وأضافت الشيخ: إن «عملية النقل لم تكن خياراً بل كانت ضرورة من أجل الترميم حتى ننقذ هذا التراث التاريخي المهم، أما المنتقدون له فأنصحهم بتقديم الدعم للحرفيين وأتوجه لكل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المتعاطفة مع الحرفيين أن يأتوا إلى هنا ويزوروا المكان ويساعدوا الحرفيين ويشتروا من منتجاتهم».

طابع تراثي

ومن جهته بيّن مدير حاضنة دمر المركزية للفنون الحرفية لؤي شكو أنه «منذ نحو أسبوعين وصلتنا قوائم بأسماء حرفيي التكية الراغبين في الانتقال إلى حاضنة دمر، وهي باهتمام وزارة السياحة واتحاد غرف السياحة، وتم تشكيل لجنة بهذا الخصوص لدراسة احتياجات كل حرفي لتخصيصه بمشغل من مشاغل الحاضنة الحرفية، التي تمتلك ترخيصاً سياحياً وتجارياً وإدارياً، وتبعد التكية عن الحاضنة نحو 8 كيلو مترات».

وأضاف شكو: إننا «لم نخرج من عباءة التراث حيث إن الحاضنة لها طابع تراثي وتاريخي علماً أنها كانت لمعمل زجاج دمر القديم الذي يعود للعام 1960.

ووزارة السياحة عندما تريد أن تؤمن بديلاً لحرفيي التكية يجب أن يكون المقر مرخصاً ترخيصاً سياحياً أو تجارياً يستطيع أن يستمر فيه هذا الحرفي، لذلك إعطاء الصفة السياحية للحاضنة وأهدافها الموجودة بالسجلات التجارية والحرفية يناسب أي حرفي».

حملة دعائية

وبيّن رئيس شعبة المهن التراثية في «اتحاد غرف السياحة السورية عرفات أوطه باشي أن: «نتيجة عملية الترميم في التكية السليمانية تم التنسيق بين وزارة السياحة وبين الحرفيين في التكية السليمانية لنقلهم إلى مكان بديل، وتم تأمين هذا المكان البديل بحاضنة دمر الحرفية، حيث يوجد أربعون حرفياً سيتم نقلهم للاستمرار والمساعدة مع الحرفيين الذين هم بالأساس موجودون، فأصبح مركز الحرفيين في هذا المكان، وهو بحاجة لأسبوعين حتى يتم تجديده ونقل معظم منتجاتهم الحرفية إلى المستودع؛ ولاشك أن دعم وزارة السياحة مستمر لهذا المكان الذي أخذ الصفة السياحية كما التكية، وتم تأمين باص لنقل الحرفيين ولنقل جميع الزائرين إلى هذا المكان من وزير السياحة، وسيكون هناك مكان لعرض المنتجات في جميع الفنادق إضافة إلى المعارض الداخلية والخارجية التي ترعاها وزارة السياحة وسنعمل على دعم الحرفيين بشكل كامل، أيضاً كاتحاد غرف السياحة السورية سنشارك في هذا المجال وهناك فكرة لفتح مقر لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن الحاضنة».

أما بالنسبة لعودة الحرفيين فكما نعلم أن التكية مكان تراثي وأثري مميز لذلك لن يعود إلا كل حرفي متميز إلى هناك، وبالنسبة للحملة التي تعرضنا لها على مواقع التواصل الاجتماعي نظرنا للجانب الإيجابي منه حيث قدموا حملة دعائية وسلطوا الضوء على الحاضنة من حيث لا يدرون».

يزيد الإبداع

وأكد أمين سر هيئة مدربي حاضنة دمر للفنون الحرفية عدنان تنبكجي: «سنعمل على استقبال ضيوفنا وزملائنا الحرفيين في هذه الحاضنة، وأنا برأيي هذا المكان مناسب جداً لهم وفيه بنى تحتية جيدة لذلك نرحب بهم جميعاً، وبالحقيقة سيزيد الإبداع إبداعاً بقدومهم ونتبادل الثقافات الحرفية لذلك فإن المكسب مع الجميع».

لها روادها

ومن جانبه بيّن الحرفي بسام صيداوي وهو شيخ كار في الجلديات أنه: «بسبب الترميم انتقلنا إلى هنا ولاحظت أن المحلات أكبر من التكية ومخدمة بشكل جيد ورحب بنا الجميع بكل محبة، ولا شك أن الحرف اليدوية أينما ذهبت لها روادها الذين يأتونها من كل صوب، لكن لابد أن تقام دعاية قوية للمكان كي تعرفه الناس».

وسميت التكية السليمانية نسبة إلى السلطان سليمان القانوني الذي أمر ببنائها عام 1554 في الموضع الذي كان يقوم عليه قصر الظاهر بيبرس المعروف باسم قصر الأبلق في مدينة دمشق.

وكان الغرض من إنشائها إيواء الفقراء وإطعامهم حيث إن كلمة تكية باللغة التركية تعني المطعم العمومي للفقراء والدراويش يأكلون فيه وقد يبيتون.

والتكية من تصميم المعماري التركي معمار سنان، أشهر معماري عثماني. وأشرف على بنائها المهندس ملا آغا. بدأ بناؤها سنة 1553 وانتهى سنة 1559 في عهد الوالي خضر باشا، أما المدرسة الملحقة بها فتم بناؤها سنة 1566 في عهد الوالي لالا مصطفى باشا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن