خطوات سياسية عربية على طريق التواصل مع الحكومة السورية … مصادر لـ«الوطن»: التحرك الإماراتي الأخير هدَف لاستعادة الدفء السياسي بين العواصم العربية
| سيلفا رزوق
أعادت تصريحات وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان التي تحدث فيها عن عمل قائم لإيجاد طريقة للتواصل مع الحكومة السورية وبطريقة تقدم تحركات ملموسة نحو حل سياسي، ملف العلاقات السورية السعودية إلى الواجهة مجدداً.
الوزير السعودي الذي التقى مؤخراً المبعوث الأممي غير بيدرسون لبحث العملية السياسية في سورية، في خطوة سعودية مستجدة على هذا المسار، كشف في تصريحاته التي أدلى بها لتلفزيون «بلومبيرغ» الأميركي عن تحركات تجري في هذا الإطار معلناً أن هذا «سيتطلب بعض العمل».
الحديث السعودي الذي لم يأتِ بطبيعة الحال بمحض المصادفة، أعقب سلسلة من التحركات سعت بمجملها لاستعادة عافية العلاقات السورية العربية والسورية السعودية على وجه الخصوص، ولاسيما الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي عبد اللـه بن زايد لسورية ولقائه مع الرئيس بشار الأسد.
مصادر متابعة لما يجري على خط التحركات العربية الأخيرة تجاه دمشق بيّنت لـ«الوطن»، بأن الزيارة الإماراتية الأخيرة جاءت في إطار استعادة العلاقات العربية السورية ولاسيما إحداث خرق سياسي على خط دمشق الرياض، وهو ما كشف عن بعض عناوينه بطبيعة البيان الرئاسي السوري الذي صدر عقب استقبال الرئيس الأسد لوزير الخارجية الإماراتي، والذي كان واضحاً لجهة تركز اللقاء على أهمية عودة العلاقات الثنائية بين الجانبين إلى عمقها الذي اتسمت به وعلى الدور الإيجابي للإمارات في المنطقة العربية.
المصادر أشارت إلى الدور المهم الذي يمكن أن تقوم به الإمارات على خط دمشق الرياض، لافتة إلى أن الرسالة التي أرسلها وزير الخارجية الإماراتي لنظيره السعودي فيصل بن فرحان بعد زيارته لدمشق بساعات، شكلت دلالة مهمة أخرى على مضمون التحرك الإماراتي، علماً أن بعض الخطوات الإيجابية كانت حضرت بين دمشق والرياض قبيل زيارة بن زايد ومنها زيارة مدير إدارة المخابرات العامة اللواء حسام لوقا للعاصمة السعودية، إضافة للبيان الذي صدر عن لجنة المتابعة والتشاور السياسي السعودية المصرية، التي عُقدت في الرياض الشهر الفائت التي أكدت دعم البلدين للحل السياسي في سورية، ورفض أي تهديدات بعمليات عسكرية تمس الأراضي السورية، كما رُفع العلم العربي السوري في شوارع الرياض خلال القمة العربية الصينية، وأعلنت الخارجية السورية بأن «لا مانع سياسي» من استيراد المواد المصنعة في السعودية، في خطوة بدت أنها اقتصادية لكنها حملت بُعداً سياسياً واضحاً.
وبيّنت المصادر أن المؤشرات السياسية الصادرة مؤخراً عن عواصم دول الخليج ومنها الموقف من الحرب الأوكرانية والعلاقة مع الصين تدلل بأن هذه العواصم بدأت بكسر ما كان يعتبر في السابق خطوطاً حمراً أميركية واتخاذ سياسات قائمة على مصالحها السياسية بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن السعي لعودة الدفء لعلاقاتها مع دمشق ربما يكون أحد العناوين الحاضرة التي تصب في النهاية في مصلحة هذه الدول بالدرجة الأولى.
وربطت المصادر بين التصريح الأميركي الأخير على لسان مستشار وزارة الخارجية الأميركية ديريك شوليه، حول وجود خلافات مع السعودية يجري الحديث عنها بشكل «واضح وصريح»، وإعلانه من جديد موقف واشنطن الرافض لأي جهود لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية.
وبخصوص التكهنات الإعلامية التي ربطت بين التحرك الإماراتي وبين رغبة أبوظبي أن تكون طرفاً في الوساطة التي تقوم بها موسكو بين دمشق وأنقرة، وصفت المصادر كل هذه التكهنات بأنها ابتعاد عن العنوان الرئيس والأهم لزيارة بن زايد لدمشق وهو عنوان التحرك على خط استعادة العلاقات السورية العربية، وتحسين الأجواء القائمة.
مصادر «الوطن» تشير في هذا الإطار إلى أن الوساطة منذ البداية أطلقتها روسيا، وهي المعنية بشكل أساسي في كيفية إدارتها، وبما يضمن تحقيق النتائج المرجوة منها، علماً أن الدول العربية معنية أيضاً وبالضرورة بأي تطور قد يطرأ على العلاقات السورية التركية وهي لا ترغب بالتأكيد أن تكون بعيدة عن هذا الملف.
وتشير مصادر «الوطن» إلى أنه ووفقاً لهذه المعادلة فإن احتمال استضافة أبو ظبي للقاء الثلاثي بين وزراء خارجية سورية وروسيا وتركيا تبدو غير واردة، أقله في هذه المرحلة، رغم أن باب التحركات السياسية يبقى مفتوحاً طالما أنه سيحقق الأهداف المنشودة.